يضاعف فوميو كيشيدا، رئيس الوزراء الياباني، جهوده للقاء زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون، في محاولة لتحقيق انفراجة دبلوماسية مع بيونج يانج لإنقاذ حكومته المترنحة، قبل الانتخابات، وسط ترقب كبير من حلفائه "أمريكا وكوريا الجنوبية".
شكوك حول القمة
وبحسب وكالة أنباء "كيودو" اليابانية، فإن القمة التي يدفع بها "كيشيدا" تهدف إلى ضمان إطلاق سراح المواطنين اليابانيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية قبل عقود، وفقًا لمصادر مطلعة على المحادثات الدبلوماسية في واشنطن وطوكيو.
وفي عام 2002، اعترف زعيم كوريا الشمالية آنذاك، كيم جونج إيل، بعمليات الخطف واعتذر عنها، وأعاد خمسة من المختطفين إلى اليابان. ومع ذلك، فإن الحوار بين البلدين توقف بسبب تصعيد كوريا الشمالية لتجاربها النووية والصاروخية، وفرض المجتمع الدولي عقوبات على بيونج يانج.
ومن جهتها، تؤكد طوكيو خطف 17 من رعاياها لكن جمعية دعم العائلات تعتقد أن اختفاء 470 من اليابانيين يمكن أن يكون مُرتبطًا بكوريا الشمالية.
وزاد رئيس وزراء طوكيو من جهوده هذا العام بعد علامات واعدة من بيونج يانج، لكن المصادر القريبة من المحادثات - بعضها يجري عبر قناة في بكين - قالوا إنها لم تثمر بعد لأن "كيم" يرفض التعاون بشأن المختطفين.
وقال "كيشيدا" في البرلمان الياباني، الأسبوع الماضي، إنه "من المهم للغاية بالنسبة لي أن أتخذ المبادرة لبناء علاقات عليا مع بيونج يانج.. يجب ألا نُضيع أي لحظة".
موقف واشنطن وسول
ونظرًا لحساسية الأمر، لم تُخبر اليابان الولايات المتحدة عن احتمال عقد قمة، وفقًا لمصادر مطلعة على الوضع. وكان آخر لقاء بين رئيس وزراء ياباني وزعيم كوري شمالي في عام 2004، عندما التقى جونيتشيرو كويزومي كيم جونج إيل، والد الزعيم الحالي، في بيونج يانج، حسبما نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وأشار مكتب رئيس الوزراء الياباني إلى تصريحات "كيشيدا" الأخيرة في مقابلة مع مجلة، إذ قال إنه "يقوم بمقاربات مختلفة" تجاه كوريا الشمالية وإنه مصمم على إجراء محادثات مباشرة مع كيم "دون وضع أي شرط".
وقال مسؤول أمريكي، إن واشنطن سترحب بالتواصل على المستوى العالي بين طوكيو وبيونج يانج بشرط أن تحل اليابان أي مشكلات مُسبقًا مع سول.
واتخذ الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول موقفًا صارمًا ضد كوريا الشمالية منذ انتخابه في عام 2022، ومع استمرار ارتفاع التوترات في شبه الجزيرة الكورية، تخلت بيونج يانج عن التزامها القديم بالتوحيد النهائي مع الجنوب.
وتشعر الولايات المتحدة بالقلق إزاء توسع ترسانة كوريا الشمالية النووية وإمداداتها لروسيا بالذخيرة لحربها العدوانية ضد أوكرانيا، ولم تكن لدى الولايات المتحدة أي تواصل هادف مع كوريا الشمالية منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه.
وقال كريستوفر جونستون، خبير سابق في اليابان بوكالة المخابرات المركزية والبيت الأبيض، إن التواصل على المستوى العالي بين طوكيو وبيونج يانج "يمكن أن يكون مفيدًا"، نظرًا لعدم وجود اتصال بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية مع كوريا الشمالية.
أمل كيشيدا الأخير
ويحاول رئيس الوزراء الياباني تحقيق أي تقدم في ملف المواطنين اليابانيين الذين اختطفتهم كوريا الشمالية قبل عقود، في خطوة تفهمها وتستعجلها الأسر المتضررة، لكنها تواجه صعوبات كبيرة، حسبما ذكر موقع "نيكي آسيا".
وقال كريستوفر جونستون، محلل في مركز دراسات الأمن الدولي، إنه "من الضروري أن تكون اليابان شفافة مع واشنطن وسول قبل أي مبادرة، خاصة بشأن أي حوافز قد تقدمها اليابان لإقناع كوريا الشمالية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات".
ومن المحتمل أن يرفع تحقيق تقدم في قضية المختطفين من شعبية كيشيدا، التي تراجعت إلى أقل من 30% بسبب فضيحة تمويل سياسية داخلية، كما يستعد للسفر إلى واشنطن في أبريل لزيارة مرتقبة يأمل أن تعزز شعبيته في الداخل.
وقال ماساتوشي هوندا، محلل سياسي وأكاديمي، إنه "نظرًا للاهتمام العام بالموضوع، فإن الورقة الدبلوماسية الوحيدة المتبقية لرئيس الوزراء كيشيدا لرفع شعبيته هي العلاقات بين اليابان وكوريا الشمالية".
بوادر إيجابية
وبحسب "كيودو"، فإن جهود كيشيدا الدبلوماسية المكثفة مع بيونج يانج جاءت بعد أن أرسل له كيم جونج أون رسالة تعزية نادرة عقب الزلزال القوي الذي ضرب اليابان الشهر الماضي، وهو ما اعتبره بعض المسؤولين اليابانيين إشارة إيجابية.
لكن المسؤولين في طوكيو يخشون أيضًا أن تكون أي مبادرة مصممة لزعزعة التعاون العسكري المتقارب بين اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.