كشف تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، النقاب عن حجم الدعم العسكري الضخم الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل خلال عدوانها على قطاع غزة، الذي راح ضحيته أكثر من 15 ألف شهيد فلسطيني.
ووفقًا للتقرير، فقد زودت الولايات المتحدة جيش الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء العدوان في 7 أكتوبر الماضي في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، بما يقارب 15 ألف قنبلة من مختلف الأنواع و57 ألف قذيفة مدفعية و100 قنبلة BLU-109 الخارقة للتحصينات بوزن 2000 رطل لكل منها.
جسر جوي مميت
وتمت عمليات التسليح هذه من خلال جسر جوي مُكثف بواسطة طائرات الشحن العسكرية الأمريكية من طراز C-17، التي كانت تحلق بشكل يومي بين الولايات المتحدة ومطار بن جوريون بالقرب من تل أبيب.
وفي المقابل، لم تفصح الولايات المتحدة عن حجم وتفاصيل الدعم العسكري لإسرائيل بنفس الشفافية والتفصيل اللذين أبدتهما تجاه أوكرانيا، ما أثار تساؤلات كبيرة حول التوتر الواضح بين ادعاء واشنطن المعلن لحماية المدنيين في غزة، وبين تزويدها إسرائيل بأسلحة بعيدة المدى في بيئة حضرية كثيفة السكان تضم أكثر من مليوني فلسطيني.
وحسب تقديرات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة، فإن غالبية الضحايا في العملية العسكرية هم من المدنيين، بينهم ألاف النساء والأطفال.
وخلال الفترة ما قبل الهدنة من 7 أكتوبر إلى 23 نوفمبر، استمر جيش الاحتلال في شن عدوانه على قطاع غزة لمدة 48 يومًا، أسفر عن استشهاد 15 ألف فلسطينيًا، بما في ذلك 6,150 طفلًا وأكثر من 4,000 امرأة، وإصابة أكثر من 36,000 آخرين، يشكلون أكثر من 75% منهم أطفال ونساء، وفقًا لتقرير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
تناقض في السياسات والخطابات الأمريكية
كما لاحظ المراقبون تناقضًا كبيرًا في السياسات والخطابات الأمريكية تجاه الصراع في أوكرانيا، حيث تدعم واشنطن بشكل علني جهود ومطالبات كييف بحماية المدنيين ومعاقبة روسيا على انتهاك القوانين الدولية. بينما تبدي تواطؤًا صارخًا مع إسرائيل في استخدام القوة المفرطة وأسلحة الدمار الشامل ضد المدنيين في غزة.
ووفقًا للتقرير، فإن بعض المستشارين يرون أن نقل الأسلحة الثقيلة وبعيدة المدى إلى إسرائيل قد يؤدي إلى تقويض الضغوط الأمريكية عليها، بتجنب الخسائر في صفوف المدنيين والالتزام بالقانون الدولي.
مأساة بإمضاء أمريكي
وبالفعل استخدم جيش الاحتلال بعض السلاح الأمريكي، وتحديدًا القنابل ذات الحمولات الثقيلة من نوع BLU-109، في غارات جوية مدمرة على أحياء سكنية في غزة، أسفرت عن سقوط مئات الضحايا من المدنيين بين قتيل وجريح.
ومن بين أبرز تلك الهجمات، الغارة التي دمرت بناية سكنية بكاملها في مخيم جباليا شمال غزة، مخلفة أكثر من 100 شهيد، في حين اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام القنابل الأمريكية ذات الحمولات الثقيلة في الغارة، مبررًا ذلك باستهداف أحد قيادات حركة حماس.
تواطؤ أمريكي
لكن الخبراء العسكريين انتقدوا استخدام مثل هذه الأسلحة القاتلة في بيئة سكنية مدنية، مؤكدين أنها مصممة في الأساس لاختراق المخابئ والملاجئ الخرسانية العميقة، ولا تتناسب مطلقًا مع طبيعة المعركة داخل المدن والأحياء السكنية.
مع ذلك، ظلت إدارة بايدن طيلة العملية العسكرية وما تلاها من أحداث عنيدة في رفضها الدعوات المتكررة من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وحتى بعض حلفاء الولايات المتحدة، بضرورة فرض وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة.
بل على العكس من ذلك، أكدت واشنطن في عدة مناسبات دعمها الكامل وغير المشروط للعملية العسكرية الإسرائيلية، وحق الدفاع عن النفس. الأمر الذي أضاف شكوكًا واسعة بشأن مصداقية الجهود الأمريكية للتوصل إلى تهدئة دائمة في غزة، وسط اتهامات متبادلة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل حول انتهاكات التهدئة المؤقتة التي سبق وأعلنت.
ما هي قنبلة BLU-109 المُدمرة؟
أطلقت القوات الجوية الأمريكية قنبلة BLU-109، في الثمانينيات وهي قنبلة موجهة بدقة تهدف إلى تدمير الأهداف ذات التحصين العالي، تعتمد قوتها على توجيه دقيق بفضل أنظمة الملاحة والتحكم بالصواريخ عبر GPS، مما يسمح لها بتحقيق دقة متناهية في الضرب.
تبلغ وزن قنبلة BLU-109حوالي 2000 رطل، ويصل طولها 3.8 أمتار، تتميز بقدرتها التدميرية الكبيرة بفضل شحنتها الانفجارية من مادة التريتونال، مما يجعلها قادرة على تحقيق أضرار هائلة في الهياكل والمباني.
تجدر الإشارة إلى أن قنبلة BLU-109لاقت استخدامًا واسعًا في عمليات عسكرية، مثل حرب الخليج الثانية وحرب أفغانستان وحرب العراق، حيث أظهرت فعالية كبيرة في تدمير الأهداف المحصنة، ويتم استخدامها بشكل رئيسي ضد المخابئ والمباني المدرعة، وأي هدف يتطلب قدرة تدميرية فائقة.