- الفيلم كوميديا سوداء تهدف للحفاظ على أهمية الخيال والوصول لعالم ومكان أفضل
- تخطينا تحديات الميزانية بالإيمان بفكرة الفيلم
عانت المخرجة المصرية هالة القوصي نحو 8 سنوات من أجل خروج فيلمها "شرق 12" إلى النور، لكن لم تذهب هذه المعاناة سُدىً، إذ اُختير الفيلم للمشاركة ضمن مسابقة "نصف شهر المخرجين"، بالدورة الـ 77 لمهرجان "كان" السينمائي، المقرر انعقاده في الفترة من 14 إلى 25 مايو، وتضم القائمة نحو 30 فيلمًا من مختلف دول العالم.
تؤكد هالة القوصي خلال حوارها لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن مشاركة فيلمها في مهرجان "كان" السينمائي يعد خطوة مهمة في مشوارها المهني، إذ تقول: "من أسعد لحظات حياتي اختيار فيلمي للمشاركة في أهم محافل السينما في العالم، من بين 1590 فيلمًا طويلًا، لأن هذه المشاركة بمثابة تقدير وتكليل لأي عمل سينمائي، كما تعد خطوة مميزة للفيلم أن يتم العرض الأول له في "كان"، ما يؤهله للمشاركة بعد ذلك في مهرجانات دولية عدة".
التحضير للفيلم الذي يتصدى لبطولته منحة البطراوي، أحمد كمال، عمر رزيق، فايزة شامة، أسامة أبو العطا، وباسم وديعـ استغرق 8 سنوات بداية من الفكرة، حسبما توضح "القوصي"، مضيفة: "كانت الفترة الأطول هي مدة البحث عن التمويل إذ استغرقت نحو 4 سنوات، وبعد أن تخطينا هذه العقبة، واجهنا صعوبة جذب صنّاع ماهرين وفنيين ليكونوا شركاء معي بميزانية قليلة، وتنفيذ الفكرة التي تتواجد بمخيلتي بهذه الميزانية، فهذا الأمر لم يكن سهلًا بالنسبة لي، وكنت أركز على فكرة الاعتماد على تحفيز الممثلين وصنّاع العمل بالإيمان بالفكرة لأن الحوافز المادية لا تقارن بالسوق، وأيضًا كانت هناك صعوبة في تعليم الممثلين الرئيسيين أسس الموسيقى والرقص لتقديمها بشكل جيد ومناسب للعمل، خصوصًا أنهم غير مدربين على ذلك".
كان انتشار جائحة كورونا من الصعوبات التي واجهت مخرجة الفيلم إذ أدى ذلك إلى توقف العمل، قائلة: "كان لا بد من التأجيل حرصًا على سلامة فريق العمل وبعدها بدأنا التحضير للفيلم مرة أخرى لمدة عام ونصف العام، فكانت تجربة مليئة بالأحداث والتغييرات تقدم خلال 109 دقائق، لكنني سعدت للغاية بخروجها إلى النور بعد هذه المعاناة".
طبيعة خاصة
تشير صاحبة فيلم "شرق 12"، إلى أن الفيلم له طبيعة خاصة عن غيره، إذ تقول: "جاءت فكرة العمل بعد تقديمي فيلم "زهرة الصبار" عام 2017، الذي تعاونت من خلاله مع الممثلة منحة البطراوي، التي جذبتني نظرًا لحياتها الملهمة وشخصيتها، وبلورة إحساس الأم كان هدفي الأول لتقديم شخصية "جلالة الحكاءة"، التي تنقل الناس بقوة أسلوبها لمكان آخر وتجارب لا يعلمون عنها شيئًا ومن هنا تشكّل هذا العالم الخيالي الساحر، واعتمدت على هذه الحكاية نظرًا لحبي لهذه النوعية المشوقة التي تعد بمثابة صناديق سوداء للأجيال المقبلة للتعرّف عليها، كما أنها مصادر للمعرفة".
وتضيف: "الفيلم له طبيعة خاصة لأنه تم تصويره على خام سينما وليس بطريقة "الديجيتال"، وهذا الأمر لم يحدث في مصر منذ نحو 10 سنوات، لذا تعاونا مع مدينة السينما، حتى نعيد فتح معمل مدينة السينما من أجل تحميض الفيلم، ما مثّل تحديًا كبيرًا بالنسبة لنا، وكان جزءًا من صعوبات الفيلم اعتمادنا على تصوير المشاهد في ضوء الشمس لمدة طويلة، لذا كانت فترة الشتاء غير مناسبة، فانتهى بنا الأمر أن نصوره خلال شهري يوليو وأغسطس وهذا كان قاسيًا علينا للغاية".
الكوميديا السوداء
ترى هالة القوصي أن فيلمها يندرج تحت نوعية الكوميديا السوداء، نظرًا لاعتمادها على مشاهد تمزج خليطًا من المشاعر، إذ تقول: "عندما كنت أكتب موقفًا ما في الفيلم، أجد نفسي أضحك بعدما أكتشف أن هذا الموقف به مشاعر مختلطة ما بين الضحك والبكاء، فنحن كمصريين نضحك في المأساة وهذه من رحمة ربنا بالإنسان، وأظن أن هذه الرحمة تمنحنا راحة نفسية".
وتضيف: "رسالة الفيلم تتمثل في أهمية المحافظة على نوع الخيال المرتبط بكيفية أن نصنع لأنفسنا مستقبل أفضل، وعدم الغرق في الماضي وذكرياته، وألا نفقد قدرتنا على الوصول لمكانة أفضل وأرقى، فهذا العمل يهدف إلى تقديم رسالة سامية لجمهوره ودعوة للأمل".
الفن التشكيلي
تؤكد هالة القوصي أن عملها في الفن التشكيلي كان له تأثير واضح في تفاصيل الفيلم، إذ تقول: "الفن التشكيلي يساعد على فهم إشكاليات وجودية كبيرة من خلال صور ملهمة في كل عمل أُنفذه، والاعتماد على العنصر البصري أراه أقوى عناصر الفيلم، وهذا ساعدني بشكل كبير لتقديم العمل بشكل مختلف ومميز، كما أنني اعتمدت على مشاهد الأبيض والأسود وقليل من الألوان، من أجل إبعاد المشاهدين عن ربط الأحداث وجعله واقعًا غير كامل لعدم التشابه مع أي أحداث حقيقة حياتية".
وحول فكرة اختيار اسم "شرق 12"، تقول: "نشير إلى شيء غير موجود في الواقع ولا أحد يعيش في هذا العالم، وهذه الفكرة اعتمدنا عليها لإبراز ما يدور في مخيلتنا بشكل ساخر، ولكن الفكرة في مضمونها المختلف تذكرنا بأحداث غامضة، لكن لا يمكننا تكوين تصور محدد للمكان ولا السياق نفسه، نحن أردنا أن نشغل الناس بالتفكير في أحداث الفيلم وكما ذكرت رسالتنا الوصول لعالم ومكان أفضل".