الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بين "الصين الواحدة" و"الحلم الديمقراطي".. العالم يترقب انتخابات تايوان

  • مشاركة :
post-title
تستعد تايوان التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة لانتخاب الرئيس والبرلمان

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

بينما تستعد تايوان، التي يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، لانتخاب رئيس وبرلمان جديدين. أبدت السلطات في تايبيه عدة مرات قلقها من تدخل مفترض لبكين في الانتخابات المقبلة، ومن حملات تضليل إعلامي يُحركها الصينيون.

في الوقت نفسه، كانت إيلين دوناهو، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية، منسقة الحرية الرقمية، قد أكدت في حديث سابق لمجلة "فورين بوليسي" أن واشنطن ستراقب عن كثب الانتخابات التايوانية. وقالت: "إن تآكل الثقة في نزاهة الانتخابات يؤدي إلى تآكل الثقة في الديمقراطية نفسها، نحن في خضم ظاهرة عالمية متنامية، إذ يتم تقويض الثقة في المعلومات والانتخابات والحكم الديمقراطي. وهذا تحدٍ عالمي عابر للحدود بطبيعته".

كما ذكر روري دانيلز، مدير معهد سياسات المجتمع الآسيوي، أن واشنطن "مستعدة جيدًا للتعامل مع أي خيار يتخذه الناخبون التايوانيون"؛ لافتًا في تصريحات تلفزيونية أواخر الشهر الماضي، إلى أنه "من المؤكد أنه ستكون هناك فرص وتحديات مختلفة اعتمادًا على نتائج الانتخابات".

وأكد دانيلز أن واشنطن "ستدرس استراتيجيات الإشارات السياسية المناسبة لردع أي ردود عسكرية صينية".

شد وجذب

في أواخر نوفمبر الماضي، حصد الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان ما يُمكن وصفه بـ "هزيمة نكراء" في الانتخابات المحلية. حيث فاز حزب المعارضة الرئيسي كومينتانج -الذي يدعم إقامة علاقات وثيقة مع الصين رغم نفيه القوي لأي تبعية لبكين - في انتخابات رئاسة البلديات والمقاطعات، وحصل على 13 مقعدًا من أصل 21 مقعدًا جرى التنافس عليها بما في ذلك العاصمة تايبيه.

وإثر الهزيمة الأسوأ في تاريخه -حيث لم يحصد في الانتخابات المحلية سوى 5 مقاعد- استقالت رئيسة تايوان تساي إينج وين من رئاسة الحزب؛ وكانت استراتيجيتها تعتمد على تصوير الانتخابات المحلية باعتبارها "إبداء للتحدي" في مواجهة العداء المتصاعد من جانب الصين.

وحقق مرشح المعارضة البارز لانتخابات الرئاسة في تايوان قفزة في استطلاع رأي حديث عن مؤسسة الرأي العام التايوانية، متجاوزًا مرشح الحزب الحاكم. حيث حصل مرشح حزب الشعب التايواني، كو وين-جي، على 31.9%، مقابل 29.2% لمرشح الحزب الديمقراطي التقدمي، لاي تشينج - تي من أصوات المشاركين في الاستطلاع؛ بينما حل في المركز الثالث مرشح الحزب القومي الصيني المعارض "كومينتانج"، هو يو-إيه، بحصوله على 23.6%، وفقًا للاستطلاع الذي جرى في الفترة بين 19 و21 نوفمبر الماضي، بهامش خطأ بلغ 2.99%.

وقررت بكين استغلال اللحظة، وقال مكتب شؤون تايوان في الصين -في بيان نشرته وكالة الإعلام الرسمية "شينخوا"- إن النتائج "أظهرت أن التوجه الرئيسي للرأي العام في الجزيرة هو للسلام والاستقرار والحياة الهانئة"؛ وأن بكين "ستواصل العمل مع شعب تايوان في توطيد علاقات السلام، ومعارضة استقلال الجزيرة، والتدخل الأجنبي".

تراقب تايوان بحذر التحركات الصينية في المضيق الفاصل بينهما- أرشيفية

لكن مع مطلع العام الجديد، علّقت رئيسة تايوان، تساي إينج ون، على خطاب ألقاه الرئيس الصيني شي جين بينج عشية العام الجديد، حيث قال إن إعادة التوحيد مع تايوان "أمر حتمي". في تصعيد عن خطاب العام السابق الذي اكتفى فيه بالقول إن الشعبين على جانبي مضيق تايوان "أفراد من نفس العائلة".

لذلك، أشارت تساي إينج ون، في خطاب في المكتب الرئاسي في تايبيه، إلى أن العلاقات مع الصين "يجب أن تقررها إرادة الشعب"، وأن السلام "ينبغي أن يرتكز على الكرامة"، حيث حثّت بكين على المساعدة على الحفاظ على السلام في المنطقة.

وأكدت رئيسة تايوان أن "الديمقراطية هي المبدأ الأهم فيما يتعلّق بالمسار الذي يجب اتباعه في العلاقات مع الصين"؛ وأضافت: "هذا يشمل الإرادة المشتركة لشعب تايوان لاتخاذ قرار. وفي نهاية الأمر نحن دولة ديمقراطية". مُشددة أنه "يتعين على الصين احترام نتيجة الانتخابات التي ستُجرى في تايوان، وأن مسؤولية الحفاظ على السلام والاستقرار في المضيق تقع على عاتق الجانبين".

وتابعت، في حديث نقلته عنها بلومبرج: "نأمل أن يتمكن جانبا مضيق تايوان من العودة إلى إجراء تبادل للآراء بشكل صحي وبناء. لن نُستفز أو نستسلم، لكننا سنكسب ثقة المجتمع الدولي، ونعمق تعاوننا مع الشركاء الديمقراطيين، حتى نتمكن من مواجهة العالم والصين بثقة وهدوء".

تحركات صينية

الأربعاء الماضي، أعلنت تايوان عن رصدها "أربعة مناطيد صينية"، حلّقت فوق الخط الأوسط في المضيق الذي يفصل بين الجزيرة والبرّ الصيني، وكان ثلاثة منها حلّقت مباشرة فوق الجزيرة؛ وفق وزارة الدفاع التايوانية التي نشرت رسما يُظهر ثلاثة مناطيد تحلّق فوق الجزيرة باتّجاه الشمال الشرقي، بعدما رُصدت جنوب غربي تشينج تشوان كانج، التي تضم قاعدة جوية عسكرية في مدينة تايتشونج الواقعة غرب تايوان.

وأوضحت تايبيه أن أدنى ارتفاع لأحد هذه المناطيد بلغ 3600 متر عن سطح البحر، لذا، مكثت تراقب عن كثب، وتتحقق مما إذا كانت هناك استخدامات أخرى لهذه المناطيد، في إشارة لواقعة إسقاط الولايات المتحدة فوق أراضيها منطادًا صينيًا زعمت أنه لأعمال التجسّس العسكري، بينما أكّدت بكين أنه "منطاد مدني انحرف عن مساره".

أعلنت تايوان عن رصدها "أربعة مناطيد صينية" حلّقت فوق المضيق الذي يفصل بين الجزيرة والبرّ الصيني

وتعهدت تايوان بـ "اتخاذ الإجراءات المناسبة وجمع أنماط مسارات طيرانهم لتحليلها"؛ بعد أن رصدت السلطات التايوانية، في ديسمبر الماضي، المناطيد الصينية ستّ مرّات. مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الجزيرة، والمزمع انعقادها في 13 يناير.

بالتزامن، أعلن القضاء التايواني، في بيان، اتهامات بحق رجل متهم بانتهاك القوانين الانتخابية وقوانين "مكافحة الاختراق"، والسعي إلى "إفساد ناخبين لصالح مرشحين مؤيدين لبكين"، عبر تنظيم رحلات إلى خمسة أقاليم صينية بين شهري مايو أكتوبر. حيث حصل على حوالي ستين يورو للشخص الواحد.

أيضًا، هددت الحكومة الصينية بفرض مزيد من العقوبات التجارية على تايوان إذا واصل الحزب الحاكم هناك "بعناد" دعم فكرة الاستقلال. بعد أن اتهمت تايبيه بكين بـ "ممارسة الإكراه الاقتصادي والتدخل في الانتخابات.

ونقلت وسائل إعلام عن تشين بين هوا، المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان الصيني، تصريحه في إفادة صحفية، أن "السبب الأصلي للمشكلات المتعلقة باتفاق 2010 هو تمسك الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم في تايوان بالاستقلال الرسمي للجزيرة".

وتابع تشين: "إذا صممت سلطات الحزب الديمقراطي التقدمي على التمسك بعناد بموقفها المتعلق باستقلال تايوان ورفضت التراجع فإننا ندعم اتخاذ الإدارات ذات الصلة مزيدا من الإجراءات وفقا للوائح"؛ لافتا إلى أن تايوان "تواجه مفترق طرق" وأن كل الأمور يمكن مناقشتها، لكن على أساس معارضة استقلال الجزيرة، مُشددا على أن استقلال تايوان "يعني الحرب".