تسبب قرار دعوة فرنسا روسيا إلى حضور احتفالات الذكرى الـ80 لإنزال القوات الحليفة في نورماندي، بتوتر العلاقات مع الحلفاء، في وقت يستعد القادة للاحتفال على شواطئ نورماندي في 6 يونيو، وفقًا لما ذكره تقرير لصحيفة "بوليتيكو"، إذ أثار هذا القرار المفاجئ العديد من التساؤلات والمخاوف لدى الحلفاء الغربيين حول الدوافع والرموز وراء هذه الخطوة، في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.
قلق الحلفاء من دعوة روسيا
أعرب مسؤولون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفاء آخرون في الحرب العالمية الثانية، عن قلقهم البالغ إزاء دعوة روسيا للمشاركة في الاحتفالات.
وصرح مسؤول في البيت الأبيض لصحيفة "بوليتيكو" قائلًا: "لعل هذا سيُذكر الروس بأنهم حاربوا النازيين الحقيقيين في يوم ما، وليس النازيين الوهميين في أوكرانيا".
تحفظات بريطانية
انتقد مسؤول بريطاني في التقرير سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، واصفًا إياها بأنها "مقلقة"، حيث يبدو ماكرون وكأنه "فوق الصراع وسيكون وسيطًا للسلام" بشأن أوكرانيا، وهو موقف "خاطئ تمامًا"، حسب رأي المسؤول البريطاني الذي تحدث للصحيفة الأمريكية.
غياب التنسيق
عبّر دبلوماسي أوروبي آخر عن إحباطه من عدم التنسيق مع باريس، قبل إصدار الدعوة لروسيا، خاصة في ظل المستوى الرفيع للتمثيل من عدة دول، بما في ذلك الرئيس الأمريكي جو بايدن والعاهل البريطاني تشارلز الثالث والمستشار الألماني أولاف شولتس.
دوافع فرنسا لدعوة روسيا
دافعت الجهة المنظمة للاحتفالات "يوم التحرير" التي يرأسها السفير الفرنسي السابق في واشنطن، فيليب إيتيان، عن دعوة روسيا حسب ما ورد في تقرير "بوليتيكو"، مشيرةً إلى أن فرنسا "لا تقوم بالمراجعة السياسية للتاريخ"، وأنها دائمًا ما دعت الدول التي شاركت قواتها في إنزال نورماندي.
ومع ذلك، لم تُعلن الجهة المنظمة عن هوية الضيوف الروس المدعوين أو ما إذا كانت روسيا قد قبلت الدعوة من عدمه بحسب التقرير.
الخلافات الداخلية الفرنسية
لم تخل القضية من خلافات داخلية في فرنسا، إذ اعتبر نائب من حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون أن "الدعوة الموجهة لروسيا رسالة لم يتم فهمها" من قبل الحلفاء، لكنه رأى أنه "ليس متناقضًا أن نكون صارمين مع بوتين، ولكن أيضًا نتحدث معه".
مشاركات سابقة لروسيا
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تحضر فيها روسيا احتفالات نورماندي، فقد حضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين احتفالات الذكرى الـ60 والـ70 لإنزال القوات الحليفة، حسبما ذكرت صحيفة "بوليتيكو".
وشارك بوتين في احتفالات الذكرى الـ70 في عام 2014 بعد أشهر قليلة من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.
تبرير بريطاني لدعوة روسيا
في المقابل، دافع توبياس إلوود، النائب المحافظ والوزير البريطاني السابق للدفاع، عن دعوة روسيا للاحتفالات، قائلًا لصحيفة "بوليتيكو" إنه "لو لم تُدعَ روسيا، فإننا نخاطر بتشويش الجغرافيا السياسية الحالية مع وحدة الهدف في هزيمة النازية في الماضي"، في إشارة إلى الخسائر الفادحة التي تكبدها الاتحاد السوفيتي خلال الحرب العالمية الثانية والتي راح ضحيتها نحو 27 مليون شخص.
تغير موقف ماكرون
أشار التقرير إلى أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تخلى منذ فترة طويلة عن محاولاته للتوصل إلى تسوية مع بوتين في المراحل المبكرة من الحرب على أوكرانيا، إذ إنه في الأشهر الأخيرة، صعّد ماكرون من لهجته المناهضة لروسيا، متطرقًا في فبراير الماضي إلى إمكانية نشر قوات غربية في أوكرانيا.
على الرغم من ذلك، أشار التقرير إلى أن هناك "مؤشرات في الأشهر الأخيرة على أن باريس سعت أيضًا إلى التواصل مع موسكو"، حيث حضر السفير الفرنسي لدى روسيا بيار ليفي، مراسم تنصيب بوتين الرئاسية الخامسة الأسبوع الماضي، في خطوة أثارت دهشة المراقبين وسط مقاطعة معظم الدول الغربية لهذا الحدث.
مخاوف فرنسية
على الرغم من كل ذلك، لاحظ التقرير أن "الاستعدادات لاحتفالات نورماندي تأتي بعد تجديد روسيا هجومها على أوكرانيا، مع تركيز هجماتها في منطقة خاركيف الشمالية، وقد خلق قرار إشراك ممثلين روس -في هذا الوقت بالتحديد- حالة من عدم الارتياح حتى بين المسؤولين الفرنسيين".