ـ انتهيتُ من تصوير فيلمي الطويل الأول "بسمة" كمخرجة
ـ "سكة طويلة" يكشف جزءًا عائليًا جديدًا في ضوء من الإثارة
ـ أبحثُ في الأعماق الإنسانية
ـ "القصة الأخرى" استغرق 4 سنوات لجمع 4 آلاف قصة
تُعدُّ الفنانة وصانعة الأفلام السعودية فاطمة البنوي، من أشهر النساء السعوديات التي اقتحمت عالم الفن وقدَّمت رؤية مختلفة، وأسهمت بأعمالها في تغيير جزء من واقع المجتمع، بطرح قضايا حياتية، ما دفع مجلة "تایم" الأمريكية لاختيارها ضمن قادة الجیل الجدید عام 2018.
بحثُ فاطمة الدائم عن الحكايات، دفعها لتقديم مشروع "القصة الأخرى"، الذي بدأته عام 2015، إذ جمعت من خلاله مئات القصص الإنسانية ووثّقتها في كتاب يحمل الاسم نفسه، وتقول عن هذا المشروع، في حوار مع موقع "القاهرة الإخبارية": "أردتُ أن أوثق بنفسي قصص الناس وحكاياتهم، وكنتُ أسألهم عن قصصهم في الشارع، ووضعتُ في هذا الكتاب مذكرات شخصية جدًا، وأخذتُ فترة طويلة لكي أضع هذا الجزء عن نفسي".
٤ آلاف قصة
أشارت فاطمة إلى أنها وضعت 3 شروط لكتابة القصص، أولها كتابة الشخص قصته بخط يده، على ورق "A4" ودون تدوين اسم، إذ قالت: "كانت الخطة أن أنتهي من المشروع بعد 6 إلى 8 أشهر بسبب انشغالي وقتها بتصوير فيلمي (بركة يقابل بركة)، ولكنني قررتُ فيما بعد ألا أتوقف عن هذا المشروع، واستكملته خلال الفترة من 2015 حتى 2018، فأصبحت لدي كثير من القصص بالاستديو الخاص بي".
على مدار 4 سنوات نضج مشروعها، خاصةً بعد أن مزجت الفنون الأدائية في أثناء عملية جمع القصص، وتقول: "الفن الأدائي -بوصفه نوعًا مبسطًا من المسرح- صنع موجة في المجتمع السعودي، والكل أصبح متصالحًا مع نفسه، فكنتُ أختار تيمة لكل نوع من الفن الأدائي، فأول فن أدائي قدّمته حمل اسم (أنا أنت)، وهو مكون من 15 قصة من بين 4 آلاف قصة، جمعتها من مشروع القصة الأخرى، ثم توالت عدد من فنون الأداء، وقدّمت منه حبكات درامية عرضتها للجمهور".
عن السبب الذي دفعها لتقديم مشروع "القصة الأخرى"، تقول: "دائمًا ما نفترض أشياء عن أنفسنا وعن الآخر، ونعتقد أننا نعرف القصة، فكان الدافع إنسانيًا بحتًا، إذ نشترك في الإنسانية أكثر مما نعي، ومن الممكن عندما نقرأ قصة إنسان آخر أن تقلل من الوحدة التي يشعر بها الشخص أو تعطي له عزيمة".
تغيير المجتمع
عن فيلمها "بركة يقابل بركة" الذي تصدرت بطولته التمثيلية، واستطاع أن يُسهم بجزء في تغيير المجتمع السعودي، لأنه من أوائل الأفلام التي نادت بذلك، تقول فاطمة البنوي :"أكون سعيدة بأن يحسب هذا الأمر للفيلم، لأنه بنى بنية تحتية لصناعة السينما في السعودية، حتى قبل أن يكون لدينا سينما، فهناك مبادرات أسهمت في هذا التغير مثل فيلم (بركة يقابل بركة) الذي يُعدُّ جزءًا من هذا التغيير، واليوم نشهد حالة من الحراك السينمائي الرائع في السعودية، وسعيدة بأن كل عام في السعودية يختلف بنسبة 100% عن العام السابق له، وأمامنا فرصة كبيرة للتعلم وأن نجتهد أكثر".
وضع الفيلم أبطاله على العالمية خاصة أنه ثاني فيلم سعودي يترشح للأوسكار، لتقول عن ذلك: "العمل من الأفلام المهمة جدًا، وذهب بنطاق عالمي لكل من شارك فيه، وهذا الفيلم قرّبني أكثر للسعودية، لأهمية أن نروي حكاياتنا بأنفسنا كما هي عليها، وكما نريد أن نرويها، وليس كما يريد الآخر أن يرويها بالنيابة عنا، فالعالمية بالنسبة لي هي الاعتزاز بالمحلية قلبًا وقالبًا، ومن هنا نذهب للعالمية".
عن مشروعاتها الفنية الجديدة، قالت: "انتهيتُ من تصوير فيلمي الطويل الأول (بسمة) كمخرجة، وأشارك فيه بالتمثيل، ومتحمسة جدًا لهذا المشروع، وأجري حاليًا عملية المونتاج".
عن تفاصيل الفيلم الذي يحمل في طياته الأمل، تقول: "الفيلم يركز على التغيير الداخلي أكثر من الخارجي، ووضعتُ فيه من رؤيتي الذاتية، وفي كل عمل أتمنى أن يلمس شيئًا ذاتيًا، كما أتمنى أن يلمس شيئًا في الجمهور، وفكرة أن أصنع عملًا فنيًا لا بد من أن يكون جزءًا مني يتقبل فكرة التجرد، وأن أكون شفافة أمام الجمهور، لكي أخرج عملًا صادقًا، حتى وإن لم يكن من ناحية الإخراج، فلا بد من أن يكون التجرد والشفافية من ناحية الكتابة والتمثيل".
تأسيس المسرح بجدة
كانت فاطمة البنوي من أوائل النساء اللاتي أسسن المسرح في جدة عام 2010، لتقول عن هذه التجربة: "المسرح جزء لا يتجزأ من تجربتي في السينما والكتابة، لأنني في مشروع القصة الأخرى كنت أقدمُ فنونًا أدائية، وكانت جزءًا ونوعًا من أنواع المسرح التي تعتمد على العفوية والتجرد والشفافية مع الجمهور، فكنتُ أستشف من تجربتي السابقة في المسرح، لكي استحضرها واستخدمها، لكي يبقى مع الجمهور، وأضافت لي وللجمهور كمًا هائلًا من الثقة، وأن يثقوا في المشروع، وتصل قصص أكثر للمشروع".
أعمال إنسانية
عن السبب وراء اهتمامها بالحكايات الإنسانية، قالت: "تستهويني التفاصيل والقصص الإنسانية، وأنا أبحث عنها في أعمالي، فسبق أن قدّمت فيلم (أبطال) عن ذوي الهمم والعلاقات الإنسانية واختلاف وجهات النظر، وفيلم (سكة طويلة) الذي يتحدث عن علاقة أخت بشقيقها في رحلتهما لاكتشاف جزء عائلي جديد في ضوء من الإثارة".
عن إمكانية تحويل كتابها الأخير "القصة الأخرى" لأفلام درامية، قالت: "هذا الأمر مطروح، لكي أحول حكاياتها لأفلام سينمائية قصيرة، ولكن ما أتمناه حاليًا هو أن نتشرب هذا الكتاب، ونتعرف على حكاياته، لأنه رحلة في حد ذاتها، وأتمنى أن يقرأه كل الناس مرة واثنتين وثلاثة، لأنه من أهم الأنواع من الكتب، فعند قراءته كل مرة، يتجدد جزء جديد من النفس".