تستعد العاصمة الفرنسية باريس لاحتفال مميز هذا العام بيوم الباستيل، حيث سيشهد العرض العسكري التقليدي تغييرات جذرية؛ بسبب استضافة المدينة للألعاب الأولمبية، وتسلط صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، الضوء على التفاصيل الدقيقة لهذا الحدث الوطني المهم، وكيف تتكيف القوات المسلحة الفرنسية مع التحديات الجديدة.
رمز الثورة الفرنسية والوحدة
يحتفل الفرنسيون في 14 يوليو من كل عام بيوم الباستيل، وهو العيد الوطني الفرنسي الذي يخلد ذكرى اقتحام سجن الباستيل في عام 1789، وهو الحدث الذي يعتبر بداية الثورة الفرنسية.
ومنذ عام 1880، أصبح هذا اليوم عيدًا وطنيًا رسميًا في فرنسا، يتميز بالعروض العسكرية والاحتفالات الشعبية في جميع أنحاء البلاد، ويعد العرض العسكري في باريس أبرز مظاهر هذا الاحتفال، حيث يجسد قوة وعظمة القوات المسلحة الفرنسية ووحدة الشعب الفرنسي.
مسار جديد
كشفت صحيفة لو فيجارو أن العرض العسكري التقليدي ليوم 14 يوليو سيشهد تغييرًا في مساره لأول مرة منذ 45 عامًا، فبدلًا من الانتهاء في ساحة قوس النصر كالمعتاد، سيمتد العرض هذا العام من ساحة النجمة إلى ساحة المارشال دو لاتر دو تاسيني.
وأوضحت الصحيفة أن هذا التغيير جاء بسبب الاستعدادات الجارية للألعاب الأولمبية، إذ ستستضيف ساحة الكونكورد منافسات الدراجات الهوائية والتزلج على الألواح وكرة السلة الثلاثية.
وأشار التقرير إلى أن هذا التغيير يعيد إلى الأذهان عرض عام 1979، عندما تم تنظيم العرض بين ساحتي الجمهورية والباستيل.
تقليص حجم العرض
وفقًا للتقرير، سيكون العرض هذا العام أكثر تواضعًا من حيث الحجم، مقارنة بالسنوات السابقة، إذ نقلت الصحيفة عن الجنرال كريستوف أباد، الحاكم العسكري لباريس، قوله إن "المحور أقصر بنسبة الثلث، والطريق أضيق".
وأضاف أن أعمال إنشاء الترام الباريسي فرضت أيضًا تقديم المنصة الرئاسية.
ونتيجة لهذه التغييرات، اضطرت القوات المسلحة إلى التخلي عن عرض القوات المدرعة، وسيقتصر العرض على 4000 جندي مشاة، مقارنة بـ 5000 العام الماضي.
وأكد الجنرال أباد أن "تمرين قوات المشاة سيتطلب الكثير من التدريب"، مشيرًا إلى أن العسكريين قد تدربوا بجد طوال الأسبوع في معسكر ساتوري بالقرب من مدنية فرساي.
تعديل خطط الطيران
رغم القيود المفروضة على العرض البري، سيظل العرض الجوي حاضرًا بقوة، إذ أشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن 43 طائرة و22 مروحية ستشارك في العرض، مع تعديل خطط الطيران لتتناسب مع متطلبات إدارة الحركة الجوية، وللمرة الأولى، ستفتتح المروحيات العرض الجوي.
وأوضح التقرير أن هذه التغييرات تهدف إلى ضمان سلاسة العرض وتجنب أي تداخل مع الاستعدادات الجارية للألعاب الأولمبية، كما أشار إلى أن مدة العرض ستكون أقصر من السنوات السابقة، حيث من المتوقع أن يستمر لمدة ساعة وخمس وأربعين دقيقة فقط.
الذكرى الـ80 لتحرير فرنسا
لن يقتصر العرض على الاستعراض العسكري فحسب، بل سيحمل أيضًا بعدًا تاريخيًا مهمًا، فقد أوضح التقرير أن العرض سيحتفي بالذكرى الـ80 لتحرير فرنسا من الاحتلال النازي.
وستشارك وحدات عسكرية تحمل أسماء وتاريخ مرتبطين بالحرب العالمية الثانية، كما سيشارك كوماندوز كيفر، الذي يحمل اسم قائد السرب فيليب كيفر، الذي قاد 177 رجلًا من كتيبة مشاة البحرية في إنزال نورماندي.
وستشارك أيضًا كتيبة مشاة البحرية أميو دانفيل، التي تحمل اسم قائد السرب الذي استشهد في إيطاليا في يونيو 1944.
وأشار التقرير إلى أن سرب المطاردة "لورين"، وريث مجموعة القصف لورين التي شاركت في عملية "الستار الدخاني" خلال يوم إنزال نورماندي، سيكون حاضرًا أيضًا، بالإضافة إلى السرب الفرنسي للمطاردة رقم 1، وهو أول وحدة عسكرية حائزة على وسام التحرير.
الروح الأولمبية
وأشارت لو فيجارو إلى أن الروح الأولمبية ستكون حاضرة بقوة في العرض، فسيتم تنظيم أول مرحلة من حمل الشعلة الأولمبية في باريس خلال العرض، حيث سيحملها الكولونيل تيبو فاليت، الحائز على الميدالية الذهبية في مسابقة الفروسية الشاملة في أولمبياد ريو 2016.
كما سيقوم 80 شابًا بتشكيل الحلقات الأولمبية أمام المنصة الرئاسية، في إشارة رمزية إلى أهمية الرياضة في القوات المسلحة.
وذكرت الصحيفة أن العديد من الرياضيين العسكريين سيشاركون في الألعاب الأولمبية، مثل بطلة الجودو كلاريس أجبينينو، وهي رقيب في الشرطة الفرنسية.
وأشار التقرير إلى أنه في أولمبياد طوكيو، حصدت البعثة الفرنسية 32 ميدالية من أصل 87 ميدالية فرنسية، و50% من الميداليات الذهبية.
تحديات أمنية وتكنولوجية
وفي ختام تقريرها، لفتت "لو فيجارو" إلى أن العرض العسكري سيكون فرصة أخيرة لاختبار أنظمة مكافحة الطائرات بدون طيار، قبل أسبوعين من حفل افتتاح الألعاب الأولمبية.
وأوضحت الصحيفة أن الاختبارات التي أُجريت على مدى أشهر قد كشفت عن بعض القيود في وسائل الكشف في البيئة الحضرية.
ومع ذلك، أكدت القوات المُسلحة ثقتها في قدرتها على تأمين الحدث بفضل تعدد الأنظمة المستخدمة، وأشار التقرير إلى أنه لم يتم تسجيل أي حوادث خطيرة خلال العروض السابقة؛ مما يعزز الثقة في الإجراءات الأمنية المتخذة.