في خضم الأزمة السياسية التي تعصف بإسرائيل منذ شهور، على خلفية عملية "طوفان الأقصى"، وتأخر الحكومة في حسم اتفاق من أجل استرجاع المحتجزين في غزة لدى حركة حماس، دعت صحيفة "هآرتس" العبرية في افتتاحيتها أمس الجمعة، إلى ضرورة تصعيد الاحتجاجات الشعبية لإسقاط حكومة بنيامين نتنياهو، وسط اتهامات بالفشل الذريع في إدارة الأزمات والتهرب من المساءلة، مناشدة الإسرائيليين بالخروج إلى الشوارع لإنهاء "حقبة نتنياهو المظلمة".
انتقادات لاذعة
وجهت الصحيفة العبرية انتقادات لاذعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، معتبرة إياه "المسؤول عن أكبر كارثة تحل بإسرائيل منذ قيامها" في إشارة واضحة إلى هجوم طوفان الأقصى الذي شنته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023.
وقالت الصحيفة في افتتاحيتها التي عنونتها بـ"املأوا شوارع إسرائيل واعلنوا: يجب على نتنياهو أن يرحل"، إن نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة لم يكتفوا بالفشل الذريع في إدارة الأزمة والتصدي للهجمات، بل سعوا إلى التحريض ضد المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وإلقاء اللوم عليها بشكل متعمد في محاولة لتبرير عجزهم وتقاعسهم.
التهرب من المسؤولية
وأشارت الصحيفة إلى تقرير لجنة التحقيق الرسمية التي كُلفت بالتحقيق في حادثة التدافع المميتة التي وقعت في جبل ميرون، خلال احتفالات رأس السنة العبرية عام 2021 وأودت بحياة 45 شخصًا، مبينة أن التقرير كشف مرة أخرى عن "ثقافة نتنياهو القائمة على الأكاذيب والإهمال والتهرب من المسؤولية والاستسلام للمصالح الخاصة على حساب حياة الإنسان"، معتبرة أن رد حزب الليكود برئاسة نتنياهو على التقرير يؤكد عدم تغير السياسات والممارسات الخاطئة؛ حتى بعد الكارثة التي حلت بغزة في أكتوبر الماضي.
إغراق الشوارع واستئناف الاحتجاجات
ولفتت الصحيفة إلى أن الاضطهاد السياسي الذي تمارسه حكومة نتنياهو ضد المواطنين العرب واليهود المناهضين لسياساتها ولمواصلة الحرب وللاحتجاجات المناهضة للحكومة هو "أمر نموذجي للأنظمة التي تبنت عناصر ديكتاتورية"، مضيفة أنه "لم تكن هناك حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لإغراق الشوارع واستئناف الاحتجاجات المناهضة للحكومة، والمطالبة بإجراء انتخابات مبكرة"، مشددة على أن "نتنياهو وحكومته غير المسؤولة يجب أن يرحلوا فورًا".
تفوق حزب جانتس
وتأتي هذه الدعوات الصريحة للتظاهر ضد نتنياهو وإجراء انتخابات مبكرة في الوقت الذي أظهر فيه استطلاع حديث للرأي أجرته صحيفة معاريف العبرية، تفوق حزب "الوحدة الوطنية" برئاسة بيني جانتس على حزب "الليكود" الحاكم برئاسة نتنياهو بشكل كبير في حال إجراء انتخابات اليوم، إذ توقع الاستطلاع أن يحصل حزب جانتس على 40 مقعدًا في الكنيست مقابل 18 مقعدًا فقط لـ "الليكود".
كما توقع الاستطلاع تراجعًا حادًا لحزب "هناك مستقبل" برئاسة زعيم المعارضة يائير لابيد، حيث لن يحصل في حالة إجراء الانتخابات اليوم إلا على 10 مقاعد مقارنة بمقاعده الـ24 الحالية.
إضافة إلى ذلك أشارت نتائج الاستطلاع إلى عودة حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف للكنيست مجددًا، بعد خروجه في استطلاعات سابقة، إذ سيحصل على "4 مقاعد" في حالة إجراء الانتخابات اليوم، بعدما توقعت الاستطلاعات في الأسبوعين الماضيين عدم تخطيه نسبة الحسم.
جانتس يقترب من الحكم
وبحسب النتائج التي كشفها الاستطلاع، فإنه لو جرت انتخابات اليوم، سيحصل المعسكر المؤيد لنتنياهو على 47 مقعدًا فقط، فيما سيحصل المعسكر الرافض لرئاسة نتنياهو للحكومة على 68 مقعدًا، في حين سيحصل تحالف الجبهة الديمقراطية للسلام والقائمة العربية للتغيير الرافض لكلا المعسكرين على 5 مقاعد. كما أظهرت النتائج أن 48% من الإسرائيليين يرون أن جانتس هو الشخص الأنسب لتولي رئاسة الحكومة، مقابل 34% فقط يعتقدون أن نتنياهو مناسب لذلك المنصب.
تجدر الاشارة إلى أنه منذ عميلة طوفان الأقصى في يوم 7 أكتوبر 2023 يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه الدموي على قطاع غزة، مخلفًا عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".