في الوقت الذي يحتفل فيه العالم بعيد العمال، يواجه العمال الفلسطينيون، في الأراضي المحتلة، خاصة قطاع غزة، أزمات حقيقية، بين التشريد والقصف والتهجير في قطاع غزة، والاختفاء القسري والمعاملة السيئة وسلب الحقوق والعنصرية في الأراضي المحتلة.
ويبلغ عدد العمالة الفلسطينية في إسرائيل، ما يقرب من 200 ألف عامل، وفقًا لإحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، منهم 173,400 في المدن الإسرائيلية، بالإضافة إلى 31 ألفًا يعملون في المستوطنات الإسرائيلية، بجانب العمال في قطاع غزة.
البطالة واللامساواة
تسببت أحداث غزة، في ضربة قوية للعمالة الفلسطينية، حيث تحول معظم العمال في القطاع الذي كان يساهم بحوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى البطالة، بحسب معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني، كما تم فرض إغلاق شامل على الضفة الغربية، وإلغاء كافة تصاريح العمل في الاقتصاد الإسرائيلي، ما أدى إلى تحول عشرات آلاف العمال إلى البطالة في الضفة الغربية، كانت مساهمات تحويلاتهم الخارجية تعادل ما يقارب 17% من الدخل القومي الإجمالي.
وتواجه العمالة الفلسطينية خطورة كبيرة، في ظل السياسات القمعية الإسرائيلية، ووفقًا للمعهد، فإن معالجة قضايا العمالة الفلسطينية وفق أولويات التنمية الاقتصادية الفلسطينية، لن تحل إلا بتغيير جوهري وإنهاء خضوعها للسياسات الاقتصادية الإسرائيلية، وممارسة السيادة الفلسطينية على الحدود الدولية والأراضي والمصادر الطبيعية، والحق في صياغة وتطبيق سياسات اقتصادية وطنية، تحرر الأراضي الفلسطينية المحتلة من التبعية والارتهان العميق للاقتصاد الإسرائيلي.
أزمات نفسية
من جانبها أكدت منظمة أطباء بلا حدود، وجود أزمة صحية نفسية حادة بين العمال الفلسطينيين في غزة، خاصة عمال الوحدات الصحية والمستشفيات، كاشفة بحسب موقع Peoplesdispatch، عن أن التعرض المستمر لعمليات القصف والتشريد والتهديد الوشيك بالغزو البري في رفح قد ترك العاملين في مجال الصحة يعانون من صدمات نفسية عميقة.
يأتي ذلك بسبب التدفق المتواصل للمرضى إثر الضربات الإسرائيلية، ومع تدمير المنظومة الصحية وندرة الإمكانات، يواجه عمال الصحة الفلسطينيون، الذين قتل منهم على الأقل 500 شخص، قرارات مستحيلة يوميًا، بين من سيخضع للعمليات الجراحية بدون تخدير، وما إذا كان عليهم المخاطرة باستهدافهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية أو التخلي عن مرضاهم أثناء إخلاء المرافق الطبية.
حماية واختفاء
وأظهرت آخر دراسة نشرها المعهد الفلسطيني، إلى أن العمال الفلسطينيين يواجهون حالة من اللامساواة، ترتبط بسياسة الاستعمار الاستيطاني، والذي يعمل على شتى الأصعدة وبصورة ممنهجة في ضرب جميع البنى التنموية الفلسطينية، الأمر الذي تعجز معه السلطات الفلسطينية من إحداث التنمية والحد من الفقر وتعزيز الأجور للعمال.
كما يتعرض العمال الفلسطينيون، لمعاملة قاسية وترحيل واختفاء، عند تعاملهم مع القوات الإسرائيلية، وفي بيان مشترك كشفت مؤسسات حقوقية فلسطينية، أن هناك ألف عامل من قطاع غزة كانوا يعملون في إسرائيل، اختفوا منذ السابع من أكتوبر ولم يظهر لهم أي أثر حتى الآن، واعتبروا ضمن المفقودين في ضوء جريمة الإخفاء القسري المتواصلة بحق معتقلي غزة.
وطالبت الدراسة بضرورة إعادة تنظيم حركة العمالة الفلسطينية في الاقتصاد الإسرائيلي، وفقًا لما نص عليه بروتوكول باريس، والذي يهدف إلى توفير الحماية القانونية للعمال الفلسطينيين، وتحويل كامل مستحقاتهم، كما طالبت الدول المانحة لتعبئة جهودها من أجل دعم وزارة العمل الفلسطينية لتقوم بدورها الطبيعي.