في قلب بروكسل، عاصمة الاتحاد الأوروبي، تلوح في الأفق معركة سياسية حول قيادة المفوضية الأوروبية، وفي خضم هذه الأزمة، يبدو أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد رفع راية التمرد ضد رئيسة المفوضية الحالية أورسولا فون دير لاين، التي كانت في السابق حليفته المقربة.
مع اقتراب موعد الانتخابات لقيادة المفوضية، تشتعل الخلافات والمناورات السياسية، إذ يسعى ماكرون لإزاحة "فون دير لاين"، ويناقش خيارات بديلة مع زعماء الاتحاد الآخرين، وفي هذه الأجواء المشحونة تتصاعد التكهنات والمخاوف بشأن مستقبل الكتلة الأوروبية نفسها، بحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية.
إزاحة فون دير لاين
أفادت "بلومبرج" نقلًا عن مصادرها، بأن الرئيس الفرنسي يسعى لإزاحة رئيسة المفوضية الأوروبية، ويناقش حاليًا الخيارات البديلة مع زعماء الاتحاد الأوروبي الآخرين.
وتستعد "فون دير لاين" الآن لإجراء الانتخابات في أقل من شهرين، وتسعى للحصول على فترة ولاية أخرى مدتها خمس سنوات، في حين ماكرون، الذي كان أحد الشخصيات الرئيسية وراء ترقيتها إلى أعلى منصب في الاتحاد الأوروبي، ينتقد علنًا نهجها في إدارة مفوضية التكتل.
وقال "ماكرون"، في بروكسل، الشهر الماضي، إن "رئاسة المفوضية موجودة للدفاع عن المصلحة العامة، لذا يجب عدم المبالغة في تسييسها، وهو ما لم يكن هو الحال على الإطلاق مع هذه اللجنة المنتهية ولايتها".
دراجي.. البديل المحتمل
وكان الرئيس الفرنسي على اتصال مع قادة الاتحاد الأوروبي الآخرين بشأن مرشح محتمل ليتولى قيادة المفوضية، وهو رئيس الوزراء الإيطالي السابق ورئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي، حسبما ذكرت بلومبرج، نقلًا عن أشخاص مطلعين على هذه المناقشات.
وعلقت مصادر في بروكسل، بما في ذلك تلك الموجودة في مكتب فون دير لاين، بأنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان ماكرون يسعى حقًا إلى الإطاحة بها، أم أنه كان يمارس الضغط فقط من أجل انتزاع تنازلات منها في المستقبل.
وكان ماكرون، إلى جانب المستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل، من الشخصيات الرئيسية في عام 2019 وراء ترشيح فون دير لاين، وزيرة الدفاع الألمانية آنذاك، للانتخابات الرئاسية لمفوضية الاتحاد الأوروبي.
فون دير لاين لا تزال الأقرب
وتشير بلومبرج إلى أن "فون دير لاين" لا تزال الأقرب بشكل واضح للانتخابات المقبلة، نظرًا لأنها المرشحة الرئيسية لحزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي إلى يمين الوسط، والذي يمتلك أكبر عدد من المقاعد في البرلمان الأوروبي، ومن المتوقع أن يعزز موقفه بشكل أكبر خلال الانتخابات في يونيو.
ومع ذلك، لا يزال المرشح الذي يقدمه حزب الشعب الأوروبي يحتاج إلى دعم الأغلبية المطلقة في البرلمان.
وتضرر منصب الرئيس الحالي للاتحاد الأوروبي بسبب العديد من الفضائح البارزة، آخرها تفجر في وقت سابق من هذا الشهر عندما وجدت نفسها في مواجهة عاصفة من الانتقادات بسبب منح زميلها عضو البرلمان الأوروبي الألماني ماركوس بيبر وظيفة "مستشار خاص" براتب مُبالغ فيه، قُدّرَ بـ17 ألف يورو شهريًا.
وقال العديد من كبار المسؤولين، بما في ذلك كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، والمفوض تييري بريتون، في شكوى مشتركة إلى فون دير لاين، إن التعيين "أثار تساؤلات حول شفافية وحيادية عملية الترشيح" داخل الكتلة، إلا إن اللجنة تجاهلت هذه المزاعم، قائلة إنها "لديها كل الثقة في حقيقة أن العملية جرت في ظل الامتثال الكامل للإجراءات".