"صبر الولايات المتحدة على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدأ ينفد".. عبارة تناقلتها العديد من التقارير عبر وسائل الإعلام الأمريكية والغربية والإسرائيلية، وأكدتها دعوة واشنطن لبيني جانتس (المنافس الواعد لنتنياهو) لزيارة أمريكا، وإسقاط أمريكا لمساعدات على قطاع غزة جوًا.
رسالة إلى نتنياهو
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية سلّطت الضوء على جانب آخر من تلك الزيارة، حيث اعتبرت دعوة الإدارة الأمريكية للوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني جانتس لزيارة واشنطن، بأنها "رسالة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".
ورأت الصحيفة أن زيارة جانتس إلى واشنطن "تُظهر حتما أن هناك شخصًا في الحكومة الإسرائيلية يجد المسؤولون الأمريكيون أنه يستحق ثقتهم، بعد إضافة الأشهر الخمسة الماضية إلى عدم الثقة والشك تجاه نتنياهو".
وفسرت وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية رحلة وزير الحرب بيني جانتس إلى الولايات المتحدة على أنها صدع في القيادة الإسرائيلية، وبحسب وكالة رويترز للأنباء فمن المتوقع أن يصل إلى واشنطن اليوم الاثنين (4 مارس) في زيارة تستمر يومين، وفق "فرانكفورتر روندشاو" الألمانية.
ضغط على إسرائيل
وينأى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بنفسه عن الولايات المتحدة بسبب عدم رغبته في تخفيف الأزمة الإنسانية في قطاع غزة إلى الحد الذي يرى الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه ضروري، وفق موقع "إم إس إن" الأمريكي.
ومع الضغط الأمريكي على إسرائيل لإدخال المساعدات الغذائية، وقعت مجزرة في شمال قطاع غزة الخميس الماضي، واقتحم آلاف الفلسطينيين الجائعين قافلة مساعدات، لكن قُتل 118 شخصًا وأصيب عدة مئات من الفلسطينيين، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.
وبحسب الجانب الفلسطيني وبعض شهود العيان، فقد أطلق الجيش الإسرائيلي النار، مما أثار حالة من الذعر الجماعي، لكن إسرائيل تنفي ذلك.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي: "إنه وفقًا لتحقيق أجرته القوات المسلحة، فإن معظم الأشخاص إما تعرضوا للدهس حتى الموت أو دهسا، وأن الذعر الجماعي اندلع فقط عندما حاصرت الحشود الشاحنات، فقُتل نحو عشرة أشخاص فقط بنيرانهم بعد أن اقترب حشد من الجنود الإسرائيليين وعرّضوهم للخطر".
وضع كارثي في غزة
ورأى موقع "إم إس إن"، "أن هناك شيئا واحدًا واضحًا بعد الحادث هو أن الوضع الإنساني في شمال قطاع غزة كارثي، واستجابت الولايات المتحدة بالفعل، وفي خطوة ملحوظة، أسقطت 38 ألف وجبة طعام على غزة، السبت الماضي، باستخدام طائراتها العسكرية.
يبدو أن الأمريكيين لم يعودوا يثقون في قدرة إسرائيل على إيصال ما يكفي من المساعدات إلى القطاع الساحلي برًا، فيقول مايكل ميلشتاين من جامعة تل أبيب: "إن تسليم المساعدات من الجو أمر محرج لإسرائيل"، بحسب "إم إس إن".
فقد الثقة في إسرائيل
ويقول الرئيس السابق لقسم فلسطين في المخابرات العسكرية الإسرائيلية: "من الواضح أن الحكومة الأمريكية فقدت الثقة في قدرة إسرائيل على إدارة أو الاستعداد لإنشاء أي نظام مستدام في غزة".
وفي ديسمبر الماضي، تنبأ سياسي أمريكي رفيع المستوى بما حدث في غزة قبل أيام قليلة، حيث قال: "إذا لم تصل المساعدات الإنسانية الكافية إلى غزة، فسوف نتعرض للنهب وانهيار النظام العام، ولذلك ضغطت الولايات المتحدة على إسرائيل لفتح كافة المعابر الحدودية أمام توصيل المواد الغذائية".
وبعد مرور ثلاثة أشهر، لم يحدث ذلك، وقد نفد صبر واشنطن، وحتى الآن، لم تصل المساعدات من إسرائيل إلا إلى معبر كرم أبو سالم الحدودي، الذي يغلقه بانتظام نشطاء اليمين، ولا يفعل الجيش والشرطة سوى القليل حيال ذلك.
إحباط بايدن
وتأتي زيارة جانتس للولايات المتحدة، في الوقت الذي تشعر فيه إدارة بايدن بالإحباط المتزايد تجاه نتنياهو وائتلافه اليميني، وفقًا لـ"تايمز أوف إسرائيل".
وقال "بايدن"، في مقابلة سابقة على شبكة "إن. بي. سي" الأمريكية، إن الحكومة الإسرائيلية "ستخسر الدعم الدولي في حال استمرت على نهجها اليميني المتشدد الحالي".
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أمس، بأن مسؤولين بالولايات المتحدة، صرّحوا بأن "إدارة نتنياهو عنيدة ومتعجرفة وتتحدى شركاءها الأمريكيين، وواشنطن لن تتسامح في ذلك".
وأكد مسؤول في البيت الأبيض، أن جانتس سيلتقي بـ"هاريس"، ومن المتوقع أن تتناول المحادثات موضوعات تشمل تقليل الخسائر في صفوف المدنيين الفلسطينيين، وتأمين وقف مؤقت لإطلاق النار، وإطلاق سراح المحتجزين في غزة، وزيادة المساعدات للقطاع.
قلق أمريكي
وقال مسؤول في البيت الأبيض، إن هاريس "ستعرب عن قلقها بشأن سلامة ما يصل إلى 1.5 مليون شخص في رفح".
وأضاف المسؤول، إن هاريس وجانتس سيناقشان أيضًا التخطيط لما بعد انتهاء الحرب لتنشيط غزة تحت حكم السلطة الفلسطينية.
وتزايدت الضغوط الدولية من أجل وقف إطلاق النار في غزة، إذ قالت السلطات الفلسطينية إن عدد الشهداء الفلسطينيين منذ هجوم السابع من أكتوبر، تجاوز 30 ألفًا، كما حذرت الأمم المتحدة من أن نحو ربع سكان القطاع صاروا على بُعد خطوة واحدة من المجاعة.
وتتوقع الولايات المتحدة ودول أخرى زيادة المساعدات إلى غزة بعد وقف مؤقت لإطلاق النار، وقال بايدن، أمس الأول الجمعة، إنه يأمل أن يحدث بحلول شهر رمضان.