كشفت دراسة حديثة، تعد الأولى من نوعها، عن أن نصف البحيرات الكبرى حول العالم، بدأت تفقد توازنها وقدرتها أمام التحديات التي فرضتها الحياة العصرية الحديثة التي يقودها البشر، وأصبحت لا تستطيع التعافي أمام تلك الضغوط، مما وصفها أصحابها بأنها دعوة للاستيقاظ أمام ذلك الخطر.
تأتي تلك الدراسة في الوقت الذي كانت قد كشفت فيه دراسة تاريخية أخرى منذ أشهر، بعد مسح 2000 من أكبر البحيرات في العالم، والتي تمثل 95% من إجمالي تخزين الماء العذب على الكرة الأرضية، أن أكثر من 50% منها تعاني من فقدان المياه، وبحسب مجلة ساينس يعود ذلك إلى ارتفاع درجات الحرارة المناخية وأنماط الاستهلاك البشري غير المستدامة.
المرونة والتعافي
وتتميز البحيرات حول العالم بقدرتها على إظهار المرونة في التعافي تدريجيًا من الاضطرابات التي تحدث لها، وبحسب موقع "إيرث"، يمكن للبحيرة المرنة أن ترتد مرة أخرى وتقوم بالحفاظ على صفائها وصحتها وقدرتها على إعادة دعم الحياة المحيطة بها مرة أخرى.
وفي الدراسة الجديدة التي تعد الأولى من نوعها، فإن ما يقرب من نصف البحيرات الكبرى في العالم تكافح لإظهار تلك المرونة والتعافي من ضغوط الحياة العصرية والاضطرابات الناجمة عن تصرفات البشر، والتي تشمل التلوث وتغيرات درجات الحرارة والظواهر الجوية المتطرفة.
مصادر الضغط
وتأتي الملوثات، التي تجعل من الصعب على البحيرة الحفاظ على صحتها، من مصادر مختلفة مثل الجريان الزراعي على سطحها، والنفايات الصناعية ومياه الصرف الصحي غير المعالجة، والتي يمكن أن تضر بالأسماك والنباتات، وتعطل النظام البيئي، وتؤدي إلى تدهور جودة المياه.
أما بالنسبة لتغير المناخ، فوفقًا للدراسة المنشورة في مجلة رسائل البحوث الجيوفيزيائية، ترتفع درجة حرارة البحيرات مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب، والتي بدورها تؤدي إلى تكاثر المزيد من الطحالب، وهو ما يستنزف الأكسجين، مما يخنق الحياة المائية، ويضغط على سكان البحيرة.
الظواهر الجوية القاسية بدورها، مثل الأمطار الغزيرة والعواصف والجفاف، حيث تزيد الأمطار من جريان الملوثات بالبحيرات، بينما يؤدي الجفاف إلى انخفاض مستويات المياه، مما يؤدي إلى تركيز المواد الضارة بداخلها.
بصيص أمل
ومن أبرز الأماكن التي تتآكل فيها مرونة البحيرات الطبيعية، تتركز في شرق أمريكا الشمالية وشمال أوروبا، بسبب كونها مناطق ذات كثافة سكانية عالية، حيث تجعل كما تقول الدراسة وجود تلك الأعداد الكبيرة من الناس وجود هدر مفرط للمياه وعدم وجود مساحة كافية للتنفس.
ووجدت الدراسة وجود بصيص من الأمل في بعض البحيرات المرتفعة والتي تتلقى تدفقات كبيرة ومتزايدة من ذوبان الأنهار الجليدية، حيث تميزت تلك البحيرات بقدرة أكبر على الصمود في مواجهة تلك التحديات المناخية، وتتكيف مع الاضطرابات وتحسن قدرتها من التعافي.
دعوة للاستيقاظ
وقال أحد المؤلفين المشاركين في الدراسة يدعى تشانج أنها على الرغم من كونها الأولى من نوعها إلا أن تلك الإحصائيات الجديدة تعتبره دعوى للاستيقاظ والتذكير بأن البحيرات ليست مجرد مناظر طبيعية جميلة، إنما أنظمة بيئية حيوية تدعم عددًا لا يحصى من الأنواع، بما في ذلك جنسنا البشري.
ولفت الباحث إلى أن الاتجاه المثير للقلق الذي تسير فيه البحيرات، يؤكد الحاجة الملحة لجهود الحكومات والعلماء والمواطنين العاديين للعمل على التعاون في حماية البحيرات، حيث يمكن للجهود الجماعية أن تضمن بقاء البحيرات نابضة بالحياة وصحية للأجيال القادمة.