خلال السنوات الأربع التي قضتها في مجلس الشيوخ، اكتسبت كامالا هاريس سمعة طيبة بين الديمقراطيين، باعتبارها واحدة من أكثر المستجوبين حدة وفعالية في جلسات الاستماع البارزة، حيث كانت تغلبها خلال مسيرتها السياسية طبيعتها السابقة كمدعية عامة، والتي تميل إلى طرح الأسئلة، وليس الإجابة عنها.
هكذا، تواجه المدعية العامة والمستجوبة الشرسة السابقة في الكونجرس، هذه الليلة، منافسها الذي يواجه العديد من الاتهامات في ساحات القضاء الأمريكي، إضافة إلى إدانته أمام محكمة جنائية في نيويورك، بأربع وثلاثين تهمة تتعلق بمخالفات مالية، بعد أن رفع الادعاء العام لمنطقة مانهاتن القضية من جريمة إلى جناية.
وقبيل الحدث المرتقب على نطاق واسع، هناك لحظات هامة تبرز قدرات هاريس في النقاش بمجلس الشيوخ، والتي استخدمت فيها مهاراتها كمدعية سابقة للسيطرة على الحديث، بينما يتهور ترامب مهاجمًا خصومه، كما بدا في جلسات محاكمته.
ووفق تحليل أنكوش خاردوري، المدعي العام السابق في وزارة العدل، في مجلة "بوليتيكو"، فإن هاريس "تتفوق بشكل عام في طرح نقاط واضحة ومباشرة باستخدام نبرة مهنية ومنضبطة، حتى عندما تكون المادة الأساسية مشكوك فيها، كما تميل إلى التركيز على نقاط ضيقة ولكنها مثيرة للاهتمام والتي يمكن أن تجد صدى لدى الجمهور، وفي كثير من الأحيان، تتمكن من نزع سلاح محاوريها وجعلهم متوترين بشكل واضح -وأحيانًا يعترفون بذلك- بشأن الرد عليها".
هاريس المباشرة
خلال حديثها مع جينا هاسبل، مرشحة ترامب لقيادة وكالة المخابرات المركزية، والتي صارت أول امرأة ترأس الوكالة، إبان جلسة موافقة مجلس الشيوخ على تعيينها، اتبعت هاريس أسلوب السؤال المباشر، حيث الإجابة بنعم أو لا "هل تعتقدين أن تقنيات الاستجواب السابقة لوكالة المخابرات المركزية كانت غير أخلاقية؟"
يقول خاردوري: "كان هذا السؤال قد اكتسب أهمية سياسية كبيرة في ذلك الوقت، حيث كانت هناك مخاوف جدية بشأن ما إذا كانت هاسبل قد شاركت في التصريح أو الإشراف على "تكتيكات الاستجواب القاسية" أثناء إدارة جورج بوش الابن، والتي كانت تعادل التعذيب".
وعندما بدا أن هاسبيل تتظاهر بالارتباك بشأن السؤال -وفي النهاية تجنبت الإجابة عليه تمامًا- أنهت هاريس السؤال فعليًا دون إطالة الحوار بلا داع، فقط أوضحت وجهة نظرها قائلة: "لم تجيبي على السؤال، لكنني سأنتقل إلى السؤال التالي".
يضيف المدعي السابق: "هناك عدة أمور تبرز هنا، أولها هو الاستخدام الفعال من جانب هاريس لغضبها الواضح وسخطها لدفع المحادثة إلى الأمام واستقطاب الحشد مع رفضها التنازل عن النقطة الأساسية".
أيضًا، لم تكن مناظرة هاريس الفردية مع نائب الرئيس -آنذاك- مايك بنس لتُنسى، خاصة ردها عليه عندما قاطعها في وقت ما: "السيد نائب الرئيس، أنا أتحدث"، والذي برز بشكل واضح في ذلك الوقت، وقد أعادت هاريس مؤخرًا استخدام ذلك في حملة عام 2024، لتلقى استحسانًا مماثلًا بين مؤيديها.
وقد استخدمت هاريس أشكالًا مختلفة من هذه الطريقة في الاستجابة طوال المناظرة مع بنس عندما أرادت وقف مقاطعاته.
ويقول خاردوري عن هاريس في هذا الصدد: "إذا كنت تستطيع أن تتجاهل محاورك بشكل فعال ومهذب -كما فعلت هاريس- فإن هذا من شأنه أن يجعل الشخص الآخر يبدو صغيرًا، وغير منضبط، ودفاعيًا، وربما حتى متوترًا".
ترامب المتهور
عند الحكم عليه في قضية "أموال الصمت"، وصف ترامب محاكمته الجنائية في نيويورك بـ "غير منصفة للغاية"، وأن المحاكمة "زائفة"، قائلًا "سنطعن في هذا الاحتيال"؛ كما انتهز الفرصة لمهاجمة منافسه السابق الرئيس جو بايدن و"عصابته" -حسب قوله- في خطاب غير مترابط استمر أكثر من ثلاثين دقيقة، فنعتهم بـ "المرضى" و"الفاشيين"، محملًا إياهم مسؤولية متاعبه القضائية.
وانتقد ترامب في حديثه لـ "فوكس نيوز" إدانته في نيويورك، قائلًا: "ما حصل استغلال للسلطة وهو أمر خطير للغاية لم يحدث من قبل في هذا البلد".
وحاول ترامب تسخير الإدانة في صالحه، فكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: "إنني سجين سياسي" مع نداء لجمع التبرعات أصدره في أعقاب صدور الإدانة، وهو ما نجح فيه بشدة، فقد قال فريق الحملة إن المرشح الجمهوري جمع أكثر من 53 مليون دولار من التبرعات عبر الإنترنت وحدها في خلال الـ 24 ساعة التي تلت تلاوة الحكم عليه في نيويورك.
قبلها، وفي قضية الكاتبة إي جين كارول، اشتكى الدفاع من "تعليقات ترامب المزعجة" لإعاقة الجلسة، والتي سمعتها هيئة المحلفين أيضًا خلال شهادة كارول.
وقال أحد محامي كارول للقاضي إن ترامب "تحدث بصوت عالٍ" أثناء شهادة موكلته قائلًا إنها "كذبة" مشككًا بصحة شهادتها وأنها "استعادت ذاكرتها" الآن. ثم بعد ذلك، اشتكى المحامي من أن ترامب قال أشياء مثل "إنها مطاردة ساحرات"، و"إنها حقًا عملية احتيال".
ورد القاضي على ذلك بالقول إن ترامب يمتلك الحق بأن يكون حاضرًا في قاعة المحكمة "ولكن هذا الحق يمكن أن يتم فقدانه.. هذا الحق يمكن أن تتم مصادرته إذا خالف -ترامب- النظام، وإذا تجاهل أوامر المحكمة التي سبق ونصحته بالتزام الهدوء".
وتابع القاضي: "سيد ترامب، آمل ألا أضطر إلى التفكير في طردك من المحكمة. أفهم أنك ربما تريد مني أن أفعل هذا". ورد ترامب قائلًا: "سأكون سعيدًا".