فجر اقتراح الجمهوريين، استضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإلقاء خطاب أمام الكونجرس الأمريكي، حالة من الجدل في مبنى الكابيتول، وسط رفض واسع من الديمقراطيين، إذ ينظرون إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتسييس القضية الإسرائيلية لأغراض حزبية ضيقة.
وفي اجتماع مغلق للكتلة الجمهورية بمجلس النواب الأمريكي، طرح عدد من أعضائها فكرة دعوة نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونجرس، وأكد رئيس المجلس (الجمهوري) مايك جونسون أنه يدرس ترتيب هذه الزيارة بعد محادثة طويلة أجراها مع رئيس وزراء إسرائيل، قبل الاجتماع، إلا أن هذه الدعوة قوبلت باعتراضات حادة من النواب الديمقراطيين الذين اتهموا الجمهوريين بمحاولة زرع بذور الانقسام وإثارة الخلافات الحزبية حول إسرائيل.
النائب جيم ماكجفرن، من ولاية ماساتشوستس، أكد أن "كل ما يفعله هؤلاء الرجال (الجمهوريون) هو محاولة لزرع بذور الانقسام.. إنها كلها لمحاولة السعي وراء المزايا السياسية"، بحسب موقع أكسيوس الأمريكي.
فيما عاد النائب جاريد موسكوفيتز، من ولاية فلوريدا، إلى خطاب نتنياهو الجدلي أمام الكونجرس في عام 2015، مشيرًا إلى أنه "رأى كيف سارت الأمور في المرة السابقة عندما استُخدمت (إسرائيل) كقضية إشكالية".
فرصة للحوار أم مناورة سياسية؟
في المقابل، رحب بعض النواب الديمقراطيين المؤيدين لإسرائيل بفكرة خطاب نتنياهو، معتبرين أنها فرصة لطرح أسئلتهم ومخاوفهم مباشرة عليه، وقال النائب دان جولدمان، من نيويورك: "أعتقد أن الكثيرين منا سيرغبون في سماع نتنياهو.. لدى الكثير من الناس أسئلة لرئيس الوزراء الإسرائيلي".
لكن النائب مارك بوكان، من ويسكونسن، أحد منتقدي إسرائيل من الديمقراطيين المتشددين، شكك في استعداد نتنياهو للدخول في "حوار حقيقي"، مضيفًا "أعتقد أنهم "الجمهوريون" يحاولون زرع بذور الانقسام لأنهم لا يستطيعون تمرير مشروعات قوانين، أليس كذلك؟ لذا، عليهم القيام بشيء ما".
شومر يرفض دعوة نتنياهو
وفي تطور لافت، رفض زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر طلبًا من نتنياهو للإدلاء بكلمة أمام كتلة حزبه بالمجلس، معتبرًا أن هذه المناقشات لا ينبغي أن تحدث بطريقة حزبية.
وكان شومر انتقد نتنياهو بشدة الأسبوع الماضي، ودعا إلى إجراء انتخابات في إسرائيل.
ولا تقتصر تداعيات هذه الخلافات على الساحة السياسية الأمريكية فحسب، بل تمتد آثارها إلى العلاقات الخارجية للولايات المتحدة مع حليفتها الاستراتيجية إسرائيل، إذ وصل التوتر بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونتنياهو إلى درجة اضطر فيها الأول إلى التأكيد للأخير بأنه ليس بصدد محاولة طرده من السلطة.
كما واجهت دعوة شومر لإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل انتقادات حادة من الجمهوريين والمسؤولين الإسرائيليين، رغم تأييد معظم الديمقراطيين لموقف زعيمهم.
خطر تسييس العلاقات مع إسرائيل
يحذر خبراء من خطر تسييس العلاقات "الأمريكية-الإسرائيلية" التي كانت تتمتع بدعم حزبي واسع لعقود، وعبر النائب الديمقراطي جريج لاندسمان، من ولاية أوهاي، عن قلقه من أن العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة يجب أن تبقى فوق الخلافات الحزبية، محذرًا من استخدام إسرائيل "هراوة سياسية".
وتشير هذه التحذيرات إلى مخاوف من أن تصبح إسرائيل رهينة للصراعات الداخلية الأمريكية، الأمر الذي قد يضر بالمصالح الأمنية والاستراتيجية للطرفين على المدى الطويل.