في تصعيد جديد للتوترات الداخلية في إسرائيل، فتح الجيش الإسرائيلي تحقيقًا داخليًا في تسريب وثائق يُزعم أن حركة حماس الفلسطينية وراء تسريبها إلى وسائل إعلام دولية.
هذه الخطوة تأتي بعد تقارير عن محاولات للتلاعب بالرأي العام الإسرائيلي حول صفقة المحتجزين، وهي مسألة أثارت غضبًا شديدًا داخل المؤسسة الأمنية لدولة الاحتلال الإسرائيلية وزادت من حدة التوتر بين الجيش ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفق تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية.
تحقيق عسكري داخلي
في نهاية الأسبوع الماضي، شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي في تحقيق داخلي يهدف إلى تحديد الجهات المسؤولة عن تسريب وثائق سرية يُزعم أن حماس هي من سرّبتها إلى وسائل إعلام دولية، بهدف التأثير على الرأي العام في إسرائيل حول صفقة المحتجزين.
ونشر هذه الوثائق المزعومة في وسائل إعلام مثل صحيفة "ذا جويش كرونيكل" البريطانية وصحيفة "بيلد" الألمانية، وهي الوثائق التي زُعم فيها أن الجيش الإسرائيلي استولى عليها من حماس، التي تم تحليلها ووجد أن بعضها قد يكون مزورًا، خاصة تلك التي أشارت صحيفة "بيلد" إلى أنها تعود إلى يحيى السنوار، ووفق "يديعوت أحرونوت" فإن هذا التسريب أثار قلقًا شديدًا داخل المؤسسة الأمنية للاحتلال التي وصفت الوضع بأنه "خطير للغاية".
غضب داخل جيش الاحتلال
أثار تسريب هذه الوثائق المزعومة موجة من الغضب داخل المؤسسة العسكرية والأمنية الإسرائيلية، فوفقًا للتحقيقات الأولية، لم يتم العثور على أي أثر للوثائق المسربة في سجلات وحدة "أمشت" المسؤولة عن جمع المعلومات الاستخبارية والفنية، ما زاد من الشكوك حول مصداقيتها.
كما تم التأكيد أن الوثيقة التي نشرتها "بيلد" الألمانية ليست صادرة عن السنوار أو حتى من جهة رفيعة المستوى داخل حماس، بل هي مقترح من مسؤول متوسط الرتبة، لكن الأكثر إثارة هو أن الجزء الذي ادعت الصحيفة أنه يكشف عن عدم اهتمام حماس بصفقة المحتجزين لم يكن موجودًا في الوثيقة الأصلية.
تأثير سياسي متزايد
وأظهرت التحقيقات الإسرائيلية أن هناك محاولات للتأثير على الرأي العام الإسرائيلي من خلال تسريب هذه الوثائق المزعومة، وهو ما يضيف إلى التوتر القائم بين المؤسسة الأمنية ورئيس الوزراء نتنياهو.
وقد صرّح مسؤول عسكري إسرائيلي مطلع على التحقيق بأن هناك أنظمة قانونية تمنع استخدام الوثائق السرية للتأثير على الرأي العام، مؤكدًا أن ما حدث هو "خطوة خاطئة تمامًا".
وثيقة عرضها نتنياهو
في الأسبوع الماضي، كشف بنيامين نتنياهو في خطاب له عن وثيقة أخرى زعم أنها تعليمات مكتوبة بخط اليد من قادة حماس، وفي خطابه، أشار إلى أن حماس تسعى لتقسيم الرأي العام الإسرائيلي وزيادة الضغط على حكومة الاحتلال.
غير أن التحقيقات أظهرت أن هذه الوثيقة ليست صادرة عن السنوار، كما أن الخط المكتوب عليها لا يتطابق مع أي من قادة حماس المعروفين، وفي هذا السياق، قال ضابط إسرائيلي إن حماس هي "منظمة توثيق وتكتب وتفهرس بشكل مستمر، ما يجعل من الصعب تحديد مصدر الوثيقة بدقة".
تصعيد جديد
وبعد ثلاثة أيام من خطاب نتنياهو، نشرت صحيفة "ذا جويش كرونيكل" البريطانية تقريرًا عن خطة مزعومة لتهريب محتجزين إسرائيليين إلى إيران، زاعمة أنها استندت إلى وثائق تم الاستيلاء عليها من حماس، لكن هذا التقرير قوبل بنفي شديد من المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي أكدت أن المعلومات المنشورة تتناقض مع الحقائق على الأرض.
وفيما يتعلق بعدد المحتجزين الذين لا يزالون على قيد الحياة، أكدت الاستخبارات الإسرائيلية أن العدد يفوق بكثير ما ورد في التقرير، وأن معظمهم ليسوا محتجزين بالقرب من السنوار.
موقف الجيش الإسرائيلي
ردًا على التسريبات، أصدر الجيش الإسرائيلي بيانًا أكد فيه أن الوثيقة التي نشرتها "بيلد" تم العثور عليها قبل خمسة أشهر، وأنها ليست جديدة أو ذات أهمية استراتيجية كبيرة، وتم تصنيفها على أنها منخفضة المستوى ضمن سلسلة من الوثائق التي تم جمعها منذ بداية الحرب.
وقال الجيش إنه سيواصل التحقيق في تسريب الوثائق، مؤكدًا أن هذا التسريب يشكل "جريمة خطيرة" وسيتم التعامل معها من قِبل السلطات المختصة.
ويتوقع أن تستمر التحقيقات الداخلية في الجيش الإسرائيلي لمحاولة كشف الجهة المسؤولة عن تسريب هذه الوثائق، التي تهدد بتعميق التوترات بين الجيش والحكومة، وفي الوقت نفسه، يبقى السؤال حول مدى تأثير هذه التسريبات على الرأي العام الإسرائيلي والضغوط السياسية المحيطة بصفقة المحتجزين.