قبل يومين من انطلاق ماراثون الانتخابات الرئاسية في تايوان، تواجه تايبيه عددًا من الهجمات السيبرانية ضد البنية التحتية الحيوية، التي ربطتها مجموعات الأمن السيبراني بالصين، في أمر وصفه عدد من الخبراء بـ"مستوى غير مسبوق ومتطور من التدخل".
ووفق تقرير نشرته "بوليتيكو"، فقد حذرت شركة "Mandiant" لاستخبارات التهديدات السيبرانية، التابعة لشركة "Google Cloud"، الثلاثاء الماضي، ما وصفته بأنه "قدر كبير من عمليات التجسس" تقوم به الصين ضد حكومة تايوان وتكنولوجيتها وبنيتها التحتية الحيوية.
وقال بن ريد، رئيس وحدة تحليل التجسس السيبراني في الشركة، خلال بيان: "على الرغم من أن هذا النوع من الاستهداف يحدث منذ سنوات، إلا أن الحجم خلال الأشهر القليلة الماضية كان ملحوظًا".
ولأن تايوان تقوم بالتصويت على أوراق الاقتراع، فإن المعدات الانتخابية ليست هي مصدر القلق الرئيسي، بل يقول المسؤولون الأمريكيون وخبراء الأمن السيبراني إن الهجمات السيبرانية الصينية "ركزت على ما وراء الكواليس، لنزع الشرعية عن مسار تايوان للديمقراطية في الجزيرة، من خلال نسج الفتنة والتضليل".
كما رفض سكوت ماكونيل، المتحدث باسم وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية - التي تحمي الانتخابات الأمريكية من التهديدات السيبرانية - التعليق للمجلة على أي مساعدة تقدمها الوكالة لتايوان للدفاع ضد التهديدات الانتخابية.
تضاعف الهجمات
يلفت تقرير التهديدات الصادر عن شركة Cloudflare، المتخصصة في الأمن السيبراني، إلى أن الهجمات الإلكترونية المصممة لإرباك الشبكات وتعطيلها في تايوان وصلت مستويات جديدة في الربع الأخير من عام 2023.
ولفت التقرير إلى أن وتيرة الهجمات ارتفعت بنسبة 3370%، أي بزيادة أكثر من 30 ضعفًا منذ العام السابق.
وفي حين أن التقرير لم يربط بشكل مباشر الهجمات بالصين، إلا أنه أشار إلى أن بكين هي واحدة من أكبر مصادر هذا النوع من الهجمات.
ويلفت الخبراء إلى زيادة صعوبة قياس الهجمات بسبب ظهور المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي، الذي يسمح للهجمات الإلكترونية وحملات التأثير بإغراق الفضاء الرقمي بمعدل أعلى بكثير.
وأشارت "بوليتيكو" إلى أن الصين - الرائدة عالميًا في تطوير واستثمار الذكاء الاصطناعي الجديد - تستخدم التكنولوجيا بمصلحة واضحة وراسخة في التأثير على مستقبل تايوان والرأي العام العالمي بشأن سيادة الجزيرة".
لذا، وصف لاي تشينج تي، نائب الرئيس التايواني، المرشح للانتخابات الرئاسية الحالية، محاولة التدخل من جانب الصين في انتخابات هذا العام بأنها "الأخطر على الإطلاق".
وتنقل المجلة عن جيمس تورجال، المساعد السابق للمدير التنفيذي لمكتب التحقيقات الفيدرالي للمعلومات والتكنولوجيا، قوله إن عدد وأنواع الهجمات التي تشنها الصين ضد تايوان تختلف تمامًا عما تنشره في دول أخرى.
ووصف "تورجال" خلال مقابلة صحفية هذه الاستراتيجية بأنها "حملة إحراج"، إذ "تتسلل الصين إلى النظام ليس لسرقة البيانات، لكن لنشر تصريحات مهينة تجعل مؤسسات تايبيه تبدو سيئة".
وقال: "إنه - أي المُقرصن - يتلاعب بشكل أساسي بالموقع ويستولى عليه، ويضع بيانات مناهضة لتايوان على المواقع الحكومية، وهو نوع من الهجوم الذي لا تراه ضد المصالح الأمريكية".
وأكد: "لقد رأينا الكثير من هذه - يقصد الهجمات - قبل دخول روسيا إلى أوكرانيا مباشرة".
حرب تصريحات
بينما تعتبر الحكومة الصينية تايوان مقاطعة متمردة وليست دولة مستقلة، فقد وصلت التوترات مستويات جديدة في عهد الرئيس الصيني شي جين بينج.
وكان روي تشون لي، نائب وزير الخارجية التايواني، أشار لـ "بوليتيكو"، نوفمبر الماضي، إلى أن القطاع العام في تايوان يتعرض لأكثر من 13 مليون هجمة إلكترونية كل شهر.
وأضاف أنه قبل الانتخابات كانت هذه الهجمات تتزايد "كل يوم هناك محاولات للعثور على ثغرات وأبواب خلفية في نظامنا".
لكن في الوقت الحالي، ترفض وزارة الخارجية الصينية الأسئلة المتعلقة بتايوان، مشيرة إلى اعتقادها بأن "تايوان ليست قضية تتعلق بالسياسة الخارجية للصين، لأن الجزيرة ملك للأمة".
وبدلًا من ذلك، اتهمت الخارجية الصينية الولايات المتحدة علنًا بأنها "إمبراطورية قراصنة".
وقال المسؤولون الصينيون خلال محادثات دفاعية هذا الأسبوع في واشنطن، إن "الصين لن تقدم أي تنازل أو تسوية بشأن مسألة تايوان".
كما طلبوا من واشنطن "عدم دعم استقلال تايوان"، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الدفاع الصينية.
وردًا على اتهامات القرصنة، وصف ليو بينجيو، المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، مزاعم الهجمات الإلكترونية الصينية ضد تايوان بأنها "معلومات مضللة بشكل واضح".
وقال بينجيو في بيان: "إن موقف الحكومة الصينية بشأن الأمن السيبراني ثابت وواضح. إننا نعارض بشدة ونكافح الهجمات الإلكترونية من أي نوع".
وأضاف أن "بكين تأمل أن يؤدي الاقتراع - في تايوان - إلى السلام والاستقرار عبر المضيق".