في خضم المنافسة السياسية المحتدمة للانتخابات الرئاسية الأمريكية، أثار الرئيس السابق دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، موجة من الجدل بتصريحاته الحادة حول منافسته كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي، محذرًا من عواقب فوزها على وجود إسرائيل.
ورسم "ترامب" صورة قاتمة لمستقبل إسرائيل تحت قيادة هاريس، في وقت تستمر فيه الحرب الكلامية بين الشخصيات السياسية حول تأثير الانتخابات الأمريكية على القضايا الدولية، وعلى رأسها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
تحذيرات ترامب حول إسرائيل
في خطابه أمام أعضاء هيئة يهودية أمريكية تدعم الجمهوريين، أطلق "ترامب" تحذيرًا صارخًا حول مستقبل إسرائيل حال انتخاب "هاريس" رئيسة للولايات المتحدة، وقال ترامب: "إذا تم انتخابهم، فإن إسرائيل ستختفي، يمكنك نسيان إسرائيل"، مضيفًا أن "هاريس هي مرشحة القوى التي تسعى لتدمير الحضارة الغربية وإسرائيل، وأن المنظمات الإرهابية ستهاجم إسرائيل إذا تم انتخابها".
ووفق تقرير لصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، لم يتوقف "ترامب"عند هذا الحد، بل أكد عزمه حماية أمن إسرائيل إذا تم انتخابه رئيسًا مرة أخرى، وقال: "سأعمل معكم للحفاظ على أمريكا آمنة وللتأكد من أن إسرائيل ستبقى معنا لمدة 1000 عام".
كما أكد دعمه الدائم لإسرائيل، قائلاً إن "ما تمر به إسرائيل من موت ودمار هو نتيجة لأخطاء الحاضر"، مضيفًا أن الحرب (على غزة) يجب أن تُكسب، وأنها (إسرائيل) تحتاج إلى شريك قوي.
صراع هاريس ونتنياهو
وتزامن خطاب ترامب مع عمود كتبه كبير المعلقين في صحيفة "نيويورك تايمز"، توماس فريدمان، تناول فيه التصريحات المثيرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول أهمية محور فيلادلفيا في غزة، وكتب "أن نتنياهو قد يسعى لتصعيد الحرب في غزة قبل الانتخابات الأمريكية، بهدف التأثير على نتائجها".
وأشار فريدمان إلى أن نتنياهو يضع "هاريس" في موقف صعب، إذ إن استمرار الصراع في غزة قد يجبرها على اتخاذ موقف علني تنتقد فيه إسرائيل، مما قد يخسرها أصوات الناخبين اليهود، في المقابل، إذا امتنعت عن الانتقاد، فإنها قد تفقد دعم الناخبين العرب والمسلمين.
دور نتنياهو في دعم ترامب
وفقًا لفريدمان، يبدو أن نتنياهو يسعى لإحداث تصعيد في الحرب لزيادة الصعوبات أمام الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية، ويتوقع فريدمان أن نتنياهو قد يتعاون مع ترامب لتحقيق نصر في غزة، وهو ما قد يساعد ترامب في الفوز بالانتخابات الرئاسية، مؤكدًا أن نتنياهو يسعى لاستغلال الصراع الحالي لتعزيز موقفه السياسي في إسرائيل.
على الجانب الآخر، أطلقت منظمة "المجلس الديمقراطي اليهودي الأمريكي" (JDCA) إعلانًا رقميًا بعنوان "الكراهية لا توقف نفسها"، ضمن حملة بقيمة مليون دولار تهدف للتأثير على الناخبين اليهود في الانتخابات الرئاسية.
الإعلان، الذي تم نشره في ولايات رئيسية مثل جورجيا وميتشيجان وبنسلفانيا، يحذر من صعود الفاشية وخطاب الكراهية، ويربط بين تصريحات ترامب وظروف صعود الفاشية في الماضي، ورغم أن الإعلان لم يستخدم صور المحرقة بشكل مباشر، إلا أن المقارنة التي عقدتها JDCA بين ترامب وصعود الفاشية أثارت جدلًا واسعًا.
وأدان التحالف الجمهوري اليهودي الإعلان بشدة، واصفًا إياه بأنه "مثير للاشمئزاز" وغير مناسب للاستخدام في الخطاب السياسي، بينما دافع الديمقراطيون عن الحملة باعتبارها تحذيرًا من المخاطر التي تمثلها تصريحات ترامب على الديمقراطية الأمريكية.
وفي خضم هذا التوتر السياسي، تتصاعد المنافسات في الانتخابات الأمريكية المقبلة، وسط تبادل الاتهامات والتصريحات النارية بين المرشحيْن الرئيسييْن، ويبقى السؤال الأكبر: هل ستؤثر هذه التصريحات على موقف الناخبين في الداخل والخارج، وهل ستتمكن إسرائيل من الحفاظ على تحالفاتها التقليدية في ظل التغيرات السياسية المحتملة؟