لاستغلال قدراته في التفاوض، انتقل ميشيل بارنييه، من دوره كمفاوض رئيسي للاتحاد الأوروبي في مفاوضات خروج بريطانيا "البريكست" إلى منصب رئيس الوزراء في فرنسا، وفي أول ظهور إعلامي له بعد تعيينه في هذا المنصب الرفيع، كشف بارنييه عن رؤيته للمرحلة المقبلة، وأهم القضايا التي ستشغل حكومته.
حقبة جديدة
أكد ميشيل بارنييه، البالغ من العمر 73 عامًا، أن الحكومة الفرنسية تدخل "حقبة جديدة" تحت قيادته، موضحًا أن الرئيس إيمانويل ماكرون كلفه بـ"تشكيل حكومة توافقية لخدمة البلاد".
وأشار بارنييه إلى أن اختياره لهذا المنصب يرجع إلى "قدرته على التفاوض، وجمع الناس معًا، واحترامهم والاستماع إليهم".
موقفه من الجبهة الوطنية
في إشارة إلى التحديات السياسية التي تواجهه، أكد بارنييه أنه "يحترم" الـ11 مليون ناخب الذين صوتوا لحزب التجمع الوطني (الجبهة الوطنية سابقًا)، لكنه أضاف أنه "ليس لديه شيء مشترك أو القليل المشترك مع أطروحات أو أيديولوجيات" هذا الحزب اليميني المتطرف.
وتجدر الإشارة إلى أن بقاء بارنييه في منصبه مرهون بعدم تقديم حجب الثقة عنه في البرلمان.
إصلاح نظام التقاعد
وفقًا لما ذكرته صحيفة لوموند، تطرق بارنييه إلى قضية إصلاح نظام التقاعد المثيرة للجدل، والتي أثارت احتجاجات واسعة في فرنسا العام الماضي.
وقال رئيس الوزراء الجديد إنه يريد "فتح النقاش" من أجل "تحسين" القانون الحالي، مضيفًا: "سأفتح النقاش حول تحسين هذا القانون للأشخاص الأكثر ضعفًا، وسأفعل ذلك مع الشركاء الاجتماعيين".
أولويات الحكومة الجديدة
في حديثه عن أولويات حكومته الجديدة، حدد ميشيل بارنييه عدة محاور رئيسية ستشكل محور عمل فريقه الوزاري في المرحلة المقبلة، وفقًا لما نقلته صحيفة لوموند الفرنسية، مؤكدًا ضرورة السيطرة على تدفقات الهجرة من خلال إجراءات ملموسة وفعالة، إذ إن هذا الملف الحساس يعتبر من أكثر القضايا إثارة للجدل في فرنسا، ويبدو أن بارنييه يضعه على رأس أولوياته لتهدئة المخاوف المتزايدة في المجتمع الفرنسي.
وفي السياق الاقتصادي، شدد بارنييه على أهمية تعزيز قيمة العمل في المجتمع الفرنسي، ويأتي هذا التوجه في إطار سعي الحكومة لتحفيز النمو الاقتصادي وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد الفرنسي.
كما أكد رئيس الوزراء التزامه بعدم زيادة الدين العام، وهو تعهد يعكس رغبة الحكومة في ضبط الإنفاق العام وتحقيق الاستقرار المالي.
وفيما يتعلق بالخدمات العامة، أولى بارنييه اهتمامًا خاصًا بتحسينها، لا سيما في المناطق الحضرية والريفية على حدٍ سواءٍ، مشيرًا بشكل خاص إلى ضرورة معالجة مشكلة "المناطق الطبية المحرومة"، مؤكدًا أهمية تحسين الخدمات الصحية والإسكان، ما يعكس وعي الحكومة بالتفاوتات القائمة في توزيع الخدمات العامة بين مختلف مناطق فرنسا.
وأضاف بارنييه بعدًا جديدًا إلى أولويات حكومته بالإشارة إلى أهمية معالجة "الدين البيئي"، ما يُشير إلى التزام الحكومة الفرنسية الجديدة بالقضايا البيئية والتنمية المُستدامة، وهي قضايا تحظى باهتمام متزايد على الصعيدين الوطني والدولي.
من خلال هذه الأولويات المتنوعة، يبدو أن بارنييه يسعى إلى رسم خارطة طريق شاملة لحكومته، تجمع بين معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية الملحة، مع الحفاظ على الاستدامة المالية والبيئية للبلاد.
العدالة الضريبية والنمو
في سياق حديثه عن العجز العام المتزايد، الذي من المتوقع أن يصل إلى 5.6% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، قال بارنييه إنه "لا يستبعد مزيدًا من العدالة الضريبية".
وأضاف: "سأسعى، مع الوزراء الذين سيتم تعيينهم، إلى تحسين إدارة واستخدام الأموال العامة والاعتماد على خدمات عامة فعّالة".
وشدد بارنييه على أهمية تحقيق النمو الاقتصادي، قائلًا: "النمو لا يأتي من السماء، ولا يأتي من الإدارة، بل يأتي من الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، والمزارعين، والصيادين، وتجارتنا الخارجية".
العلاقة مع ماكرون
أكد بارنييه على استقلالية الحكومة في اتخاذ القرارات، قائلًا: "الحكومة مسؤولة، وهناك استقلالية، الحكومة ستحكم وسأفعل ذلك بتفاهم جيد مع رئيس الجمهورية بالطبع".
وأشار إلى أنه كان في "معارضة" مع ماكرون في السابق، لكنه صوت له "طواعية وبدون مشاكل في الجولة الثانية" في انتخابات 2017 و2022 ضد مارين لوبان.