الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الصعوبات تحاصر فرنسا.. والنفوذ الأوروبي على المحك

  • مشاركة :
post-title
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في خضم الأزمات المتلاحقة التي ضربت القارة العجوز، لعبت فرنسا دورًا محوريًا في إدارة الأمور على المستوى الأوروبي، لكن ها هي اليوم تواجه تحديات جديدة قد تقلص من نفوذها في الاتحاد الأوروبي خلال الفترة المقبلة، ليدخل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في اختبار جاد قد يودي بفكرة ريادة فرنسا إلى غياهب التاريخ.

كانت كلمة "ماكرون" في جامعة السوربون محاولة لتوجيه أجندة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد بعد انتخابات البرلمان الأوروبي المقررة في 9 يونيو المقبل، إذ يأمل في تكرار التجربة كما نجح في ذلك عام 2017، لكن فرنسا اليوم بحسب ما تشير إليه صحيفة "لوموند" الفرنسية، ليست كما كانت قبل سبع سنوات، وقد يؤثر ذلك على نفوذها في المحافل الأوروبية.

السيادة الأوروبية

وتوضح الصحيفة الفرنسية أنه لا شك في أن مفهوم "السيادة الأوروبية" الذي كان محور خطاب ماكرون في السوربون عام 2017 والذي بدا وقتها "مفهومًا فرنسيًا للغاية"، قد فرض نفسه كمفهوم أوروبي بامتياز، كما أشار الرئيس الفرنسي نفسه، في خطابه الأخير، وبفضل الدور المحوري الذي لعبته باريس، تمكن الاتحاد الأوروبي من تحقيق تقدم غير مسبوق في السنوات الخمس الماضية، فمن خطة التعافي الأوروبية بعد جائحة كوفيد-19 إلى شراء اللقاحات والغاز بشكل جماعي، ومن اعتماد لوائح رقمية وأدوات دفاعية تجارية إلى بدايات سياسة صناعية، اتخذت الدول الـ27 الأعضاء منذ 2019 مبادرات غير مسبوقة تتماشى مع مفهوم "سيادة أوروبا" الذي حلم به ماكرون في 2017.

على الرغم من هذه الإنجازات، تواجه فرنسا اليوم صعوبات اقتصادية وسياسية قد تعوق أو تهمش دورها المستقبلي على الساحة الأوروبية، فمن المتوقع أن تواجه إجراءات من قبل المفوضية الأوروبية بسبب عجز موازنتها العامة، كما أن حلفاءها السياسيين في البرلمان الأوروبي سيشهدون تراجعًا في الانتخابات المقبلة، وفقًا للصحيفة الفرنسية.

يدرك ماكرون أن حفاظ فرنسا على نفوذها يتطلب تحالفات جديدة، خاصة مع ألمانيا، إلا إن العلاقات مع المستشار الألماني أولاف شولتس ليست على ما يرام، كما أن برلين تواجه ضغوطًا للتكيف مع واقع جديد، بعد اعتمادها لعقود على الغاز الروسي الرخيص.

مستقبل صعب للنفوذ الفرنسي

في ظل هذه الظروف الصعبة، سيكون على ماكرون بذل جهود مضاعفة لضمان أن تحافظ فرنسا على مكانتها المؤثرة في الاتحاد الأوروبي، ولن يكون الأمر سهلًا، إذ إن التحديات التي تواجه فرنسا لا تقتصر على الساحة الأوروبية فحسب، بل تمتد أيضًا إلى المشهد الدولي، وأشار ماكرون إلى أن العودة المحتملة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض ستشكل تحديًا جديدًا للنفوذ الفرنسي.

علاوة على ذلك، يرى ماكرون أن المنافسة الشرسة بين الصين والولايات المتحدة في سباق التقنيات المتقدمة تفرض على أوروبا ضرورة التسلح بقوة أكبر، وإلا فإنها قد "تختفي".

إصلاحات أوروبية جذرية

في هذا السياق، يدعو ماكرون إلى إصلاحات جذرية في السياسات النقدية والمالية والتجارية والصناعية للاتحاد الأوروبي، إلا إن اقتراحاته لا تلقى إجماعًا في صفوف الدول الأعضاء، ما سيتطلب من باريس بذل جهود دبلوماسية كبيرة لتمريرها.

إلى جانب هذه التحديات، تواجه ألمانيا ضرورة إعادة تعريف نموذجها الاقتصادي الذي كان يعتمد على الغاز الروسي الرخيص وفتح أسواق الصين. وسيكون قرار برلين بشأن المضي قدمًا في التعاون الأوروبي أو الانفراد بمصالحها حاسمًا بالنسبة لمستقبل النفوذ الفرنسي.

في هذا الصدد، لا شك أن ماكرون سيستخدم قوة إقناعه لدفع ألمانيا نحو اختيار التعاون الأوروبي، إذ يدرك أن استمرار النفوذ الفرنسي مرهون بقوة التحالفات التي يمكنه تشكيلها.

الوقت ينفد

في الختام، أشارت لوموند إلى ان فرنسا تواجه تحديات لا يستهان بها لاستعادة نفوذها المتراجع على الساحة الأوروبية، ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية الأوروبية، يبدو أن الوقت ينفد أمام باريس لتأمين مكانتها كلاعب رئيسي وصاحب نفوذ في المرحلة المقبلة من مسيرة الاتحاد الأوروبي.