بعد ما اشتعلت التوترات عبر مضيق تايوان من جديد، إثر تنصيب لا تشينج تي رئيسًا جديدًا لتايوان، الذي شدد على ضرورة الانفصال عن الصين، الأمر الذي دفع الجيش الصيني إلى تنفيذ مناورات عقابية ردًا على هذه التصريحات.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه الاحتمالات من غزو صيني محتمل لتايبيه، على حد تعبير الاستخبارات الأمريكية، فإن التايوانيين في كيلونج، موطن القاعدة البحرية يسيطر عليهم حالة من عدم اللا مبالاة للتصعيد العسكري الصيني المستمر نحو الجزيرة.
ردود الفعل الداخلية
في اليوم التالي عقب انتهاء التدريبات الصينية "العقابية" حول الجزيرة، صبَّ التايوانيون اهتمامهم نحو فرقة هيب هوب تؤدي عروضها أمام الجماهير.
وفي شوارع تايبيه، ظهرت امرأة تتجول في الشوارع مع ثعبان حول رقبتها وأخرى مع حيوان إغوانا، في مشهد متناقض وكوميدي بعض الشيء، على حد تعبير شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.
وأكدت "سكاي نيوز" أن عقول التايوانيين بعيدة عن الصراعات السياسية، إذ يقول الشباب إنهم رأوا وسمعوا الكثير من التهديد الخطابي بين بكين وتايبيه خلال حياتهم القصيرة نسبيًا، لدرجة أنهم توقفوا عن أخذ الأمر على محمل الجد.
وقال أحد التايوانيين: "بعد سنوات عديدة من التدريبات العسكرية، اعتاد الناس على ذلك، ولا يعتقدون أن الصين ستهاجم فعليًا".
وعلى جبهة أخرى، قال آخر: "أنا قلق بشأن تأثير الصين واختراقها للسياسة التايوانية أكثر من قلقي بشأن الحرب".
في حين، أكد أحدهم، أن "الصين دولة ضخمة، وتايوان مكان صغير جدًا. وبحيرة واحدة في الصين أكبر من تايوان بعشر مرات. هل تعتقد أن هذه الأرض ذات فائدة لهم؟".
أما أحزاب المعارضة التايوانية الأخرى، فقد انتقدت خطاب الرئيس الجديد، إذ رأت أن "لاي" سلّط الضوء على أن الحزب الديمقراطي التقدمي يضع أيديولوجية الاستقلال فوق مصالح الجزيرة.
وقال إريك تشو لي لوان، رئيس حزب الكومينتانج، إن خطاب لاي الافتتاحي أظهر أنه اختار إطار عمل "دولتين" في التعامل مع بكين.
وأضاف تشو: "دعوة لاي إلى إطار عمل الدولتين يتناقض مع نهج الرئيسة السابقة تساي، القائم على دستور جمهورية الصين والقانون الذي يحكم العلاقات بين شعب منطقة تايوان ومنطقة البر الرئيسي"، مشيرًا إلى أن "هذا النهج قد يؤدي إلى زيادة التوترات عبر مضيق تايوان".
وانتقد مكتب الرئيس السابق ما ينج جيو، "لاي" لتقديمه "نظرية جديدة للدولتين" من خلال التشديد على تايوان كاسم للبلد، واعتبار جمهورية الصين الشعبية دولة أجنبية.
وقال هسياو هسو تسين، المدير التنفيذي لمؤسسة ما ينج جيو، في إشارة إلى قانون الجزيرة الذي يحكم العلاقات مع بكين: "هذا يتجاهل تمامًا القانون الذي يحكم العلاقات بين شعب منطقة تايوان ومنطقة البر الرئيسي".
وأكد أن "موقف لاي المباشر والصريح يميل نحو استقلال تايوان، ما يؤدي إلى وضع خطير غير مسبوق بين جانبي المضيق".
خطاب لاي
وخلال حفل تنصيبه، قال لاي، إن تايوان والبر الرئيسي للصين "ليسا تابعين لبعضهما البعض". كما حثَّ سكان الجزيرة على تجاهل أي أوهام تراودهم بشأن بكين.
وأكد الرئيس الجديد، أنه "طالما رفضت الصين نبذ استخدام القوة ضد تايوان، يتعين علينا جميعًا في تايبيه أن نفهم أنه حتى لو قبلنا موقف الصين برمته وتنازلنا عن سيادتنا، فإن طموح الصين في ضم تايوان لن يختفي ببساطة".
وعند مناقشة الوضع الدولي لتايوان، سلّط "لاي" الضوء على الأسماء التي يستخدمها "الأصدقاء الدوليون" للجزيرة وأشار إلى تايوان على أنها "أمة".
رد الصين
وفي أعقاب تصريحات لاي، بدأت الصين مناورات عسكرية جديدة بالقرب من تايوان بعد أيام قليلة من تعيين زعيمها الجديد الموالي للولايات المتحدة اليمين الدستورية.
وأجرت بكين، التي اتهمت الرئيس ويليام لاي تشينج تي بتصعيد التوترات في خطاب تنصيبه، التدريبات - التي تحمل الاسم الرمزي "السيف المشترك 2024A" - من الخميس حتى الجمعة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الصينية الرسمية "شينخوا".
وبدورها، وصفت وزارة الخارجية الصينية خطاب لاي بأنه "اعتراف باستقلال تايوان"، وهددت الرئيس الجديد برد انتقامي.فيما، قال وزير الخارجية الصيني وانج يي، إن مصير الانفصاليين التايوانيين هو العار التاريخي. مضيفًا أن خيانة لاي لأمته وأسلافه معيبة.
ونقلت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" عن وانج قوله: "مهما فعلوا، فلن يتمكنوا من منع الصين في النهاية من إنجاز إعادة توحيد الجزيرة بالكامل". قال تشن بنهوا المتحدث باسم المكتب الصيني للشؤون التايوانية: "أود أن أؤكد أنه بغض النظر عمّا يقوله لاي أو كيف يقوله، ذلك لن يغير الوضع وحقيقة أن تايوان جزء من الصين".