حذّر كبار القادة في الجيش الأوكراني من أن هناك خطرًا كبيرًا من انهيار الخطوط الأمامية، أمام جحافل الجيش الروسي، التي تحطم المواقع الأوكرانية منذ أسابيع، إثر الهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار التي استخدمت على نطاق واسع، ما جعل روسيا قادرة على اختراق خط المواجهة في بعض الأجزاء وتدميره أينما قرروا تركيز هجومهم المقبل.
العزيمة والأخطاء
وأصبحت الصورة العسكرية قاتمة إلى حد كبير أمام كبار ضباط الجيش الأوكراني، الذين تحدثوا لمجلة "بوليتيكو" الأمريكية شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، مشيرين إلى أنه لا يوجد شيء يمكن أن يساعد أوكرانيا الآن؛ لأنه لا توجد تقنيات جادة قادرة على تعويض كييف عن العدد الكبير من القوات التي من المرجح أن ترسلها روسيا إليهم، حتى إن بعض تلك التقنيات العسكرية التي يملكها الروس، لا يملك منها الغرب أعدادًا كافية.
ووفقًا لهم، فإن ما يمكن أن يقف أمام الجيش الروسي هو العزيمة والمرونة الأوكرانية، وكذلك أخطاء القادة الروس التي قد تغير الديناميكيات القاتمة، وذلك في إشارة إلى الخطأ الكبير الذي ارتكبه الكرملين السبت الماضي، عندما شن الجيش الروسي واحدة من أكبر هجمات الدبابات على المواقع الأوكرانية منذ بدء الهجوم الشامل، وتمكن اللواء 25 الأوكراني من تحطيم طابور الدبابات، واستولى على العشرات منها و8 مركبات مشاة قتالية، التي كانت تعتبر ثلث قوة اللواء الروسي.
وانتقد الضباط الأوكرانيون رفيعو المستوى بشدة التباطؤ الغربي، إذ جاءت الإمدادات وأنظمة الأسلحة متأخرة للغاية وبأعداد غير كافية لإحداث الفارق الذي كان من الممكن أن يحدثوه لولا ذلك، مشيرين بحسب المجلة، إلى أن الاعتماد على الأخطاء الروسية ليست استراتيجية يمكن الاعتماد عليها.
فرصة واحدة
وأطلق الضباط عن تلك الحرب اسم "حرب الفرصة الواحدة"، وذلك يعود من وجهة نظرهم إلى أن أنظمة الأسلحة تصبح زائدة عن الحاجة بسرعة كبيرة رغم توافرها، ضاربين مثلًا باستخدامهم بصورة ناجحة لصواريخ كروز وستورم شادو، التي أعطتها فرنسا وبريطانيا لهم، لكن النجاح لم يستمر طويلاً، إذ تمكن الروس من إعاقتهم ولم يعطهم فرصة ثانية لاستخدامها ويتم إسقاطها سريعًا.
وقال الضباط إن الصواريخ المضادة للدبابات التي تطلق من الكتف، التي زودتهم بها المملكة المتحدة والولايات المتحدة في الأسابيع الأولى من الغزو، جاءت في الوقت المناسب، وساعدتهم في إنقاذ كييف، كذلك فعلت أنظمة الصواريخ الخفيفة متعددة الإطلاق HIMARS، التي تم استخدامها بشكل كبير، ما مكنهم من إخراج روسيا من خيرسون في نوفمبر 2022.
طائرات إف-16
واستشهد الضباط بصفقة الطائرات المقاتلة من طراز F-16 كمثال، التي لم يحصلوا عليها حتى الآن، ومن المتوقع تشغيل ما يقرب من 12 طائرة خلال الصيف المقبل بعد الانتهاء من التدريب الأساسي للطيارين، ووفقًا لهم كانت تلك الطائرات مهمة عام 2023، أما في 2024 فلم يعد لها فائدة على الإطلاق، وذلك لأن روسيا بحسب المجلة الأمريكية مستعدة لمواجهتهم.
وشرح الضباط أسباب ذلك، ففي الأشهر القليلة الماضية، بدأوا يلاحظون إطلاق الصواريخ من قِبل الروس في شمال شبه جزيرة القرم، لكن من دون الرؤوس الحربية المتفجرة، وفي البداية لم يتمكنوا من فهم السبب، إلا أنهم بعد ذلك اكتشفوا أنهم يحددون المدى، موضحين أن روسيا كانت تحسب المكان الأفضل لنشر أنظمة الصواريخ والرادار S-400 من أجل زيادة المساحة التي يمكن أن تغطيها لاستهداف طائرات F-16، وإبقائها بعيدًا عن الخطوط الأمامية والمراكز اللوجستية الروسية.
احتياجات أساسية
ويحتاج الجيش الأوكراني من الحلفاء الغربيين المزيد من الأسلحة التقليدية الأساسية إضافة إلى الطائرات بدون طيار، إذ يحتاجون إلى مدافع هاوتزر وقذائف، ومئات الآلاف من القذائف والصواريخ"، مقدرين أن أوكرانيا بحاجة إلى 4 ملايين قذيفة ومليوني طائرة بدون طيار.
وشدد الضباط، بحسب المجلة الأمريكية، على أنهم بحاجة إلى عدد أكبر بكثير من الرجال أيضًا، ولا يوجد في البلاد حاليًا ما يكفي من الرجال على الخطوط الأمامية، وهذا يؤدي إلى تفاقم مشكلة الدعم الغربي المخيب للآمال، مشددين على أنهم ليس لديهم أزمة عسكرية فحسب، بل لديهم أزمة سياسية كبيرة أيضًا.