يستعد الرئيس الأمريكي جو بايدن، لإلقاء خطاب حالة الاتحاد الثالث من ولايته الرئاسية، الذي يعد فرصة له لإبراز إنجازاته ورسم مسار للمضي قدمًا، إلا أن خطاب هذا العام سيكون الأول له منذ إعلان ترشحه لولاية ثانية العام الماضي، ما يجعله لحظة محورية له، إذ يواجه الرئيس "الديمقراطي" انتقادات شديدة من داخل حزبه ومن الحزب الجمهوري.
من المتوقع أن يواجه بايدن سلفه الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، نوفمبر المقبل، وتُظهر استطلاعات الرأي الأخيرة أن الاثنين متقاربان في الصراع على كرسي البيت الأبيض.
في السياق ذاته، يسمح خطاب حالة الاتحاد لبايدن بتقديم حججه للشعب الأمريكي حول سبب استحقاقه لولاية ثانية.
وخلال خطابه في الكابيتول الأمريكي بواشنطن العاصمة، مساء الخميس، من المتوقع أن يجعل بايدن من مستقبل الديمقراطية الأمريكية محورًا رئيسيًا، فقد حذر بايدن مرارًا من أن ترامب وأنصاره يشكلون تهديدًا للبلاد، مشيرًا إلى جهودهم لقلب نتائج انتخابات 2020.
وسيكون الدعم للحلفاء الأجانب مثل أوكرانيا وإسرائيل، والهجرة عند الحدود الأمريكية المكسيكية، ودعوة لتجاوز الانقسامات الحزبية في واشنطن العاصمة من بين المواضيع المحتملة للرئيس بايدن.
تقليد خطاب حالة الأمة
وذكرت شبكة "سي بي إس" الأمريكية، أن تقاليد إلقاء خطاب حالة الاتحاد تعود إلى الرئيس الأول جورج واشنطن، الذي ألقى الخطاب الافتتاحي عام 1790، على غرار الممارسة البريطانية لإلقاء "خطاب من العرش" لافتتاح كل دورة جديدة للبرلمان، وواصل رؤساء أمريكا إلقاء هذا الخطاب شخصيًا حتى عام 1801، عندما أرسله الرئيس توماس جيفرسون مكتوبًا، قبل أن يُستأنف إلقاؤه شفهيًا في 1913 من قبل وودرو ويلسون.
كان الرئيس الـ32 للولايات المتحدة، فرانكلين روزفلت، أول من أطلق عليه اسم "خطاب حالة الاتحاد"، لكن التسمية لم تصبح رسمية إلا في عهد الرئيس هاري ترومان، الذي تولى منصبه في 1945 بعد وفاة روزفلت، بعدما كان يُشار إليه لعقود طويلة بـ"الرسالة السنوية للرئيس".
وتطور شكل وطريقة بث الخطاب عبر التاريخ، فبعد أن كانت يُقرأ كنصوص مكتوبة، أصبح ُيبث إذاعيًا لأول مرة في 1923، ثم تلفزيونيًا منذ 1947 خلال خطاب الرئيس هاري ترومان.
منصة مهمة لبايدن
يمنح الخطاب بايدن منصة مهمة للتواصل مع الكونجرس المنقسم بشدة، قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية، إذ لا يزال بايدن البالغ من العمر 81 عامًا، يواجه تساؤلات حول ما إذا كان لائقًا بما يكفي لخوض سباق على ولاية ثانية، فضلًا عن احتجاجات في ولايات متأرجحة حرجة، بسبب تأييده الثابت لإسرائيل على الرغم من عدوانها الغاشم على قطاع غزة.
وذكر موقع "أكسيوس" في منتصف فبراير، أن فريق بايدن يأمل أن يكون خطاب حالة الاتحاد "لحظة إعادة ضبط كبيرة وعلنية" في سعيه لإعادة انتخابه.
ونقل الموقع عن مصدر قريب من الرئيس الأمريكي، قوله: "الجميع من حوله يدركون تمامًا الحاجة إلى تسريع وتيرة هذه الحملة".
الحاضرون والغائبون
يلقي بايدن خطابه أمام جلسة مشتركة للكونجرس، ما يعني حضور أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب.
ووفقًا للتقاليد، ستجلس نائبة الرئيس كامالا هاريس، ورئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، خلف بايدن.
كما سيحضر أعضاء الحكومة، بالإضافة إلى أي قضاة في المحكمة العليا يختارون الحضور.
ويدعو البيت الأبيض أيضًا عادة ضيوفًا خاصين للحضور، وفي العام الماضي، دعا بايدن والدي تاير نيكولز، رجل أسود قُتل على يد الشرطة في تينيسي، وبراندون تساي الذي أوقف مسلحًا في كاليفورنيا.
لكن تم رفض دعوة البيت الأبيض هذا العام من قبل شخصيتين رئيسيتين، هما يوليا نافالنايا، أرملة المعارض الروسي أليكسي نافالني، والسيدة الأولى الأوكرانية أولينا زيلينسكا.
أبرز قضايا الخطاب
في خطاب حالة الاتحاد المرتقب، يسعى الرئيس جو بايدن، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، إلى تصوير نفسه كحامي للديمقراطية الأمريكية في مواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب وقاعدته المؤيدة لشعار "جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، إذ اقتحم أنصار ترامب مبنى الكابيتول، يناير 2021، في محاولة لمنع المصادقة على فوز بايدن في انتخابات 2020، فيما يواجه ترامب حاليًا قضيتين جنائيتين مرتبطتين بجهوده لقلب نتائج تلك الانتخابات.
ومن المتوقع أن يؤكد بايدن موقفه أن "أجندتهم المتطرفة ستغير بشكل جذري مؤسسات الديمقراطية الأمريكية كما نعرفها"، في رسالة واضحة من المتوقع أن يكررها في خطاب حالة الاتحاد.
وعلى الصعيد الاقتصادي، سيتدعي بايدن جهوده في تحقيق الازدهار الاقتصادي للبلاد، ويشير المراقبون إلى تحسن كبير في الاقتصاد الأمريكي مقارنة بالفترة التي تولى فيها بايدن الرئاسة.
وستكون حقوق الإنجاب قضية مهمة للناخبين الديمقراطيين، ومن بين المواضيع البارزة التي من المتوقع أن يتطرق لها خطاب بايدن.
وفي إطار مطالبه المعتادة للكونجرس، سيدعو بايدن النواب الجمهوريين إلى إقرار قانون للهجرة بتوافق الأحزاب، بعد أن أعاق حلفاء ترامب سابقًا مقترحات مماثلة باعتبارها لا تفي بالغرض المنشود.
وعلى الصعيد الخارجي، يطالب الرئيس الأمريكي الكونجرس بتمرير تمويل إضافي لأوكرانيا وإسرائيل، في ظل التركيز المتوقع على القضايا الدولية هذا العام بسبب النزاعات في تلك المناطق.
رد المعارضة
كل عام، يقدم الحزب المعارض ردًا على خطاب الرئيس حول حالة الاتحاد، وتلقي السيناتور كايتي بريت من ولاية ألاباما الرد الجمهوري هذا العام، بعد انتهاء خطاب الرئيس بايدن.
وكتبت بريت على مواقع التواصل الاجتماعي، الأسبوع الماضي: "سنجري محادثة صريحة حول مستقبل أمتنا، وسأعرض الرؤية الجمهورية لتأمين الحلم الأمريكي للأجيال القادمة".
في هذه المناسبة السنوية، يقدم الحزب المعارض رؤيته ونقده لخطاب الرئيس حول وضع البلاد والاتجاه الذي يسير فيه.
ومن المتوقع أن تهاجم بريت خطاب بايدن وتصوره لحالة الأمة، وتؤكد الرؤية الجمهورية المختلفة للمضي قدمًا كبديل للإدارة الديمقراطية الحالية.