- المصالح الصهيونية لها قدرة على التدخل وحظر الفن.. ولوحاتي التجريدية تدعم القضية الفلسطينية
- الفلسطينيون يبذلون قصارى جهدهم بهدف البقاء وممارسة حياتهم اليومية
- مذبحة الأطفال الأبرياء والهجوم على السكان العزّل مع حرمانهم من الغذاء والماء عمل إجرامي
يظل الفن أحد أهم الوسائل الحرة للتعبير عن قضايا المجتمع المختلفة، لكن يبقى الأمر مختلفًا حينما يتعلق الأمر بدعم القضية الفلسطينية، وهو ما حدث مع الفنانة التشكيلية الفلسطينية سامية حلبي، التي فوجئت بإلغاء المعرض الخاص بها من قِبل جامعة أنديانا الأمريكية، بعد ما أبلغها مدير المتحف أن الموظفين أعربوا عن قلقهم بشأن منشوراتها على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالحرب بين إسرائيل وغزة، وموقفها من دعم القضية الفلسطينية ووصفها للقصف الإسرائيلي بالإبادة الجماعية، كما تلقت مذكرة منه بإلغاء العرض رسميًا دون تفسير واضح.
وفي حوار خاص لموقع "القاهرة الإخبارية"، كشفت الفنانة الفلسطينية سامية حلبي، عن كواليس إلغاء معرضها، وكيف تلقت هذا الخبر، كما تطرقت إلى دور الفن في دعم القضية الفلسطينية، وتعليقها على محاربة الكيان الصهيونى للفنانين والمبدعين، ورسالتها للعالم من أجل شعب فلسطين، وتفاصيل أخرى تحدثت عنها في هذه السطور:
كيف رأيتِ ما تعرضتِ له بشأن إلغاء المعرض الخاص بكِ نتيجة دعمكِ للقضية الفلسطينية؟
الحقيقة أن الأمر كان غير متوقع، فرغم أن أجواء قمع الأصوات الفلسطينية في الولايات المتحدة كانت قوية ومعروفة بالنسبة لي، لكنني كنت أعتقد كوني خريجة جامعة أنديانا الأمريكية عام 1963، وبعد ست سنوات من التخرج قبلت منصب الأستاذية هناك، وأعتقد أن هذا من شأنه أن يحميني، كما كان هناك سبب آخر لثقتي المُضللة، وهو أنني كنت أعمل أيضًا بعناية مع أمين المتحف والموظفين لمدة ثلاث سنوات في جو ودي، لكنني كنت مخطئة، ويبدو أنه بغض النظر عن مدى التعاون الإبداعي الودي بين الناس، هنا يمكن للحكومة والمصالح الصهيونية التدخل وحظر الفن وحرية التعبير.
لكن.. ما الهدف الرئيسي من المعرض؟
بدأت التحضير للمعرض منذ نحو ثلاث سنوات، وكان مستمرًا من حين لآخر بعقد اجتماعات أسبوعية عبر برنامج Zoom، وكانت الخطة الأصلية هي تقديم أعمالي إلى سكان الولايات المتحدة، خصوصًا إلى الغرب الأوسط، من خلال معرض متنقل، وفي النهاية، كانت الجامعتان اللتان درست فيهما الفن في شبابي هما اللتان شاركتا في هذه الفكرة، جامعة إنديانا وجامعة ولاية ميشيجان.
ومع تقدم العمل، تعاون متحفا الجامعة، متحف إسكنازي في جامعة إنديانا ومتحف الفن الواسع في جامعة ولاية ميشيجان، لإنشاء نسختين من المعرض الاستعادي والمشاركة في إعداد الكتالوج. وكان كل شيء جاهزًا للانطلاق عندما تلقيت خبر الإلغاء.
هل كانت هناك بعض اللوحات الفنية التي تدعم القضية الفلسطينية في هذا المعرض؟
في المعرض الاستعادي الذي تم إلغاؤه لجامعة إنديانا، فإن لوحاتي التجريدية التي تسعى إلى استكشاف لغة الرسم تدعم القضية الفلسطينية فقط من حيث أنها لرسام فلسطيني يدعم القضية ويجد الجمال في تلك القضية، وفي المجتمع الذي يملك تلك القضية، كما تحمل العديد من اللوحات في المعرض عناوين تشير إلى فلسطين، على سبيل المثال لوحة "الانتفاضة العالمية" أو تلك التي تحمل عنوان "أرضنا الجميلة المسروقة في ليل التاريخ".
كيف ترين الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على الفنانين والمبدعين؟
أرى أن ذلك جزءًا من العجز المتزايد للمجتمع الرأسمالي، إذ يقومون بعملية تدمير ليس فقط للأشخاص، بل للتراث الثقافي الثمين، والقيم التي ينتمي إليها الجنس البشري بأكمله، غزة هي مدينة قديمة عظيمة ذات تراث ثقافي فريد، وآلاف السنين من التراث الثقافي يتألق في النسيج الأخلاقي الجميل والمقاومة التي يتمتع بها شعب غزة، فأنا أتعجب من الشباب الأبطال الذين ينتشلون الأطفال من تحت الأنقاض، وأبكي عندما أسمع الأطباء يتحدثون عما يتعرض له الأطفال، وإصرار هؤلاء الأطباء البقاء للمساعدة على حساب حياتهم.
وأؤكد أن مذبحة الأطفال الأبرياء جريمة ضد الإنسانية، والهجوم على السكان العُزّل المسجونين البالغ عددهم 2.3 مليون شخص خلال أكثر من 100 يوم من القصف مع حرمانهم من الغذاء والماء، يعد عملاً إجراميًا.
غالبًا ما تصوّر لوحاتك معاناة الحريات في زمن الحرب.. إلى أي مدى ترين أهمية الفن في دعم القضايا؟
عندما يدعم شعب ما قضية، تصبح جميع الأطراف مهمة، ويمكن استخدام الفن بعدة طرق لإيصال صوتهم والاحتفاء بقيمة هذا الكفاح، وتصوير الأحداث المروعة هو جزء من التقارير، كما أن صنع المُلصقات واللافتات جزء من الدعوة للدعم والتضامن، لكن من المهم أن نتذكر أن للفن وظائف عديدة في المجتمع وأن الكثير من هذه الوظائف لا فائدة منها لسبب ما أو على الأكثر ثانوي، وعلى سبيل المثال، إجراء بحث حول المتلازمات الطبية لن يساعد بشكل مباشر في قضية ما، لكن الأطباء الممارسين يمكن أن يساعدوا في قضية ما، وبالمثل، فإن اللوحات التي تسعى إلى أن تكون على حافة البحث في لغة الصور لا يمكن أن تساعد في النضال من أجل التحرر، لكن الملصقات والرسوم التوضيحية الرمزية يمكنها ذلك.
كيف ترين المشهد الفلسطيني حاليًا؟
يبذل الفلسطينيون قصارى جهدهم، ويبذلون كل ما بوسعهم من أجل البقاء وممارسة حياتهم اليومية في ظل ظروف شبه مستحيلة، فهم في حالة طوارئ عالية، والوفيات الناجمة عن المجاعة والمرض سوف تفوق قريبًا الوفيات الناجمة عن القصف المباشر، ومن المؤلم مشاهدة التأثير المذهل على الأطفال الذين نجوا من القصف.
ما رسالتك للعالم في ظل الصمت على الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني؟
رسالتي إلى العالم هي نداء لنقابات العمال في جميع أنحاء العالم للتنسيق ووقف شحن الأسلحة إلى إسرائيل، وآمل أن ينجح التماس جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية وأن يسمح للعالم ببدء مقاطعة جدية لإسرائيل، يجب أن تكون غزة حُرة، ليتمكن الفلسطينيون من العودة إلى منازلهم وأراضيهم، ومن المؤكد أن لديهم الحق في الدفاع عن أنفسهم من أي هجوم.
ويبدو أن العالم منقسم، وأعدادًا كبيرة ترى بوضوح الأكاذيب والدعاية المضللة التي تتظاهر بأنها أخبار، فنحن بحاجة إلى أن نبقى ملتزمين ونواصل المقاومة، ونبحث عن الشراكة مع الشعوب المضطهدة الأخرى.