أحدث خطاب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي تشاك شومر، الذي دعا فيه إلى تشكيل حكومة جديدة في إسرائيل، زلزالًا وصدمة كبيرة للعلاقات المتوترة بالفعل بين واشنطن وتل أبيب.
حالة جدل
وسلط موقع "أكسيوس" الأمريكي الضوء على حالة الجدل التي أثارها خطاب "شومر"، وذلك كونه أكبر مسؤول يهودي منتخب في البلاد، إضافة إلى أنه تربطه واحدة من أطول وأوثق العلاقات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مقارنة بأي سياسي أمريكي.
وأذهل خطاب شومر المسؤولين والمراقبين في كل من واشنطن وتل أبيب؛ لأنه كان ولا يزال من أشد مؤيدي الحزب الديمقراطي لإسرائيل منذ عقود، ووصف الموقع الأمريكي تصريحاته بـ"القاسية حول نتنياهو التي خلقت مساحة سياسية أكبر لأعضاء ديمقراطيين آخرين في الكونجرس للتعبير علنًا عن انتقاداتهم للحكومة الإسرائيلية وسط الحرب المستمرة في غزة".
صدمة شومر
ولفهم مدى أهمية هذه التعليقات، يجب العودة إلى مارس 2015، عندما كان شومر واحدًا من الديمقراطيين الوحيدين في مجلس الشيوخ الذين لم ينتقدوا خطاب نتنياهو الشهير أمام الكونجرس الذي انتقد فيه الاتفاق النووي الإيراني.
وبعد عدة أشهر، كان شومر واحدًا من الديمقراطيين الوحيدين في مجلس الشيوخ الذين صوتوا ضد الصفقة، متحديًا الرئيس الأسبق باراك أوباما انحيازًا إلى نتنياهو، ولهذا السبب كان شومر آخر شخص يتوقع نتنياهو أن يقف في قاعة مجلس الشيوخ -يوم أمس الخميس- ويصفه بأنه أحد "العقبات الأربع الرئيسية أمام السلام"، إلى جانب حماس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والإسرائيليين اليمينيين المتطرفين.
تغير المشاعر تجاه نتنياهو
ويقول المسؤولون الأمريكيون والديمقراطيون في مجلس الشيوخ إن تعليقات "شومر" تعكس التغير في المشاعر العامة تجاه حكومة نتنياهو، خاصة داخل الحزب الديمقراطي والجالية اليهودية الأمريكية ذات الأغلبية الليبرالية.
وقال أحد أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطي إنه في عام 2015، لم يكن شومر ليتمكن من وضع قدمه في العديد من المعابد اليهودية في نيويورك إذا صوّت لصالح الاتفاق الإيراني، وبعد هذا الخطاب، سيتم الترحيب به هناك بالثناء.
وأضاف السيناتور: "أن خطاب شومر يعكس ما يشعر به غالبية اليهود في أمريكا، فهم يدعمون إسرائيل ويريدون تدمير حماس، لكنهم سئموا من نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة".
وأخبر شومر كبار المسؤولين في البيت الأبيض، أول أمس الأربعاء، أنه سيلقي خطابًا حول إسرائيل، لكنه لم يعطهم نسخة من الخطاب أو يطلب إذنهم، حسبما صرح مسؤولون أمريكيون لموقع "Axios".
خطابٌ قاسٍ
وبينما لم يشجع البيت الأبيض "شومر"، لكنه لم يمنعه أيضًا، وقد فوجئ العديد من مسؤولي البيت الأبيض بمدى قسوته، إذ قال أحد المسؤولين الأمريكيين: "لا أعرف ما إذا كان الناس في إسرائيل يدركون حقًا حجم الخطوة التي سيتخذها بالنسبة له للقيام بذلك".
وقال مسؤول أمريكي، إن "البيت الأبيض سعى إلى إخماد خلافه العلني مع نتنياهو في الأيام الأخيرة، بعد أن خلص إلى أن التوترات المتصاعدة لا تخدم سوى المصالح السياسية الداخلية لرئيس الوزراء الإسرائيلي"، وكانت هذه هي المرة الثانية هذا الأسبوع التي يعلق فيها مسؤول أمريكي علنًا على ضعف نتنياهو السياسي.
إسرائيل ترد
وقال حزب الليكود الحاكم في إسرائيل، في بيان، إن "إسرائيل ليست جمهورية موز بل ديمقراطية مستقلة وفخورة أنها انتخبت رئيس الوزراء نتنياهو"، واتهم "شومر" بتقويض حكومة منتخبة ديمقراطيًا.
وأظهرت استطلاعات الرأي التي نشرت يوم الأربعاء الماضي، في جميع القنوات التلفزيونية الثلاث الرئيسية في إسرائيل، أن غالبية الإسرائيليين يريدون انتخابات مبكرة، وأنه إذا أجريت الانتخابات اليوم، فإن نتنياهو سيهزم أمام منافسه الوزير بيني جانتس.
لكن جانتس اختار أن ينأى بنفسه عن تصريحات شومر، قائلًا "إن زعيم مجلس الشيوخ ارتكب خطأ بإلقاء مثل هذا الخطاب، وأن أي تدخل في السياسة الداخلية لإسرائيل غير مقبول".