الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

انقسام في جبهة ماكرون.. الانتخابات تكشف شرخا بالمعسكر المضاد لليمين

  • مشاركة :
post-title
صورة تعبيرية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

شهدت فرنسا المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية، التي أسفرت عن نتائج مفاجئة ومقلقة للكثيرين، بعد تصدّر حزب التجمع الوطني اليميني المتشدد بقيادة جوردان بارديلا ومارين لوبان المشهد، متفوقًا على تحالف اليسار وائتلاف الرئيس ماكرون، وقد تناولت الصحف الفرنسية الرئيسية هذه النتائج بتحليلات متعمّقة ونبرات متباينة من القلق والصدمة، مع محاولات لاستشراف مستقبل المشهد السياسي الفرنسي.

انقسام معسكر ماكرون

أفردت صحيفة "لوموند" مساحة واسعة لتحليل الموقف المُعقّد الذي يواجهه تحالف ماكرون، إذ كشفت عن انقسام حاد داخل معسكر الرئيس حول كيفية التعامل مع ما يسمى بـ"الجبهة الجمهورية" التقليدية ضد اليمين المتطرف.

ونقلت "لوموند" عن رئيس الوزراء جابرييل أتال قوله في خطاب متلفز مساء يوم الانتخابات: "هدفنا واضح.. منع التجمع الوطني من الحصول على أغلبية مطلقة في الجولة الثانية والسيطرة على الجمعية الوطنية وبالتالي حكم البلاد بمشروعه المشؤوم".

وأضاف "أتال" بنبرة حازمة: "أقولها بكل القوة التي يتطلبها هذا الموقف لكل ناخبينا.. لا يجب أن يذهب أي صوت للتجمع الوطني.. في مثل هذه الظروف، تستحق فرنسا ألا نتردد أبدًا".

في المقابل، نقلت الصحيفة عن فرانسوا بايرو، حليف ماكرون ورئيس حزب الحركة الديمقراطية، تفضيله لاتخاذ قرارات الانسحاب "دائرة بدائرة" لصالح اليسار، ومن ثم منع سيطرة اليمين المتطرف.

فيما دعا إدوارد فيليب، رئيس الوزراء السابق، إلى التصدي للتجمع الوطني وحركة فرنسا الأبية على حد سواء، في موقف وسطي بين الرأيين.

هذا الانقسام، بحسب "لوموند"، يعكس حجم المأزق الذي يواجهه معسكر ماكرون، بين ضرورة منع وصول اليمين المتطرف للسلطة من جهة، والحفاظ على تماسك تحالفه السياسي من جهة أخرى.

ماكرون ونزوات نرجسية

اتخذت صحيفة "لوبوان" موقفًا نقديًا حادًا تجاه الرئيس ماكرون، محمّلة إياه المسؤولية المباشرة عن الوضع الراهن، إذ تناولت الاستحقاق الديمقراطي بعنوان "فوضى الانتخابات التشريعية: شكرًا ماكرون!"، ووصفت قرار حل البرلمان بأنه "نزوة نرجسية" أدت إلى "مشهد سياسي مدمر".

وأبرزت "لوبوان" المفارقة الصارخة بين خطورة الموقف وسلوك ماكرون يوم الانتخابات، إذ وصفت مشهد الرئيس وهو يتجول مبتسمًا في شوارع مدينة لو توكيه، مرتديًا ملابس غير رسمية ونظارات شمسية، بأنه تصرف "مراهق قرر إظهار مدى روعته من خلال مشيته وملابسه".

وقالت الصحيفة بسخرية: "هل يبدو على الأقل جادًا أو قلقًا في انتظار نتائج تبدو مقلقة؟ لا على الإطلاق.. إنه يبتسم مثل مراهق قرر أن يظهر من خلال مشيته وملابسه مدى كونه رائعًا".

أرقام صادمة

ركّزت صحيفة "ليبراسيون" على الأرقام الصادمة للجولة الأولى، مشيرة إلى حصول التجمع الوطني على 33.2% من الأصوات، يليه تحالف الجبهة الشعبية اليساري بـ28%، بينما تراجع تحالف ماكرون إلى المركز الثالث بـ20.7%. 

كما أشارت الصحيفة إلى فوز 78 نائبًا من الجولة الأولى، منهم 39 للتجمع الوطني و32 للجبهة الشعبية.

وسلّطت "ليبراسيون" الضوء على الغموض الذي يكتنف موقف اليسار من الجولة الثانية، خاصة في الدوائر التي يتنافس فيها مرشحو ماكرون مع اليمين المتطرف، ونقلت الصحيفة عن مانويل بومبارد، منسق حركة فرنسا الأبية، دعوته في مقابلة إذاعية: "بألا يُمنح التجمع الوطني أي صوت"، دون أن يدعو صراحة إلى التصويت لمرشحي ماكرون.

وأوردت الصحيفة مثالًا على هذا الغموض في دائرة إليزابيث بورن، رئيسة الوزراء السابقة، حينما تصدّر مرشح التجمع الوطني النتائج، تلته بورن، ثم مرشح اليسار الذي انسحب.

وعندما سئل بومبارد عما إذا كان يدعو للتصويت لبورن، أجاب: "لست مالكًا لأصوات الناخبين والناخبات، موقفنا هو عدم التصويت لمرشح التجمع الوطني".

هذا الموقف الملتبس من اليسار يضيف طبقة إضافية من التعقيد للمشهد السياسي الفرنسي، ويطرح تساؤلات حول إمكانية تشكيل جبهة موحدة ضد اليمين المتطرف في الجولة الثانية.

صدمة وآمال ضعيفة

وصفت صحيفة "لو باريزيان" النتائج بأنها "كارثة" لمعسكر ماكرون، متوقعة أن يفقد التحالف الرئاسي ما بين 144 و174 مقعدًا في الجمعية الوطنية.

ونقلت الصحيفة عن مصادر في قصر الإليزيه قولها إن الرئيس ماكرون سيعقد اجتماعًا طارئًا لمناقشة استراتيجية الجولة الثانية.

ورغم هذه النتائج المخيبة، أشارت "لو باريزيان" إلى أن الماكرونيين ما زالوا يأملون في منع وصول اليمين المتطرف إلى السلطة من خلال "تحالف القوى الجمهورية من اليسار واليمين"، لكنها وصفت هذا الأمل بأنه "ضعيف"، نظرًا لصعوبة التوفيق بين المواقف المتباينة للأحزاب المختلفة.

وركزت صحيفة "ليزيكو" الاقتصادية على تراجع شعبية تحالف ماكرون في العاصمة باريس، التي كانت تعتبر معقلًا تقليديًا له.

وأشارت الصحيفة إلى خسارة كليمان بون، وزير النقل السابق، مقعده لصالح إيمانويل جريجوار، النائب الأول الاشتراكي لعمدة باريس.

كما سلّطت "ليزيكو" الضوء على الوضع الصعب لستانيسلاس جيريني، وزير الوظائف العامة، الذي جاء في المركز الثاني خلف مرشحة اليسار في دائرته، وأوضحت الصحيفة أن الأخير، أحد مؤسسي حركة ماكرون، كان قد فاز بمقعده بصعوبة في انتخابات 2022 أمام المنافسة نفسها.

وخلصت "ليزيكو" إلى أن هذه النتائج تؤكد "تراجع شعبية ماكرون في باريس"، مشيرة إلى أن تحالف الرئيس كان يسيطر على تسع من أصل 18 دائرة في العاصمة قبل هذه الانتخابات.