الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

رشيد مشهراوي: مشروع "المسافة صفر وثائقيات" سيواجه روايات المُحتل المُزيفة

  • مشاركة :
post-title
رشيد مشهراوي

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

تصوير الأفلام تحت القصف لم يكن سهلًا و70 مهرجانًا طالبت مشاركة الأعمال
"كان السينمائي" رفض الحديث عن غزة لكنني صممت وعرضت أفلامًا منها

ما يقرب من نصف قرن، اتخذ المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي من السينما أداته في الدفاع عن بلده لإيمانه بأن الفن مقاومة، ونقل لما يجري على أرض وطنه للعالم، فكان ولا يزال جنديًا في خدمة وطنه بكاميرته التي توثق فترات مهمة في تاريخ فلسطين الصامدة، مُكرسًا كل حياته لتقديم الرواية الفلسطينية التي يحاول العدو طمسها وتزييفها.

"مشهراوي" الذي يعد شاهد عيان على سنوات طويلة يصارع فيها وطنه محتل غاصب، قدم دورًا بطوليًا بتوظيف كل أدواته لنقل صوت فلسطين للعالم، ليكون أشهر صنّاع السينما الفلسطينية في العالم. 

ولم يقف "مشهراوي" مكتوف اليدين أمام التدمير وحرب الإبادة التي يواجهها أبناء وطنه الذين ليس لهم أي ذنب سوى أنهم أصحاب الأرض التي يحاول الاحتلال اغتصابها، فعقب اندلاع الحرب على غزة، قرر إطلاق مؤسسة مشهراوي لدعم المبدعين وصناع السينما من غزة تحديدًا، التي أنتجت أول مشروعاتها "المسافة صفر" مُوثقًا 22 قصة حقيقية صورها مخرجين شباب من قلب غزة، لإيمانه بأن الاحتلال يشن حربًا موازية على الرواية والصورة. 

كشف المخرج الفلسطيني في حواره مع موقع "القاهرة الإخبارية" عن مشروعه الجديد "المسافة صفر وثائقيات"، وخطة عرض 22 فيلمًا من غزة في أكثر من 70 مهرجانًا دوليًا، كما تحدث عن كيفية مواجهته رفض مهرجان كان السينمائي الحديث عن غزة، وهو الأمر الذي دفعه للتصميم على عرض أفلامه وعقد ندوة وورشة عمل وصنع مخيم بالمهرجان يشبه مخيمات النازحين، بالإضافة إلى تطرقه لكيفية تعامله مع انحياز المجتمع الدولي مع إسرائيل وغيرها من التفاصيل في هذا الحوار:

توثيق ما يجري على أرض الواقع بغزة من خلال أفلام سينمائية من "المسافة صفر" بمثابة مخاطرة كبيرة، كيف جاءت لك الفكرة؟

أنا أؤمن طوال الوقت أن هناك حربًا أخرى بخلاف التي تجري على أرض الواقع بغزة، وتتمثل في الحرب على الصورة والرواية والهوية، إذ إن الاحتلال يحاول تزييف وتلفيق قصص وهمية وقلب الحقائق، فأنا عادة عندما يحدث شيء في فلسطين أذهب كمخرج لتصوير فيلم وثائقي روائي سواء كان طويلًا أو قصيرًا وعرضه بمهرجانات دولية، لكن في هذه المرة قررت إعطاء الفرصة للشباب والفتيات من أبناء غزة الذين عاشوا الحرب ليروا قصصهم من المسافة صفر، ليعبروا عن حالهم، ويروا تجربتهم في الحرب من خلال قصص حقيقية.

اعتمدت على الشباب في إخراج الأفلام.. حدثنا عن التحديات التي واجهتكم في أثناء التنفيذ؟

أدرك جيدًا أن الأمر لم يكن سهلًا على المخرجين الشباب تصوير أفلامهم تحت القصف والحرب، لكنني صممت أن يكون هناك أفلام سينمائية توثق ما يجري بالواقع وأن تكون أيضًا على مستوى عالٍ فنيًا وتقنيًا لعرضها بأهم مهرجانات العالم، وأنا كمخرج لديّ ما يكفي من العلاقات لتسويقها، وأعمل بالسينما منذ سنوات طويلة وأفلامي تعرض في مهرجانات دولية مثل "كان، برلين، فينيسيا، تورنتو، القاهرة، وقرطاج"، وفي أفلامي السابقة كنت غالبًا المخرج، لكن في هذه المرة قررت أن أقدم مشروعًا بمشاركة 20 مخرجًا في البداية، ثم وصلوا إلى 22 مخرجًا، ولم يكن لدينا مانع في زيادة العدد ولكن توقفنا لبدء مبادرة جديدة من قلب غزة.

ولم يكن سهلًا تصوير الأفلام تحت الحرب، ونوفمبر 2023 شاركت في مهرجان الجونة السينمائي، وهناك أعلنت إطلاق مؤسسة مشهراوي لتطوير السينما ودعم السينمائيين بغزة، وفي ديسمبر جاءت لي فكرة "من المسافة صفر" وعملنا عليها لمدة 8 أشهر ما بين تصوير ومونتاج، وفي مايو عرضنا الأفلام في الافتتاح الرسمي لمهرجان عمان الدولي، وحاليًا لدينا أكثر من 70 مهرجانًا عالميًا عربيًا وأجنبيًا سنعرض فيهم أفلام "المسافة صفر"، كما لدينا طاقم من العاملين على هذا المشروع.

قبل أيام الاحتلال عرقل عرض أفلام "المسافة صفر" في القدس، كيف حدث ذلك؟

قررنا عرض أفلام "المسافة صفر" في 10 مدن فلسطينية في نفس اليوم والساعة، وتم العرض 7 أغسطس، في السابعة مساءً، وعرضت في 9 مدن منها رام الله وأريحا وبيت لحم ونابلس ويافا، لكن لم نتمكن من العرض في القدس حيث منعنا الاحتلال من عرض مشروع الأفلام وتجمهر الجيش وقوات الشرطة الإسرائيلية بمكان العرض، ومنعوا تقديمه وأغلقوا المكان، وسط تظاهرات واحتجاجات، حيث اعتبروا أن هذا النشاط إرهابي، وهذا زادنا إصرارًا على تقديم الرواية الفلسطينية الحقيقية التي يحاول الاحتلال طمسها.

انطلاقًا من تمسكك بسرد الرواية الفلسطينية للعالم، ما المبادرة الجديدة التي تعمل عليها حاليًا؟

أعمل حاليًا على مشروع "المسافة صفر وثائقيات"، ومدة كل فيلم ستكون ما بين 20 إلى 30 دقيقة، سنقدم قصصًا حقيقية من غزة، فأنا أسست مؤسسة مشهراوي لدعم المخرجين في غزة ورواية قصصهم، وبالفعل بدأنا في استقبال الأفكار والمشروعات، لكن ما زال هناك وقت لاختيار السينمائيين الذين سيعملون على الأفلام، بنفس الروح للمخرجين الذين عاشوا الحرب، وتعتمد على التجارب الشخصية وسنقوم بعمل ورش عمل لهم.

كيف تم تأهيل الشباب المخرجين للعمل على هذا المشروع في ظل ما عانوه من ويلات الحرب؟

خضع مخرجو "المسافة صفر" إلى ورش تدريب، فكنت مشرفًا على المشروع ومعنا مستشارين فنيين من خارج فلسطين، هما المخرج اللبناني ميشيل كمون والمخرجة ليالي بدر وعبدالسلام الحاج من الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، والمخرج رسمي دامو من غزة، لكنه يتواجد حاليًا خارجها، والمنتجة التونسية درة أبو شوشة، بجانب فرنسيين عملوا على المونتاج وتصحيح الألوان والميكساج والترجمة، ووضع موسيقى الأفلام الموسيقار نصير شمة، وسنشكل لجنة جديدة للمشروع الجديد الذي نعمل على تجهيزه حاليًا.

ونحن لم نكن نعرف أن الحرب ستمتد كل ذلك واعتقدنا أنها ستنتهي بعد شهرين أو ثلاثة ولكن مر على الحرب 10 شهور ونشعر أنها في بدايتها من بشاعة المجازر التي تحدث يوميًا.

في ظل رفض المجتمع الدولي التضامن مع غزة، عرضت أفلام "المسافة صفر" في مهرجان كان، حدثنا عن ذلك؟

واجهتني تحديات كثيرة، بدايتها كان منع عرض الأفلام في مهرجان كان السينمائي، لعدم الحديث عن أي شيء له علاقة بغزة ولكن صممت على تقديم فعاليات عنها، إذ أعلن مدير المهرجان بمؤتمر صحفي، رفضه التعامل مع أحداث من فلسطين، وأنا بحكم أنني سينمائي فلسطيني سبق أن شاركت أفلامي في مهرجان كان السينمائي، رفضت هذا التوجه وقلت إذا لم تتح أن يذهب "كان" إلى غزة، فلا بد أن تذهب غزة إلى "كان" بأفلامها، لأنني مؤمن بدور السينما في خدمة القضية، وكنت ضد إلغاء وتأجيل المهرجانات العربية، منها مهرجان الجونة السينمائي، الذي حرصت في أثناء مشاركتي فيه على عرض 10 أفلام من غزة وندوة وورشة عمل، وأطلقت من خلاله مؤسسة مشهراوي، وأيضًا عندما توقف مهرجان قرطاج السينمائي، قدمت أسبوع السينما الفلسطينية، كما سنقدم في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته هذا العام، أفلام من "المسافة صفر".

بحكم عملك بالسينما العالمية، كيف تتعامل مع انحياز المجتمع الدولي للرواية الإسرائيلية؟

لم يكن لديّ وقت للانحياز الغربي والأمريكي للرواية الإسرائيلية المزيفة وأنا لن أترك الساحة لهم وحريص أن يكون للرواية الفلسطينية حضور، لكي تكون روايتنا حاضرة، فليس كافيًا أن نقدم أفلامًا فحسب بل علينا تقديم سينما بصدق، فالتلفزيونات كلها كانت تبث الأخبار ومشاهد الدمار والقصف والناس الموجودة في المخيمات دون أكل أو شرب، ولذلك ذهبت إلى أبعد من ذلك لرواية الحكايات التي لم تحكى بعيدًا عن التلفزيون، التي ستعيش لسنوات طويلة وتوثق الحالة وتعرض أوضاعًا إنسانية ليس بقيمتها السياسية ولكن تعيش بقيمتها السينمائية.

حدثنا عن خطة عرض مشروعك المسافة صفر" في مهرجانات العالم؟

من المقرر عرض الأفلام في 70 مهرجانًا دوليًا، إذ تشارك سلسلة "المسافة صفر" في المسابقة الرسمية بمهرجان تورنتو السينمائي الدولي، الذي سيقام خلال الفترة من 5 إلى 15 سبتمبر المقبل، كما سنشارك أيضًا في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، إذ كان الفنان حسين فهمي رئيس المهرجان يرافقني في مهرجان كان السينمائي، واتفقنا على عرض السلسلة بالقاهرة، كما سنشارك الشهر المقبل في ملتقى "أولادنا" للدكتورة سهير عبدالقادر، وعرض 3 أفلام من "المسافة صفر" للأطفال في هذا الملتقى، هي "صحوة، جلد ناعم، ويوم دراسي"، وهذه الأفلام تصلح للأطفال لأن هناك أفلامًا تتحدث عنهم ولكن لا تصلح لهم، بجانب تقديم عروض كثيرة في المهرجانات الدولية العربية والأجنبية.