في قلب باريس، يكثّف الرئيس إيمانويل ماكرون وفريقه جهودهم لخوض معركة انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة، إلا أنه في الكواليس، تجري مناورات سرية لاحتواء تداعيات نتيجة محتملة غير مرضية في هذا الاستحقاق الانتخابي الحاسم. فاستطلاعات الرأي تشير إلى تقدم قوى اليمين المتطرف، ما يهدد بهزيمة قائمة حزب "النهضة" الحاكم.
تنطلق الانتخابات الأوروبية في الفترة من 6 - 9 يونيو ويتوقع أن تترك تأثيرًا مهمًا على واقع ومستقبل الاتحاد الأوروبي ودوله الـ27، ويبلغ إجمالي الناخبين في القارة العجوز نحو 360 مليون ناخب سيكون عليهم اختيار 720 عضوًا بهذا البرلمان.
مناورات ما بعد الانتخابات
يُعتبر احتمال هزيمة قائمة ماكرون في الانتخابات الأوروبية أمرًا واقعيًا في أوساط معسكره، حيث بدأت مناورات لاحتواء النتائج غير المرضية، وذكرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، أن إحدى الخطوات المحتملة هي إعادة إحياء فكرة الاندماج مع حزب "الحركة الديمقراطية" بزعامة فرانسوا بايرو، الذي يدعو إلى "حزب مركزي كبير ديمقراطي وجمهوري".
تثير تصريحات بعض قادة الحزب الحاكم حول ضرورة "التفكير الجماعي" في الاندماج أو التنحي بعد الانتخابات، غضب قيادة حملة الانتخابات، بحسب الصحيفة.
فيما يصر الرئيس ماكرون على أن "لا شيء محسوم" ويدعو إلى "الانتفاضة"، يبدو البعض قد استعد للرد على "الهزيمة المخيفة" المتوقعة.
سيناريوهات ما بعد الانتخابات
في حال الهزيمة، يتوقع بعض قادة الحزب الحاكم، وفقًا لصحيفة "لوفيجارو"، دعوات لحل الجمعية الوطنية من قِبل حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، كما يُنظر إلى هذه النتيجة كفرصة لبعض الساسة الفرنسيين وآخرين لإعلان نواياهم الرئاسية للانتخابات المقبلة.
وبحسب الصحيفة، تعود إلى الواجهة، فكرة تحالف ماكرون مع حزب "الجمهوريين" المحافظ، مع ترديد اسم رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه كمرشح محتمل لرئاسة الوزراء. لكن البعض يشكك في جدوى هذا التحالف الذي قد يفقد ماكرون حلفاء من الجناح اليساري.
وذكرت "لوفيجارو" أنه "في الوقت نفسه، يبدو الرئيس ماكرون نفسه، هو الوحيد المتفائل بشأن فرص قائمته في الانتخابات الأوروبية، إذ يميل إلى تجاهل ضرورة إجراء تغييرات جذرية بعد الانتخابات، متمسكًا بجدول أعماله التذكاري وأحداث رياضية قادمة لصرف انتباه الفرنسيين".
محاولات تهدئة الأوضاع
في محاولة لتهدئة الأوضاع وتجنب تصاعد حدة الخلافات، تسعى إدارة ماكرون إلى التركيز على الأحداث الرياضية القادمة كبطولة أمم أوروبا لكرة القدم وأولمبياد باريس، على أمل أن تشغل هذه الفعاليات اهتمام الفرنسيين بعيدًا عن النتائج السياسية.
ووفقًا لـ"لوفيجارو"، يأمل ماكرون أن تساعده زيارته المقررة لموقع مذبحة أورادور-سور-غلان في 10 يونيو، على إعادة توجيه الاهتمام نحو الشؤون الرمزية والتذكارية، بدلاً من الجدل السياسي.
تحديات متزايدة لماكرون
على الرغم من جهود ماكرون لتجاهل التداعيات المحتملة للهزيمة في الانتخابات الأوروبية، فإن الضغوط تتزايد عليه لإجراء تعديلات كبيرة، إذ أشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن قسمًا من حزبه يرى أن "ما ينتظره بعد 9 يونيو هو لا شيء، وهذا أمر خطير للغاية".
كما حذّر أحد كبار قادة الحزب الرئاسي من أن الرئيس "لديه ميل إلى الإنكار"، في حين يدرك رئيس الوزراء جابرييل أتال ضرورة التغيير.