في خطوةٍ مهمةٍ نحو تعزيز الأمن الأوروبي، أعلنت فرنسا وألمانيا وبولندا عن اتفاق لتعميق التعاون الدفاعي بينها، جاء هذا الإعلان خلال اجتماع وزراء دفاع الدول الثلاث، وسط أجواء سياسية متوترة في فرنسا التي تستعد لانتخابات مُبكرة، فيما يثير هذا التطور تساؤلات حول مستقبل السياسة الدفاعية الأوروبية وموقفها من القضايا الإقليمية الساخنة، خاصة في ظل احتمال صعود اليمين المتشدد في فرنسا.
تعاون دفاعي مُتجدد
أشارت صحيفة بوليتيكو الأمريكية إلى تصريحات وزير القوات المسلحة الفرنسي سيباستيان ليكورنو، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيريه الألماني بوريس بيستوريوس والبولندي فواديسواف كوسينياك-كاميش، إذ كشف ليكورنو عن خطط لتعزيز التعاون في مجالات التدريبات المشتركة والتنقل العسكري والتعاون الصناعي.
وأكد وزير القوات المسلحة الفرنسي أن فرنسا ستنضم إلى اتفاقية "شنجن العسكرية" التي وقعتها بالفعل بولندا وألمانيا وهولندا، بهدف تسهيل حركة القوات والمعدات العسكرية داخل الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا السياق، صرح الوزير البولندي كوسينياك-كاميش قائلًا: "لا يوجد دفاع فعّال دون تنقل فعّال. لا يمكن للبيروقراطية أن تقف في طريق أنشطتنا العملياتية."
وأضاف أن الدول الثلاث ستجري تدريبات عسكرية مشتركة في بولندا العام المقبل.
مشاريع صناعية مُشتركة
وبحسب ما أشارت الصحيفة، أكد كل من ليكورنو وبيستوريوس أن المشاريع المشتركة لتطوير دبابة القتال الرئيسية المستقبلية ومقاتلة الجيل القادم مفتوحة لشركاء أوروبيين آخرين.
وأعلن ليكورنو أنه على هامش قمة الناتو في واشنطن في يوليو، ستوقع فرنسا وألمانيا ودول أخرى مهتمة خطاب نوايا لتطوير قدرات الضربات العميقة بشكل مشترك.
التداعيات السياسية الُمحتملة
يأتي هذا التعاون المتجدد في ظل أجواء سياسية متوترة في فرنسا، إذ أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أخيرًا عن حل البرلمان بشكل مفاجئ بعد الهزيمة التي مُني بها حزبه الليبرالي أمام اليمين المتشدد في الانتخابات الأوروبية. وتشير التقارير إلى أن هذا قد يكلف ليكورنو منصبه.
وفي تعليقه على الوضع، قال بيستوريوس: "على المستوى الشخصي البحت، سأكون سعيدًا بمواصلة التعاون الجيد الذي أقمناه مع سيباستيان ليكورنو، هناك الكثير مما يجب القيام به. لم تكن السياسة الدفاعية بهذه الأهمية من قبل."
مستقبل الدعم لأوكرانيا
أكد ليكورنو استمرار فرنسا في تقديم الدعم العسكري لأوكرانيا، بما في ذلك صواريخ "استر"و "سكالب"، بالإضافة إلى مقاتلات ميراج 2000 ومع ذلك، فإن فوز اليمين المتشدد في الانتخابات القادمة قد يهدد هذا الدعم.
وفي هذا الصدد، صرح جوردان بارديلا، مرشح التجمع الوطني لرئاسة الوزراء، بأنه لن يرسل صواريخ بعيدة المدى إلى كييف.
وقد أثار هذا الموقف مخاوف من حدوث أزمة في السياسة الخارجية والدفاعية الفرنسية في حال فوز اليمين المتشدد.
تأثيرات إقليمية مُحتملة
يرى مراقبون أن نتائج الانتخابات الفرنسية ستكون لها تداعيات تتجاوز حدود فرنسا، إذ أكد الوزير البولندي كوسينياك-كاميش أن "قرار الناخبين الفرنسيين سيكون له تأثير في جميع أنحاء أوروبا"، مُشددًا على ضرورة استمرار الدعم لأوكرانيا.