برزت ملامح جديدة في المشهد السينمائي العربي خلال عام 2022، من شأنها أن تصوغ تفاصيل مختلفة بخريطة السينما مستقبلًا، مع طموحات بغدٍ أفضل، تستند إلى إيرادات مرتفعة وإنتاجات أكثر غزارة.
ورغم قلة الإنتاجات السينمائية المصرية الصادرة، إلا إنها تحتفظ بكونها صاحبة اليد العليا رقمياً سواء من ناحية العدد البالغ 28 فيلماً، أو الإيرادات التي تخطت إجماليا 500 مليون جنيه مصري، وكان لفيلم "كيرة والجن" النصيب الأكبر بنحو 119 مليوناً و750 ألف جنيه، ليصبح فيلم أحمد عز وكريم عبد العزيز صاحب أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية ويحقق رقماً قياسيًا جديدًا.
الرقم الجديد لفيلم "كيرة والجن" من شأنه أن يزيد طموح صنّاع السينما المصرية في إنتاج أفلام ذات ميزانية مرتفعة قادرة على أن تحقق عوائد مادية تدخل بها نادي الـ100 مليون، التي تضم أيضًا فيلما "الفيل الأزرق 2" و"ولاد رزق 2".
عودة فنانين للسينما المصرية
العام السينمائي المصري 2022 شهد عودة أحمد حلمي بفيلم "واحد تاني" محققًا 63 مليون جنيه، وتلاه في الترتيب تامر حسني بـ"بحبك" محققا 55 مليوناً، وبفارق بسيط جاء محمد إمام بفيلم "عمهم"، وأيضًا عادت دنيا سمير غانم إلى دور السينما بعد فترة غياب طويلة بسبب وفاة والديّها سمير غانم ودلال عبد العزيز، إذ عرض لها "تسليم أهالي" محققًا نحو 30 مليون جنيه، وأيضًا عودة حسن الرداد بفيلم "تحت تهديد السلاح".
سينما دول الخليج العربي
أما فيما يتعلق بسينما دول الخليج العربي، فالمشهد يختلف من دولة لأخرى، فهناك من يحاول الانتصار على واقع أليم، وتمثلها السينما العراقية التي رفعت إنتاجها إلى 12 فيلمًا، منها "عروس المطر"، و"تذكرة قتل" و"آخر السعاة"، ورغم أن بعضها لم يُعرض في العراق واكتفت بالمنافسة في مهرجانات سينمائية، وأخرى ليست إنتاجًا عراقيًا خالصًا، لكنه يبقى في النهاية رقمًا مُبشرًا قياسًا بما تعانيه صناعة السينما العراقية من مشكلات تتعلق بالتمويل، وقلة الإنتاج في الفترة الأخيرة.
ورغم هذه الأزمات نجحت السينما العراقية أن تخطف جوائز بمهرجانات سينمائية وتنال إعجاب النقاد، ومنها فيلم "جنائن معلقة" الذي نال جائزة اليُسر الذهبي بمهرجان البحر الأحمر السينمائي بالسعودية، وأيضًا جائزة مبادرة Final Cut، التابعة لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي.
أما السينما السعودية فتشهد محاولة شديدة لزيادة الإنتاج ودعم الصناعة، ومنها فيلم "أغنية الغراب" للمخرج محمد سلمان، الذي رشحته المملكة ضمن القوائم المبدئية التي ترسلها الدول للمنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي في جوائز الأوسكار، لكنه لم يدخل ضمن القوائم المختصرة التي أعلنت مؤخرًا.
كما تم عرض فيلم "قريقعان" للمخرج حيدر سمير في رابع تجاربه السينمائية، وبقصة مستوحاة من الفيلم الإسباني Campeones، كما شهدت دور السينما السعودية عرض "الأبطال"، والذي يدور حول تولي شاب مغرور تدريب فريق كرة قدم مكون من لاعبين يعانون من إعاقة ذهنية.
السينما اللبنانية
وألقت الأزمات التي يشهدها لبنان بظلالها على الشرائط السينمائية الصادرة، وأطلقت مؤسسة "سينما لبنان" مبادرة بتمويل من الاتحاد الأوروبي، تسعى من خلالها إلى إحياء الإنتاج السينمائي.
لكن حاولت أفلام لبنانية أن تُزيّن المشهد العام، ومنها "دفاتر مايا" للمخرجين جوانا حاجى توما وخليل جريج، الفائز بجائزة سعد الدين وهبة بمهرجان القاهرة السينمائي، والفيلم اللبناني "فرح" إخراج حسيبة فريحة وكنتن أوكسليا، الفائز بجوائز عدة منها جائزة أفضل عمل أول، وجائزة محمود عبد العزيز لأفضل إخراج فني بمهرجان الإسكندرية السينمائي، كما تم عرض عدة أفلام منها "عا أمل تجي" و"ع مفرق طريق" و"طرف تالت".
السينما الفلسطينية
أضفى فيلم "علم" للمخرج فراس خوري بريقًا على السينما الفلسطينية، ونال إشادة كبيرة بالأوساط النقدية، ونال جائزة الهرم الذهبي لأفضل فيلم بمهرجان القاهرة السينمائي، إضافة إلى جائزتي أفضل ممثل لبطله الفلسطيني محمود بكري، وجائزة الجمهور.
من بين الأفلام الفلسطينية هذا العام، كان فيلم "حمى البحر المتوسط" تأليف وإخراج مها الحاج، ورُشح الفيلم من قبل وزارة الثقافة الفلسطينية ليمثّل في المنافسة على أفضل فيلم أجنبي في جوائز الأوسكار، لكنه أيضًا لم يدخل ضمن القوائم المختصرة التي تم إعلانها مؤخراً.
السينما التونسية.. 100 عام إبداع
واحتفلت الأوساط الثقافية والسينمائية في تونس بمرور 100 عام على انطلاق السينما التونسية، إذ عُرض أول فيلم تونسي قصير بعنوان "زهرة" يوم 21 ديسمبر عام 1922، لذا نظمت وزارة الشؤون الثقافية التونسية الاحتفال الوطني بمئوية السينما بمدينة الثقافة الشاذلي القليبي بوسط العاصمة، ومن المقرر أن يتواصل الاحتفال عبر عدد من الفعاليات بمختلف أنحاء البلاد على مدار عام كامل.
أما جارتها السينما المغربية، فيأمل صُناعها في أن يصل فيلم "القفطان الأزرق" إلى القائمة النهائية للأفلام المتنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي، إذ يتبقى للشريط السينمائي خطوة واحدة ويصبح أول فيلم مغربي يصل للأوسكار.
وفيما يتعلق بالسينما الجزائرية فقد ظهرت على منصة الجوائز، بفيلم "سولا" الفائز بجوائز عدة منها "السوسنة السوداء" لأفضل فيلم روائي عربي طويل في مهرجان عمان السينمائي الدولي، وأفضل فيلم روائي طويل بمهرجان الإسكندرية السينمائي.
كما نال الفيلم الجزائري "جنيّة" الجائزة الكبرى لمهرجان الفيلم المغاربي، وأيضًا حلت السينما الجزائرية ضيفة شرف على مهرجان فاميك للفيلم العربي بفرنسا.