كشفت تحقيقات لصحيفة "هآرتس" العبرية، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي أصدر أوامر بتفعيل بروتوكول "هانيبال" بقتل الخاطف والمخطوف في 7 أكتوبر، حيث تم منع أي سيارة من العودة إلى غزة.
"كانت هناك هستيريا جنونية، وبدأ اتخاذ القرارات دون معلومات مؤكدة"، هكذا كشفت الوثائق والشهادات التي حصلت عليها "هآرتس" أن أمر هانيبال العملياتي، الذي يوجه استخدام القوة لمنع أسر الجنود، تم استخدامه في ثلاث منشآت عسكرية تسللت إليها قوات فصائل المقاومة الفلسطينية، مما عرض المدنيين للخطر أيضًا.
ما هو بروتوكول هانيبال؟
يعد بروتوكول هانيبال إجراء يستخدمه جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنع أسر جنوده، حتى لو كان ذلك بقتلهم، لذلك يسمح هذا التوجيه بقصف مواقع الجنود الأسرى.
صاغ البروتوكول الذي لقي جدلًا واسعًا في إسرائيل، حيث يصفه معارضوه بـ"الخيار الوحشي" الذي يخاطر بأرواح أسرى يمكن إنقاذهم، 3 ضباط رفيعو المستوى، وبقي سريًا، حتى اعتماده في 2006.
طبقت إسرائيل توجيه "هانيبال" في مناسبات عديدة منذ 1986، وكان التنفيذ الأكثر تدميرا في رفح عام 2014، ومن بين 11 إسرائيليا طُبق عليهم البروتوكول في 7 مناسبات، لم ينج سوى جندي واحد.
عاد مصطلح "بروتوكول هانيبال" إلى الظهور مجددا في عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية فجر السابع من أكتوبر 2023، واقتحمت خلالها مستوطنات غلاف غزة، وسيطرت على عدة مواقع وقواعد عسكرية لجيش الاحتلال، وأسرت نحو 250 إسرائيليا بينهم عشرات الجنود والضباط، وهو ما رد عليه الاحتلال بقصف عنيف على غزة أسفر عن آلاف الشهداء والمصابين.
وضع فوضوي
وفقًا للصحيفة الإسرائيلية، صدر أمر بتنفيذ الضربة الجوية الأولى عند معبر بيت حانون (إيرز)، ولاحقًا، هاجم جيش الاحتلال معسكر "ريعيم"، وبؤرة "ناحال عوز" الاستيطانية، ومنطقة السياج التي كان يختبئ فيها المدنيون الإسرائيليون.
وتكشف المعلومات التي وصلت إلى "هآرتس"، سلوك "فرقة غزة" وهي فرقة عسكرية إقليمية تابعة للقيادة الإقليمية الجنوبية بالجيش الإسرائيلي التي تعمل في نطاق قطاع غزة والمنطقة المحيطة به، في الساعات الأولى من معركة "طوفان الأقصى".
ووفقًا للصحيفة، كان الوضع فوضويًا في الساعات الأولى لهجوم "طوفان الأقصى" لدى إسرائيل، وجاءت التعليمات التي أذيعت على شبكة الاتصالات التابعة لفرقة غزة، في 7 أكتوبر عند الساعة 11:22 أنه "لا يجوز لأي مركبة العودة إلى قطاع غزة".
وفقًا للصحيفة، كان جيش الاحتلال لا يزال في تلك المرحلة لا يعرف حجم عمليات الاختطاف في غزة، لكنه كان يعلم أن هناك الكثير منها، لذلك كان من الواضح تمامًا ما تعنيه الكلمات التي قيلت، وما هو المصير الذي قد يترتب عليها بإصابة بعض المختطفين وتعريض حياتهم للخطر.
ووفقًا للتحقيقات، لم تكن هذه التعليمات الأولى التي تصدرها فرقة غزة التي أمرت بإحباط عمليات الخطف على حساب حياة المختطفين، أو كما تعرف في جيش الاحتلال الإسرائيلي "نظام هانيبال".
وتكشف الوثائق التي حصلت عليها "هآرتس"، إلى جانب شهادات جنود وضباط كبار في جيش الاحتلال، عن سلسلة من الأوامر والإجراءات التي تلقتها فرقة غزة والقيادة الجنوبية وهيئة الأركان العامة حتى بعد ظهر يوم 7 أكتوبر.
نيران صديقة
وأظهرت الوثائق تفاصيل بشأن مدى اتساع نطاق استخدام "نظام هانيبال" في الساعات الأولى من هجوم الفصائل الفلسطينية، وفي نقاط مختلفة في المنطقة المحيطة في غزة.
واستنادا إلى المعلومات والإفادات التي جمعتها الصحيفة العبرية، فإن عددًا غير قليل من الإسرائيليين، تعرضوا للنيران الإسرائيلية حتى لو لم يكونوا هم الهدف.
واعترف مصدر أمني لصحيفة "هآرتس"، إنه تم تنفيذ "نظام هانيبال" بالفعل في 7 أكتوبر، لكن الأمر لم يصدر عن قائد فرقة غزة، وقال: "لم يكن لدى أحد أي فكرة عما يحدث في الخارج.. لقد صُدم الجميع بعدد المقاتلين الذين تسللوا، حتى في أسوأ أحلامنا، لم يكن لدينا خطة لمثل هذا الهجوم، ولم يكن لدى أحد أي فكرة عن عدد المختطفين أو مكان وجود القوات، كانت هناك هستيريا جنونية وبدأوا في اتخاذ القرارات دون أي معلومات مؤكدة".
وفي الساعة 10:32 صدر أمر يقضي بإلزام "جميع الكتائب في القطاع" بـ "إطلاق قذائف الهاون"، الأمر الذي لاقى انتقادات واسعة بين العسكريين الإسرائيليين، لأنه في ذلك الوقت لم يكن لدى الجيش صورة كاملة عن الوضع.
وكان لا يزال هناك مقاتلون من الجيش ومعهم مدنيون، وبقي بعضهم في المناطق المفتوحة والغابات القريبة من الحدود، حيث حاولوا الاختباء من عناصر المقاومة الفلسطينية.
ويعتبر جيش الاحتلال الإسرائيلي، الوحيد الذي يستخدم هذا الإجراء في العالم، رغم الانتقادات الداخلية المتكررة التي تطاله، وترى أنه لا يوفر الحماية لقواته في الميدان.