الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تشارلي شابلن.. صعلوك الكوميديا تهزمه أحزانه

  • مشاركة :
post-title
تشارلي تشابلن

القاهرة الإخبارية - رشا حسنى

تشارلي تشابلن.. واحد من أسطع نجوم هوليوود، ليس فقط في عصرها الصامت ولكن على مر العصور، ويُعد من رواد الوسيط السينمائي في مراحله المبكرة، حيث اشتهر بأداء شخصية المتشرد أو الصعلوك في فترة السينما الصامتة حتى أصبح أهم نجوم تلك الفترة وأشهرهم، وساهم في الارتقاء بفن السينما بطريقة لم يبتكرها أحد غيره معتمدًا على ذكائه وموهبته الفطرية وحبه لهذا الفن الساحر.

كانت ومازالت وستظل أفلام تشابلن تحظى بشعبية عريضة في جميع أنحاء العالم، بل إنها تكتسب شهرة وشعبية مع تقدم الوقت، حيث يُقدم من خلال أفلامه رؤية مرحة وإيجابية للحياة في عالم مليء بالفوضى.

طفولة قاسية

ولد تشارلز سبنسر شابلن بمدينة لندن الإنجليزية في 16 أبريل عام 1889، والده هو تشارلز تشابلن ووالدته هانا هارييت بيدلينجهام المشهورة باسم ليلي هارلي، كلاهما كانا فناني مسرح، تخلى الأب عن تشارلي وأمه وأخيه الأكبر غير الشقيق سيدني، بعد فترة وجيزة من ولادة تشارلي.

بعد رحيل الأب، عانت والدة تشارلي كثيرًا أثناء أداء أدوارها على المسرح، وفي إحدى الليالي وأثناء العرض فقدت صوتها ولم تستطع النطق، واضطر مُنتج العرض للدفع بـ"تشارلي" ذي الخمسة أعوام على خشبة المسرح كي يحل محل والدته، بعد أن لمحه يؤدي معها عدة مرات خلف كواليس المسرح.

تعقدت حالة الأم الصحية، وأصيبت بمرض عقلي ما اضطر المقربون منها إيداعها مصحة عقلية مكثت فيها لسنوات طويلة، وهكذا حُرم تشارلي من والديه في سن مبكرة جدًا، وتنقّل هو وشقيقه سيدني ما بين دور الرعاية البديلة والإصلاحيات، حتى بلغ تشارلي سن العاشرة وتكفل بإعالة نفسه وشقيقه.

حلّ تشارلي محل والدته لسنوات طويلة على المسرح، أحبه الجمهور لموهبته وحضوره وحسه الكوميدي، لكن اضطره الاحتياج للمال إلى مغادرة المسرح الذي كانت تعمل به والدته والبحث عن فرصة عمل جديد بمقابل يساعده على تدبير أمور معيشته.

أول وظيفة

استغل تشارلي معارف والدته في عالم الترفيه الليلي والمسرح واستطاع الحصول على وظيفة ضمن فرقة رقص بـ"القباقيب" تُدعى Eight Lancashire Lads في عام 1897.

ظل تشارلي مع هذه الفرقة لفترة وجيزة جدًا فلم تتوافق مع طموحه الفني آنذاك، إذ قرر في تلك الفترة أن يكون ممثلًا.

ثم حصل تشارلي على فرصة عمل جديدة من خلال عمل مسرحي، وظهر كممثل لأول مرة في مسرحية شيرلوك هولمز، وتجول مع فرقة فودفيل تدعى Casey's Court Circus وفي عام 1908 تعاون مع فرقة Fred Karno للبانتومايم، وأصبح أحد نجومها بعد أن قام بأداء دور السكّير في العرض المسرحي الكوميدي A Night in a English Music Hall.

مع فرقة كارنو، سافر شابلن إلى الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة في حياته، حيث لفت انتباه المنتج السينمائي ماك سينيت، الذي وقّع معه عقدًا مقابل 150 دولارًا في الأسبوع.

ولادة الصعلوك

في عام 1914، ظهر تشابلن لأول مرة في فيلم Make a Living، ولتمييز نفسه عن الممثلين الآخرين في الفيلم قرر أن يلعب شخصية واحدة يمكن التعرف عليها، ومن هنا ولدت شخصية "الصعلوك" التي ظهرت على شاشة السينما لأول مرة من خلال فيلم Kid Auto Races at Venice.

خلال العام التالي، ظهر تشابلن في 35 فيلمًا سينمائيًا، من بينها أول فيلم كوميدي طويل وكان بعنوان Tillie's Punctured Romance.

توقف تشابلن عن العمل مع المنتج السينمائي ماك سينيت في عام 1915 لينضم إلى شركة Essanay التي وافقت على أن تدفع له 1250 دولارًا في الأسبوع، وبموافقة الشركة استعان تشابلن بشقيقه سيدني ليكون مدير أعماله كي يصاحبه في رحلته إلى النجومية.

خلال عامه الأول مع شركة Essanay، قدم تشابلن 14 فيلمًا بما في ذلك The Tramp أو الصعلوك والذي يعتبر أول فيلم كلاسيكي لتشابلن وكانت تدور أحداثه حول إنسان بسيط يتحول لبطل غير متوقع عندما ينقذ ابنة مزارع من عصابة.

سنوات الازدهار

في سن 26، أصبح تشابلن نجمًا ملء السمع والبصر، وانتقل للعمل مع شركة Mutual Company، التي كانت تدفع له مبلغًا ضخمًا قدره 670 ألف دولار سنويًا جعله من الأثرياء، وقدّم من خلالها مجموعة من أهم أفلامه في تلك الفترة من بينها One A.M و The Vagabond The Rink عام 1916 و Easy Street عام 1917، لكن رغم الثراء لم يكن تشابلن يشعر بالرضا عن مسيرته الفنية، وكان دائمًا ما يشعر بأنه يريد تقديم أفلامًا مختلفة، فكان كما عُرف عنه "مُنشدًا للكمال".

نتيجة لحب تشابلن للتجريب ولرغبته في اكتشاف الوسيط السينمائي أكثر، خلال سنوات العشرينيات زخرت مسيرة تشابلن السينمائية بالعديد من أفلامه الخالدة منها The Kid عام 1920 وThe PilgrimوA Woman in Paris عام 1923 وThe Gold Rush عام 1925 وThe Circus عام 1928، وأنتج تشابلن آخر ثلاثة أفلام من خلال شركة الإنتاج الخاصة به United Artists والتي أسسها بالاشتراك مع دوجلاس فيربانكس، ماري بيكفورد، ودي. جريفيث عام 1919.

الثلاثينيات والتربع على عرش القمة

واصل تشابلن إنتاج أفلام شيقة وجذابة في حقبة الثلاثينيات، ففي عام 1931 قدم واحدًا من أهم أفلامه وهو فيلم City Lights، الذي حقق معادلة النجاح النقدي والجماهيري معًا، كما شهد الفيلم تأليف تشابلن للموسيقى الخاصة به.

حقق تشابلن مزيدًا من النجاح الجماهيري منقطع النظير مع مزيد من الإشادات النقدية، وذلك بعد طرحه لفيلمه الذي يعتبر ربما الفيلم الأهم والأشهر له خلال مسيرته الفنية كلها وهو فيلم Modern Times عام 1936 والذي يعتبر نقدًا سينمائيًا لاذعًا لكفاءات التصنيع الحديثة، الذي تدور أحداثه حول العمالة اليائسة والظروف المالية التي واجهها العديد من الأشخاص خلال فترة الكساد الكبير.

استغرق تشابلن ثلاث سنوات لعمل الفيلم، حيث سافر للعديد من بلدان العالم لرصد التغيرات الاقتصادية والسياسية التي أثرت بشكل مباشر على الأحوال المعيشية للعمال البسطاء.

علت نبرة تشابلن الناقدة مع فيلم The Great Dictator عام 1940 وهو الفيلم الذي يمكن تصنيفه بأنه فيلم ينتمي لأفلام الكوميديا السوداء ومُناهض للحرب، الذي قدم فيه تشابلن إدانة شديدة لأدولف هتلر وبينيتو موسوليني والفاشية ومعاداة السامية والنازيين، في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة محايدة ولا تزال رسميًا في سلام مع ألمانيا النازية خلال الأيام الأولى للحرب العالمية الثانية.

علاقاته النسائية ومنعه دخول الولايات المتحدة الأمريكية

رغم النجاح الساحق الذي حققه تشابلن في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أن علاقاته النسائية المتعددة ورفضه الاعتراف بأبنائه أدى إلى تعنيفه من قِبل بعض الجماعات النسائية، مما أدى بدوره إلى منعه من دخول بعض الولايات الأمريكية.

لم تكن علاقاته النسائية هي السبب الوحيد من منعه دخول الولايات المتحدة، بل أتُهم شابلن أيضًا بدعمه ومساعدته النضال الروسي ضد الغزو النازي خلال الحرب العالمية الثانية، وشككت حكومة الولايات المتحدة في آرائه الأخلاقية والسياسية وأشاعت أن له علاقات شيوعية، ولهذا السبب، استدعاه House Un-American Activities Committee في عام 1947 للتحقيق معه في تلك التهم والإدعاءات ولكن قررت اللجنة بعد ذلك أنه لم يعد من الضروري مثوله للإدلاء بشهادته.

عندما سافر تشابلن وعائلته إلى لندن لحضور العرض الأول لفيلم Limelight عام 1952، مُنع من العودة إلى الولايات المتحدة ولم يكن لدى الحكومة أي دليل تقريبًا يثبت أنه يمثل تهديدًا للأمن القومي، فعلّق تشابلن على هذا القرار بجملة "وداعًا للولايات المتحدة" وقرر الاستقرار في مزرعة صغيرة في سويسرا.

وفاته وسرقة الجثمان

مع اقتراب وفاته، قام تشابلن بزيارة أخيرة للولايات المتحدة في عام 1972، عندما حصل على جائزة الأوسكار الفخرية، حيث جاءت الرحلة بعد خمس سنوات فقط من فيلمه الأخير Countess from Hong Kong أو كونتيسة من هونج كونج عام 1967، الفيلم الملون الأول والوحيد والثاني له كمخرج.

على الرغم من استعانة تشابلن في فيلمه الأخير بنجوم بحجم صوفيا لورين ومارلون براندو، إلا أن الفيلم لم يحقق النجاح الجماهيري الذي كان متوقعًا له.

في عام 1975، حصل تشابلن على مزيد من التقدير والتكريم عندما حصل على لقب فارس من الملكة إليزابيث الثانية.

في الساعات الأولى من صباح يوم 25 ديسمبر 1977، توفي تشابلن في منزله بسويسرا. كانت زوجته "أونا" وسبعة من أبنائه بجانبه وقت وفاته، وبعد فترة وجيزة من وفاته، سُرق جسد تشابلن من قبره بالقرب من بحيرة جنيف في سويسرا بواسطة لصين طالبا عائلته بدفع 400 ألف دولار لإعادة جثمانه. تم القبض على الرجال وإعادة الجثمان بعد 11 أسبوعًا.