شهد عام 2022 عودة الحياة بشكلها الطبيعي، مما انعكس على مناحي الحياة المختلفة والعديد من المجالات منها بطبيعة الحال مجال صناعة السينما الذي يعتمد بشكل أساسي على تفاعله مع الجمهور، حيث فتحت دور العرض أبوابها من جديد، وأقيمت المهرجانات السينمائية العالمية بشكلها الفعلي على أرض الواقع وحضر أبطالها لمناقشة الجمهور حول الأفلام بعد عرضها، إلى جانب عودة تنفيذ الأفلام بشكلها الطبيعي مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا ومتحوارته.
إقبال جماهيري
كان من أبرز ملامح هذا العام سينمائيًا الإقبال الجماهيري الكبير على حضور الأفلام في دور العرض حتى تلك الأفلام التي طُرحت لأسابيع قليلة قبل عرضها على المنصات الإلكترونية، وهو ما يعكس تعطش الجماهير لمُشاهدة الأفلام في دور العرض، بل وتعطش النجوم أيضًا للأمر نفسه حيث هدد النجم توم كروز شركة Paramount المنتجة لفيلمه الأخير Top Gun: Maverickبمقاضاتها في حالة إصرارها على رفع الفيلم من دور العرض بعد أسبوعين فقط من طرحه لبدء عرضه على منصتها للمشاهدة المباشرة، مما يُعد مخالفة صريحة لبنود العقد الذي أبرمه معها وتنص على منح الفيلم فرصته بدور العرض لمدة ثلاثة أشهر، هذا التهديد الذي جاء في صالح الفيلم حيث جعله يتربع على عرش إيرادات عام 2022 حيث حقق الفيلم حتى يوم 28 ديسمبر الجاري ما يقرُب من مليار ونصف دولار تحديدًا 1,486,657,763 على مستوى العالم.
ثم يليه في إيرادات شباك التذاكر العالمي فيلم المخرج جايمس كاميرون Avatar: The Way of Water الذي كان قد طال انتظاره وطُرح في دور العرض منذ عدة أيام متخطيًا المليار دولار بكسور قليلة، وفي المرتبة الثالثة يأتي فيلم Jurassic World: Dominion للمخرج كولين تريفورو والذي حقق ما يقرُب من المليار دولار، ثم يأتي فيلم Doctor Strange in the Multiverse of Madness في المرتبة الرابعة بتحقيقه أكثر من 955 مليون دولار، أما في المرتبة الخامسة يأتي فيلم Minions: The Rise of Gru محققًا ما يقرُب من 939 ونصف مليون دولار.
المهرجانات السينمائية
مهرجان كان
شهد عام 2022 أيضًا عودة أغلب المهرجانات السينمائية إلى شكلها الواقعي بعد تنظيم معظمها بشكل افتراضي على شبكة الإنترنت، من بينها المهرجانات الخمسة الكبرى على رأسها مهرجان كان السينمائي الدولي، الذي انعقد في الفترة من 17 وحتى 29 مايو، وكرّم الممثل توم كروز بعرض فيلمه Top Gun: Maverick عالميًا للمرة الأولى، حيث تسلّم الممثل سعفة ذهبية تكريمية بشكل مفاجئ.
مهرجان فينيسيا
أما مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي فقد انعقد فعليًا في الفترة من 31 أغسطس وحتى 10 سبتمبر، وترأست لجنة تحكيم مسابقته الرئيسية الممثلة الأمريكية جوليان مور.
افتتح المهرجان عروضه بفيلم White Noise للمخرج نواه بومباك، في حين فاز الفيلم الوثائقي All the Beauty and the Bloodshed بجائزة الأسد الذهبي للمهرجان، وكرّم المهرجان كلًا من كاتب السيناريو والمخرج الأمريكي بول شرايدر والممثلة الفرنسية كاترين دونوف بجائزتي الأسد الذهبي عن مسيرتهما المهنية الحافلة.
مهرجان برلين
كما انعقد بشكل فعلي أيضًا مهرجان برلين السينمائي الدولي في الفترة من 10 وحتى 20 فبراير، وافتتح الفيلم فعالياته بعرض أحدث أفلام المخرج الفرنسي الشهير فرانسوا أوزو Peter von Kant، كما كرّم الممثلة الفرنسية الكبيرة إيزابيل أوبير بمنحها جائزة الدب الذهبي كتكريم لها عن مشوارها الفني الطويل، وفاز الفيلم الإسباني Alcarràs للمخرجة كارلا سيمون بجائزة الدب الذهبي.
مهرجان لوكارنو
كما عاد مهرجان لوكارنو أحد أهم وأقدم المهرجانات السينمائية في العالم واقعيًا للاحتفال بيوبيله الماسي في الفترة من 3 إلى 13 أغسطس.
افتتح المهرجان عروضه بفيلم Bullet Train للمخرج الأمريكي ديفيد ليتش، وعرض في المُجمل 226 فيلمًا من بينها 105 أفلام شهدت عروضها العالمية الأولى من خلال المهرجان، وقد فاز فيلم Rule 34 بجائزة الفهد الذهبي.
مهرجان كارلوفي فاري
وعاد أيضًا المهرجان التشيكي العريق كارلوفي فاري للانعقاد بشكله الفعلي حيث انعقد في الفترة ما بين 1 إلى 9 يوليو، حيث عرض المهرجان ما يقرُب من 170 فيلمًا من بينها 35 فيلمًا شهدت عرضها العالمي الأول من خلال أقسام المهرجان المختلفة، 108 أفلام روائية طويلة و24 فيلمًا وثائقيًا طويلًا و38 فيلمًا قصيرًا.
حضر المهرجان 530 صحفيًا و414 صانع أفلام و931 من العاملين بمجال صناعة السينما من منتجين وموزعين ومبرمجي مهرجانات، وبيعت أكثر من 121 ألف تذكرة.
وفاز الفيلم الإيراني الكندي Summer with Hope بجائزة كريستال جلوب، وكرّم المهرجان النجم العالمي جيفري راش لمساهماته الفنية المتميزة في السينما العالمية.
منصات العرض المباشرة
ازدهرت منصات العرض المباشرة للأفلام خلال عامي 2020 و2021 نتيجة لانتشار وباء كوفيد 19 وحقق بعضها أرباحًا خيالية نتيجة لإقبال الجمهور عليها لمشاهدة الأفلام عوضًا عن الذهاب إلى دور العرض، الأمر الذي لم يكن ممكنًا في تلك الفترة نتيجة للإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعي للحد من انتشار الوباء.
وفي عام 2022 تغيرت خريطة المنصات بشكل مُلفت حيث فقدت منصة "نتفليكس" على سبيل المثال أكثر من مليون مشترك نتيجة لعدم رضاهم على محتوى بعض الأفلام والمسلسلات التي تنتجها المنصة، حيث أرجع البعض هذا التراجع إلى عدم رضى المشتركين أيضًا عن سياساتها مع موظفيها ورفدهم بشكل تعسفي لاعتراض بعضهم على المحتوى أيضًا، أو لانتقادهم بيئة وشروط العمل في الشركة بشكل عام، بينما تحاول المنصة إصلاح الموقف بشتى الطرق منها سواء بإنتاج محتوى غير خلافي أو بعمل مواسم جديدة من المسلسلات الأكثر رواجًا ومشاهدة على المنصة، حيث يتوقع العديد من خبراء الإعلام بأن يصل عدد المشتركين الذين ستفقدهم المنصة إلى 2 مليون مشترك بحلول الربع الأول من عام 2023.
ويتزامن التراجع الذي تعاني منه نتفلكس مع تميز ملحوظ لمنصات عديدة منها Apple TV Plus التي تهتم جدًا بمضمون ومحتوى المسلسلات والأفلام التي تنتجها على حساب كثرة المنتج، ولكن يظل اشتراكها المرتفع نسبيًا عن باقي منصات العرض المباشر ما يجعلها ليست في مرتبة متقدمة، كما هو الحال مع منصة HBO وHBO Max المشهود لها بالتميز الشديد لمحتواها خاصة الوثائقي منه.