الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

انتخابات الرئاسة في تايوان.. هجوم صيني وترقب أمريكي

  • مشاركة :
post-title
المرشحون الثلاثة لانتخابات الرئاسة في تايوان

القاهرة الإخبارية - أحمد صوان

مع إلقاء الرئيس الصيني شي جين بينج لخطابه بمناسبة العام الجديد، الذي أصر فيه على أن "إعادة توحيد الوطن الأم حتمية تاريخية"، يأتي التصويت في الانتخابات الرئاسية التايوانية ليقع في قلب معركة النفوذ الإقليمي بين بكين وواشنطن، وبينهما، تترقب أوروبا الوضع في بحر الصين الجنوبي بحذر شديد. أو كما قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية: "ستحدد انتخابات تايوان ملامح الجغرافيا السياسية العالمية في 2024".

ويتنافس في انتخابات تايوان نائب الرئيس الحالي "ويليام لاي" من الحزب الديمقراطي التقدمي، وهو من أنصار سيادة تايبيه ويسعى إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة وأوروبا والديمقراطيات الأخرى. ومنافسه الرئيسي هو "هوي يو-ييه" من حزب الكومينتانج، الذي يتخذ نهجًا أكثر ودية تجاه بكين.

وسيخلف الفائز الرئيسة "تساي إنج وين" من الحزب الديمقراطي التقدمي، التي تولت فترتين، ليشهد التصعيد العدواني بين بكين وتايبيه ثماني سنوات خطيرة، لا سيما في الأشهر الأخيرة.

لذلك، ستتجه كل الأنظار السبت المقبل، إلى ما قد يصبح سيناريو كابوسي بالنسبة للأمن العالمي، إذا ما تحول إلى صراع إقليمي يتمحور حول جزيرة يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، وتصنع أكثر من 90% من الرقائق الدقيقة المتقدمة في العالم.

على المحك

تشكل الانتخابات التايوانية جزءًا من التنافس الجيوسياسي الأوسع بين الصين والولايات المتحدة، مع قلق أوروبي حول مستقبل منبع صناعة الرقائق الفائقة في العالم. فبينما تعمل بكين على تعزيز جيشها تحسبًا لصراع محتمل في بحر الصين الجنوبي، أكد المسؤولون الصينيون -في تصريحات علنية- أن الخيارات العسكرية هي "الملاذ الأخير" إذا لم تعد إعادة التوحيد السلمي ممكنة.

وإذا فاز الحزب الديمقراطي التقدمي الحاكم، فستكون هذه هي المرة الأولى التي يفوز فيها الحزب المؤيد للاستقلال بالسلطة لولاية ثالثة على التوالي، منذ أن أصبحت تايوان دولة ديمقراطية في عام 1996.

هكذا، يمكن أن تفسر بكين فوز الحزب الديمقراطي على أنه إشارة إلى عدم وجود رغبة عامة لإعادة التوحيد في المستقبل، خاصة بين جيل الشباب الذي لديه ارتباط أقل بالصين.

وعلى الرغم من أن السياسة الأمريكية الرسمية فيما يتعلق بالدفاع عن تايوان تُعرف باسم "الغموض الاستراتيجي" -ما يعني أن واشنطن لن تعلن عن نيّتها الفعلية- إلا أن الولايات المتحدة تتمتع بعلاقات غير رسمية قوية مع تايوان.

ومع تكثيف الحكومة الصينية لإكراهها العسكري والدبلوماسي والاقتصادي لإقناع سكان الجزيرة بأن الاتحاد مع الصين هو المستقبل الوحيد الممكن، قال الرئيس بايدن -مرارًا وتكرارًا - إن الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان إذا هاجمت الصين.

أما أوروبا، فقد كانت المفوضية الأوروبية مترددة في إطلاق محادثات بشأن اتفاقية استثمار ثنائية مع تايبيه، بسبب الخوف من انتقام بكين. لكن المرشح الديمقراطي "لاي" تحمّس لشراكات تجارية أوسع مع القارة العجوز. موضحًا أن تايوان "تتطلع أيضًا إلى العمل مع أوروبا بشأن السلام في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

وردًا على سؤال صحفي، أمس الاثنين، حول عدم مشاركة أوروبا بشكل فعّال في ضمان أمن تايوان، قال: "قد تكون تايوان وأوروبا متباعدتين جغرافيًا، لكن كلانا نتقاسم قيمًا مشتركة مثل الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان".

وأضاف: "أود أن أغتنم هذه الفرصة لأشكر الدول الأوروبية على التعبير عن معارضتها لتغيير الوضع الراهن في مضيق تايوان من خلال الوسائل العسكرية، من قِبل الدول الاستبدادية".

وقال إن مثل هذه التصريحات من جانب الدول الأوروبية "تساعد بشكل كبير على حفظ أمن تايوان".

مؤتمر حاشد للمرشح الرئاسي للحزب الديمقراطي التقدمي "ويليام لاي" في تايبيه – وكالات
التقلبات الكبيرة

ضمن سياستها التي تعتبر تايوان مقاطعة انفصالية، ترى الحكومة الصينية أن الحزب التقدمي الديمقراطي هو العدو اللدود وتريد أن تخرجه من السلطة، ما جعلها تكثف استفزازاتها في الفترة الأخيرة، لتحذير التايوانيين من مغبة استمراره في الحكم.

وذكرت وزارة الدفاع التايوانية، في سبتمبر الماضي، أن "عددًا قياسيًا من الطائرات الحربية الصينية عبرت الخط الأوسط لمضيق تايوان"، وهو الممر المائي الذي يبلغ طوله 100 ميل، الذي يفصل الجزيرة عن البر الرئيسي.

وفي ديسمبر الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو تشيان: "إن سلطات الحزب الديمقراطي التقدمي تسعى إلى الاستقلال من خلال الاعتماد على الولايات المتحدة، ما يحوّل تايوان إلى برميل بارود وجزيرة متفجرات".

وبالإضافة إلى سياسة "حافة الهاوية" -وفق تعبير لو- المتزايدة مع الطائرات الحربية، أطلقت الصين في أكتوبر الماضي صاروخًا يحمل قمرًا صناعيًا إلى الفضاء الخارجي فوق تايوان، وهو أول صاروخ يسلك مثل هذا المسار.

التعجيل بالمواجهة

فيما يسعى الحزب الديمقراطي إلى تلميع أوراق اعتماده باعتباره خصمًا قويًا لبكين المعادية "يمكنه حماية أمن مضيق تايوان" -حسب ما ذكر "لاي" وسط حشد من أنصاره مساء السبت الماضي- سعى "هو" إلى تصوير خصمه باعتباره فاسداً ومسؤولاً عن التعجيل بالمواجهة مع الرئيس الصيني شي. كما يقول سيتورات لو، محرر شؤون آسيا في مجلة "بوليتيكو".

ويلفت "لو" إلى احتمال ثالث ضعيف لكنه قد يقلب الموازين في حال فوزه- وهو "كو وين جي"، مرشح حزب الشعب التايواني، الذي عمل حتى ترشح لمنصب عمدة تايبيه، كمستقل، عام 2014. ليصبح خيارًا ثالثًا للناخبين غير الراضين عن كل من الحزب التقدمي الديمقراطي وحزب الكومينتانج.

فيما تفرض تايوان فترة صمت لمدة 10 أيام على صناديق الاقتراع قبل الانتخابات. لكن وفقًا لأحدث الأرقام التي صدرت الأسبوع الماضي، يبدو أن "لاي" نائب الرئيسة الحالية في طريقه للفوز، حيث يتراوح تقدمه على "هو" من 3 إلى 11% عبر استطلاعات الرأي المختلفة. فيما جاء "كو" باستمرار في المركز الأخير.

لكن القائمين استطلاعات الرأي حذروا أيضًا من احتماليات "التقلبات الكبيرة"، كما ذكر محرر "بوليتيكو"، الذي قال: "في الأشهر السابقة، كان تقدم "لاي" في كثير من الأحيان ضمن هامش الخطأ، ما يدل على أن كل شيء يمكن أن يتغير، خاصة أن حزب "كو" يستبعد دعم الشباب ويعقد الحسابات".