في عالم سريع التغير للتكنولوجيا الرقمية، برزت منصات التواصل الاجتماعي كأدوات حاسمة في الحملات الانتخابية، ومع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية لعام 2024، تلعب منصة الفيديو الصينية الشهيرة "تيك توك" دورًا محوريًا في جذب الناخبين الشباب، خاصة من جيل الألفية.
رغم الانتقادات الواسعة النطاق التي تواجهها المنصة من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري، يبدو أن المرشحين المحتملين لا يستطيعون تجاهلها.
عنصر لا غنى عنه في الانتخابات
وفقًا لما ذكره جيمس هاجرتي، رئيس شركة PRCG للاتصالات الاستراتيجية، في حديثه لمجلة نيوزويك: "بصرف النظر عن الجدل حولها، فإن انتخابات 2024 ستكون انتخابات تيك توك".
وتُشير نيوزويك إلى أن هذا التصريح يأتي على الرغم من محاولات الرئيس السابق دونالد ترامب، حظر المنصة في الولايات المتحدة من خلال أمر تنفيذي خلال فترة ولايته، إلا أنه انضم هو نفسه إلى تيك توك يوم السبت الماضي بنشر فيديو قصير.
شعبية تيك توك بين الشباب
يحظى تيك توك بشعبية كبيرة بين الشباب، حيث كشفت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث أن 62% من الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 عامًا يستخدمون المنصة.
في انتخابات 2024، سيشكل الناخبون من جيل الألفية أكثر من 40 مليون ناخب محتمل، أي نحو خُمس الهيئة الناخبة الأمريكية، وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة سركل للمعلومات والبحوث حول المشاركة المدنية.
حملات المرشحين على تيك توك
في البداية، لم يكن الرئيس جو بايدن متحمسًا لاستخدام تيك توك؛ بسبب مخاوف أمنية وخصوصية تتعلق بملكيتها الصينية، لكن حملته الانتخابية انضمت في نهاية المطاف إلى المنصة، خلال بث مباراة كأس السوبر بول هذا العام بنشره أول فيديو له على تيك توك بتعليق "لول هاي جايز".
حتى بعد توقيع بايدن على قانون من شأنه حظر تيك توك إذا لم تبع شركة "بايت دانس" الصينية المنصة بحلول يناير 2025، أكدت حملته نيتها الاستمرار في استخدامها حتى يوم الانتخابات، قائلة: "في بيئة إعلامية متشظية، علينا مقابلة الناخبين أينما كانوا - بما في ذلك عبر الإنترنت".
من جهتها، دافعت حملة ترامب عن انضمامه إلى تيك توك قائلة في بيان: "لن نترك أي جبهة دون الدفاع عنها، وهذا يمثل مواصلة الوصول إلى جمهور أصغر سنًا، يستهلك محتوى مؤيدًا لترامب ومعارضًا لبايدن".
في ليلة السبت الماضي، أطلق ترامب حسابه على المنصة بمقطع فيديو مدته 13 ثانية، أعلن فيه دانا وايت رئيس رابطة الفنون القتالية المختلطة قائلًا: "الرئيس موجود الآن على تيك توك".
@realdonaldtrump Launching my TikTok at @UFC 302.
♬ original sound - President Donald J Trump
وفي أقل من 24 ساعة، تجاوز عدد متابعي ترامب على المنصة حاجز الملايين ليصل إلى أكثر من 2 مليون متابع، وبحلول صباح يوم الاثنين، ارتفع هذا العدد إلى 3.7 مليون متابع.
كما شوهد منشوره الوحيد على تيك توك أكثر من 63 مليون مرة.
فرصة لجذب الناخبين
تنظر الحملات الانتخابية إلى تيك توك كفرصة لجذب الناخبين الأصغر سنًا والأقليات العرقية والنساء، وهي شرائح مهمة من الناخبين في انتخابات 2024.
يقول جيمس هاجرتي لمجلة نيوزويك: "تحاول حملتا ترامب وبايدن فهم كيفية استخدام تيك توك بشكل فعّال لاقتطاع ما يكفي من هؤلاء الناخبين الأصغر سنًا الذين سيكونون حاسمين في تحقيق النصر، وهذا ليس بالأمر السهل بالنظر إلى أن مرشحيهما ولدا قبل انتشار التلفزيون في المنازل الأمريكية".
إلى جانب الشباب، تحظى منصة تيك توك أيضًا بشعبية كبيرة بين الأقليات العرقية والجنسانية، إذ أظهرت بيانات أن نحو نصف (47%) البالغين الأمريكيون اللاتينيون يستخدمون المنصة، مقارنة بنسبة 39% من البالغين ذوي البشرة السمراء و29% من البالغين الآسيويين و28% من البيض البالغين.
كما تستخدمه النساء بنسبة أعلى (40%) مُقارنة بالرجال(25%).
انخفاض شعبية منصات أخرى
على الرغم من التوقعات بأن يلعب تيك توك دورًا أكبر في الانتخابات المقبلة مقارنة بالانتخابات السابقة في 2020، فقد يكون صعوده مؤشرًا على انخفاض شعبية المنصات الأخرى، إذ يقول دايف كاربف، أستاذ مساعد في جامعة جورج واشنطن متخصص في وسائل التواصل الرقمية والسياسة: "تملأ منصة تيك توك الفراغ الذي تركته منصة تويتر السابقة".
ومع ذلك، لا يتوقع كاربف أن يكون لاستخدام الحملات لتيك توك تأثير كبير على نتيجة الانتخابات في نهاية المطاف، مُشيرًا إلى أن عوامل أخرى قد تكون أكثر تأثيرًا، مثل إدانة ترامب بـ 34 تهمة جنائية قبل أربعة أيام فقط من انعقاد المؤتمر الوطني الجمهوري، في واقعة غير مسبوقة.