الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

للخبز والتدفئة.. سكان غزة يحرقون الأشجار من أجل الحياة

  • مشاركة :
post-title
يلجأ الفلسطينيون لحطب الأشجار من أجل التدفئة والطهي

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

"لم يعد لدينا خيار.. نحن نحرق أي شيء لنبقى على قيد الحياة"، بهذه العبارة المؤلمة بدأت سيدة في الخمسين من عمرها، شهادتها وهي محتضنة أطفالها الخمسة بين ذراعيها، إذ يواجه قطاع غزة المحاصرة منذ 15 عامًا أسوأ أزمة له في الوقود والطاقة في خضم العدوان الإسرائيلي الوحشي الأخير، حيث يفتقر القطاع لأبسط مقومات الحياة من كهرباء ومياه نقية وغذاء، وبعد انقطاع إمدادات الغاز والبنزين، اضطر الفلسطينيون للبحث عن بدائل، فلجأوا إلى حطب الأشجار لأغراض الطهي والتدفئة. إلا أن حتى الأشجار أصبحت نادرة، فلم يعد أمامهم سوى حرق النفايات الصلبة من الورق والبلاستيك والخشب والأثاث المنزلي.

لكن مع نفاد هذه الموارد رصدت صحيفة "الجارديان" البريطانية منافسة الفلسطينيين على الحصول على أي أغصان أو أشجار ليحرقوها للحصول على مصدر للتدفئة وطهو الطعام، رغم صعوبة عملية قطع هذه الأشجار ونقلها لمسافات بعيدة.

تحول البيئة إلى ضحية

يتسارع تدهور البيئة في غزة مع انقضاء الأشجار لاستخدامها كوقود، ما يثير قلقًا بشأن الدخان الذي يتسبب في ارتفاع حالات الأمراض التنفسية، خاصةً في ظل الظروف المكتظة التي يعيشها الكثيرون.

وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، يعتمد 70٪ من النازحين في جنوب غزة على حرق الحطب، لكن عدد الذين يعانون من نقص التمويل بشكل كامل ارتفع بنسبة 15٪ خلال الأسبوعين الماضيين، ما يجعل الوصول إلى مصادر الطاقة مهمة صعبة ومعقدة.

حالات الأمراض التنفسية

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى ارتفاع ملحوظ في حالات الأمراض التنفسية التي بلغت 129.000 حالة في الأسبوع الماضي. كما يتسبب حرق "الوقود القذر"، حسبما يسميه برنامج الأغذية العالمي، في تفاقم احتمالات الإصابة بالأمراض التنفسية، ما يفاقم معاناة السكان الناجمة عن الظروف المعيشية الصعبة.

ونقلت الأمم المتحدة الوضع الكارثي في رفح، جنوب غزة، حيث يصل آلاف النازحين الجدد منذ الأسبوعين الماضيين، بعد أن أمرتهم إسرائيل بمغادرة مناطق أخرى في جنوب القطاع. لذا يعاني السكان في رفح من اكتظاظ شديد، مع نقص حاد في مرافق الإقامة ونقص في الحمامات، ما يزيد من خطر انتشار الأمراض.

تداول الوقود

يؤكد نازمي موافي، أن البحث عن الحطب في الطقس البارد أصبح من أكبر اهتمامات الناس، ويصعّب ذلك النقص المتزايد في عدد الأشجار، فالناس يتنقلون في الغابات بحثًا عن مصادر الطاقة، لكنهم يواجهون رحلات طويلة ومعقدة تستغرق ساعات، ويقومون بقطع الأشجار وسحبها عبر الأراضي الرملية حتى يصلوا إلى الطرق الرئيسية.

تأثيرات على الصحة العامة

تتجلى تأثيرات نقص الوقود في تزايد حالات الجوع ونقص المياه النظيفة، بالإضافة إلى نقص الغذاء، إذ تحذر منظمة الأغذية والزراعة من أن نسبة الأسر التي تعاني جوعًا شديدًا ارتفعت من 38٪ إلى 56٪ خلال العدوان الأخير.

ويشير علي دالي، الذي نزح من مدينة غزة إلى رفح، إلى أن الناس إما يشترون الخشب أو يقطعونه من الأشجار التي يجدونها في الشارع والأماكن العامة الأخرى، لكنهم يعرفون أن حرق الخشب يؤثر على صحتهم، وأضاف: "نحن نعيش مع المرض، من دخان الطبخ، ودخان الغارات الجوية، ومن البرد".

تقول شهد المدلل، التي تعيش أيضًا في رفح، إن الناس يلجأون إلى أي ما يمكن العثور عليه كوقود، سواء كانت قطعًا من الورق أو حتى أشجار الزيتون الثمينة. تقول: "في أكتوبر نحن في موسم الزيتون وزيت الزيتون. بدلاً من جني الزيتون، نقوم بقطع أي شجرة يمكن العثور عليها للبقاء على قيد الحياة".

وأشارت شهد إلى أن من لديهم أشجار قطعوها بالفعل، وبات من الصعب العثور على الخشب، مضيفة: "يستيقظ معظم الناس في الصباح ويبدأون في البحث عن أي شيء يمكنهم حرقه، والمضحك أنهم يبحثون عن المنشورات التي يلقيها الإسرائيليون من السماء لإعلام الناس بالإخلاء لإشعالها وصناعة الخبز منها".