في مواجهة سياسية تاريخية، تتأهب المرشحة الديمقراطية في الانتخابات الأمريكية كامالا هاريس لخوض مناظرة قد تكون الأهم في حياتها السياسية مع منافسها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب.
ستعقد المناظرة في فيلادلفيا، حيث تتطلع هاريس لإثبات قدرتها على قيادة البلاد في ظل تساؤلات الناخبين حول مستقبلها وأجندتها السياسية، وفي الوقت نفسه، يعد هذا اللقاء محطة مفصلية في مسار الحملة الانتخابية الرئاسية، التي تدخل أسابيعها الأخيرة، مع ارتفاع التوتر بين المعسكرين الجمهوري والديمقراطي، وفيما يلي 6 محاور حاسمة خلال المناظرة، وفق شبكة "سي إن إن".
هل تلبي هاريس تطلعات الناخبين؟
مع أن هاريس شغلت منصب نائبة الرئيس لمدة أربع سنوات، وتشغل موقعًا بارزًا في الكونجرس منذ مدة مماثلة، إلا أن استطلاعًا حديثًا أجرته "نيويورك تايمز" بالتعاون مع كلية سيينا، أظهر أن 28% من الناخبين لا يزالون بحاجة إلى معرفة المزيد عنها، في حين أن 9% فقط من الناخبين يرغبون في معرفة المزيد عن ترامب.
وستكون المناظرة فرصة لهاريس لملء هذه الفجوة المعلوماتية، فحتى الآن، تركز في حملتها على قضيتي تكلفة المعيشة وحقوق الإنجاب، لكن عليها تقديم رؤية أكثر وضوحًا حول كيفية ترتيب أولوياتها السياسية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة.
هل ستنجح هاريس في شرح تحولات مواقفها؟
خلال حملتها الرئاسية الثانية، قامت هاريس بتعديلات كبيرة على العديد من مواقفها السياسية، ما دفع منتقديها، بقيادة ترامب، لاتهامها بتغيير مواقفها لأسباب سياسية بحتة، وعلى سبيل المثال، تغير موقفها بشأن التكسير الهيدروليكي والرعاية الصحية، وفي المقابل، يراها أنصارها كشخصية سياسية مرنة تتكيف مع التغيرات والظروف.
ويكون السؤال الأهم في تلك المناظرة هو "هل ستنجح هاريس في الدفاع عن تلك التغييرات السياسية، أم أن ترامب سيستغل هذه التحولات لإبرازها كعلامة على ضعف الضمير السياسي؟".
أي نسخة من ترامب سنشاهد في المناظرة؟
في المناظرة المرتقبة، سيكون على ترامب مواجهة واقع مختلف عما كان عليه في مناظراته السابقة، حيث أصبحت استطراداته وعدم وضوح رسائله السياسية أكثر بروزًا.
ومع تقدمه في السن، تتزايد التساؤلات حول قدرته على التواصل بفاعلية مع الناخبين، وستكون هذه المناظرة بمثابة اختبار لمدى قدرته على تقديم رسائل متماسكة وواضحة، بعيدًا عن الهجمات الشخصية التي قد لا تلقى استحسانًا واسعًا خارج قاعدة مؤيديه.
هل ستتمكن هاريس من التصدي لهجمات ترامب؟
لطالما كانت الهجمات الشخصية القائمة على العرق والجنس جزءًا من أسلوب ترامب في مهاجمة خصومه، وقد واجهت هاريس بالفعل اتهامات من ترامب بأنها تستغل هويتها العرقية لأغراض سياسية.
مع ذلك، نجحت هاريس في تجنب الدخول في هذا الجدل، معتبرةً أن مثل هذه الاتهامات "نفس الدليل القديم المتعب"، وفقًا لما صرحت به في مقابلة مع CNN، فهل سيكرر ترامب هذه الهجمات في المناظرة، وكيف ستتمكن هاريس من توجيه النقاش نحو القضايا الجوهرية؟
هل سيساعد التنظيم في ضبط النقاش؟
أحد أهم الدروس المستفادة من مناظرات عام 2020 هو أن الفوضى والضوضاء يمكن أن تشوش على الرسالة، وفي تلك المناظرات، كان ترامب عدوانيًا للغاية، لدرجة أنه قاطع نفسه أكثر من مرة.
ومع تطبيق قواعد جديدة أكثر صرامة بشأن إسكات الميكروفونات، ستتيح هذه الفرصة لهاريس لتقديم رسالتها دون مقاطعات كثيرة، وهو ما قد يزيد من الضغط على ترامب للحفاظ على هدوئه وتركيزه.
قضايا شائكة بانتظار إجابات واضحة
سيكون لترامب فرصة لإعادة تأكيد موقفه بشأن قضايا الإجهاض، خاصة في ظل تعيينه ثلاثة قضاة في المحكمة العليا ساهموا في إلغاء قضية "رو ضد وايد"، ومع ذلك، لا يزال ترامب غامضًا بشأن كيفية التعامل مع قضايا الإجهاض على مستوى الولايات.
من جهة أخرى، قد تحاول هاريس تسليط الضوء على هذه القضية من خلال التأكيد على حقوق المرأة في الاختيار، وهو موقف يحظى بشعبية أكبر بين الناخبين المترددين.
وفيما يتعلق بالحرب في غزة، ستكون المناظرة أول فرصة لهاريس للحديث عن خططها حول هذا الصراع المستمر، وسيحاول ترامب تحميل إدارة بايدن مسؤولية الفشل في التعامل مع الأزمات الدولية، بينما ستحتاج هاريس لتقديم رؤية واضحة حول كيفية التعامل مع تلك التحديات.
وفي النهاية، ستكون هذه المناظرة اختبارًا كبيرًا لهاريس، ليس فقط في الدفاع عن سياسات إدارة بايدن، ولكن أيضًا في تقديم نفسها كقائدة جديدة يمكنها تقديم رؤية مغايرة لمستقبل أمريكا، وعلى الرغم من التحديات العديدة التي تنتظرها، فإن قدرتها على تقديم رسائل واضحة وفعالة قد تكون المفتاح لإقناع الناخبين المترددين ودفعهم نحو دعمها في الانتخابات الرئاسية القادمة.