يُعد قصر وستمنستر مقر البرلمان البريطاني منذ قرون، ويمثل رمزًا تاريخيًا في بريطانيا، لكن تُشير التقارير الأخيرة إلى أن العمل داخل جدران هذا القصر التاريخي لم يعد بالأمر المثالي، إذ يُعاني الموظفون وأعضاء البرلمان من ظروف عمل قاسية؛ بسبب المشاكل المزمنة في البنية التحتية المتهالكة للمبنى، والظروف القاسية غير المشجعة للعمل بين جوانب هذا الصرح التاريخي.
سلطت مجلة "بوليتيكو" الضوء على المشاكل التي يواجهها العاملون في قصر وستمنستر، بدءًا من ظروف التدفئة والتكييف السيئة، وصولًا إلى مشاكل البنية التحتية القديمة من خراب وتسربات المياه، مرورًا بانتشار القوارض ومخاوف السلامة العامة، بالإضافة إلى الآثار النفسية لتلك الظروف على الموظفين والنواب، وأسباب المماطلة في ترميم هذا الصرح التاريخي، وأخيرًا ما الحلول الممكنة لهذه المشاكل.
ظروف التدفئة والتكييف السيئة
تشير المجلة الأمريكية إلى أن ما يجعل أنظمة التدفئة والتكييف بالية وغير فعالة لا سيما في فصل الشتاء القارس في بريطانيا، هو أن معظم مبنى قصر وستمنستر مبني في القرن التاسع عشر، ولم يتم تجديده وترميمه بشكل كامل منذ الحرب العالمية الثانية.
ويقول جيني سيمونز، رئيس فرع اتحاد الصناعات البريطاني النقابي الذي يمثل موظفي البرلمان: "إن العديد من أجزاء القصر البرلماني تعود إلى القرن التاسع عشر ولم تُجرَ الصيانة بشكل جيد منذ الحرب العالمية الثانية. يتزايد خطر الحرائق وسقوط الحجارة، ولكن من غير المرجح أن يحدث ترميم كبير قبل الانتخابات العامة البريطانية القادمة".
وقد اشتكى الموظفون رسميًا من انخفاض درجات الحرارة داخل المكاتب وعدم كفاية التدفئة، وصل ذلك في بعض الأحيان إلى الصفر درجة مئوية، ما يجعل العمل في مثل هذه الظروف أمرًا شاقًا وغير إنساني.
مشاكل البنية التحتية وغزو القوارض
أشارت الصحيفة إلى تعرض البنية التحتية القديمة للمبنى لتسربات مياه متكررة وانقطاعات مزمنة في الكهرباء، كما لا يوجد نظام صرف صحي حديث، ما تسبب في انتشار القوارض والفئران في جميع أرجاء المبنى، وينفق البرلمان مئات آلاف الجنيهات سنويًا لمكافحة الآفات، لكن معظم الجهود لم تأتِ بنتيجة فعالة.
وتُشير الصحيفة إلى أنه تم الإبلاغ في أغسطس الماضي أن السُلطات البرلمانية خصصت 126,000 جنيه إسترليني في محاولة للتصدي لمشكلة الآفات في عام 2022، حتى إن هناك خبيرًا في مكافحة الآفات يعمل بدوام كامل في الموقع. ولكن يصبح من الصعب إدارة هذه المشكلة، مع تصدي القوارض القوية في وستمنستر لمختلف أشكال مبيدات الفئران.
كما أبلغ الموظفون عن وجود عفن ورطوبة في العديد من الحمامات، فضلًا عن سقوط قطع من الزجاج من السقوف، ما يشكل خطرًا على سلامتهم الشخصية.
الآثار النفسية على الموظفين
أكدت "بوليتيكو" أنه نتيجة لتلك الظروف المزرية، فقد الكثير من الموظفين وأعضاء البرلمان الحماس للعمل داخل تلك الأبنية التاريخية، ويفضلون العمل عن بُعد من منازلهم أو المكاتب الأخرى لأحزابهم خارج وستمنستر.
حتى زعيم المعارضة كير ستارمر، يقضي معظم أسبوعه العملي بعيدًا عن قصر وستمنستر، حيث يفضل العمل من المقر الحديث لحزب العمال في جنوب لندن.
ويرى المحللون أن ذلك يشير إلى عزوف متزايد واستياء كبير من النخبة السياسية من العمل في تلك البيئة القاسية، رغم أهمية المبنى الرمزية والتاريخية.
أسباب تأخر الترميم
وتوضح الصحيفة أنه بالرغم من ازدياد سوء الأوضاع الداخلية بالقصر، إلا أن مشروع ترميم وتجديد شامل لا يزال مُعطلًا منذ سنوات طويلة؛ بسبب الخلاف الحاد بين أعضاء البرلمان حول تكلفته المرتفعة التي من المتوقع أن تتجاوز مليارات الجنيهات.
كما أن كثيرين يخشون أن يثير قرار إنفاق مثل هذه المبالغ الطائلة على ترميم البرلمان سخط الرأي العام، في الوقت الذي تشكو فيه المؤسسات العامة مثل المدارس والمستشفيات من نقص التمويل.
تصر السُلطات البرلمانية على أنها تتخذ إجراءات للحفاظ على سلامة المبنى، في حين يقول متحدث باسم مجلس العموم: "نعمل بجد للحفاظ على أمان البرلمان لكل من الجمهور الذي يزور وللموظفين وأعضاء البرلمان الذين يعملون هنا، وحين يتم التعرف على المشاكل، نتخذ بسرعة التدابير اللازمة لمعالجتها".