في مؤتمر صحفي بالمملكة المتحدة، قدم الجراح الفلسطيني، غسان أبو ستة، شهادته المروعة حول ما واجهه خلال 43 يومًا من العدوان الوحشي العنيف على قطاع غزة. إذ وصف الأمر بأنه "مشهد مروع"، مُشيرًا إلى أن تدمير النظام الصحي الفلسطيني كان هدفًا عسكريًا في هذه الحرب.
ووفقًا لما أفادت به صحيفة "الجارديان" البريطانية، فقد أشار أبو ستة في حديثه إلى اللحظات الرهيبة التي شهدها مستشفيا المعمداني ودار الشفاء، حيث توقفا عن العمل تمامًا، مُؤكدًا أنه كان شاهدًا على استخدام جيش الاحتلال لقذائف الفسفور الأبيض الحارق. وأضاف: "هدف هذه المجازر كان جعل قطاع غزة غير صالح للحياة، وتدمير كل مكونات النظام الصحي الذي كان الهدف العسكري الرئيسي".
وفيما يتعلق بادعاء إسرائيل شن حرب ضد حماس وإنكارها استهداف المدنيين في غزة، قال أبو ستة: "إحصائيًا، يبدو أن الأرقام تروي قصة مُختلفة".
وخلال الفترة من 7 أكتوبر إلى 23 نوفمبر، استمر جيش الاحتلال في شن عدوانه على قطاع غزة لمدة 48 يومًا، أسفر عن استشهاد 14,854 فلسطينيًا، بما في ذلك 6,150 طفلًا وأكثر من 4,000 امرأة، وإصابة أكثر من 36,000 آخرين، يشكلون أكثر من 75% منهم أطفالًا ونساءً، وفقًا لتقرير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
في أثناء تواجده في مستشفيات غزة لمدة ستة أسابيع، لاحظ أبو ستة أن نصف المصابين كانوا أطفالًا، ومع مرور الوقت، تغيرت الحالة من علاج الجرحى الناتجين عن الانفجارات إلى العلاجات للمصابين بالقذائف العدمية وإصابات القناصة والقنابل الحارقة التي نفت إسرائيل استخدامها.
وعلى الرغم من تمديد الهدنة لمدة يومين أعلنت يوم أمس الاثنين، قال أبو ستة إن الإمدادات الطبية والغذائية والمياه الأخيرة لم تكن كافية للتعامل مع المشكلات الإنسانية.
وأضاف أن الهجوم على مستشفى المعمداني، الذي حدث في 18 أكتوبر، كان اختبارًا لما كانت قوات جيش الاحتلال تخطط للقيام به في باقي النظام الصحي. وبعد هذا الهجوم، استهدفت أربعة مستشفيات للأطفال. وفي الأسبوع الماضي، استهدفت إسرائيل مستشفيات العودة والإندونيسي في شمال غزة، واعتقلت مدير مستشفى الشفاء وعددًا من الأطباء.
مع مرور الوقت، نفدت الإمدادات الطبية وأُجريت العمليات بدون تخدير، وتم تنظيف جروح المرضى باستخدام سائل الغسيل والخل، في حين أُصيب آخرون بالديدان. وبعد مغادرته غزة قبل 10 أيام، أعرب أبو ستة عن شعوره الكبير بالذنب تجاه الذين تركهم وراءه.
وختم حديثه بالقول: "خوفي هو أن حتى الذين يظلون أقوياء بما فيه الكفاية للبقاء سيتركون في النهاية من تلقاء أنفسهم، وسنحصل على ما يريده الإسرائيليون، وهو نكبة جديدة مرة أخرى"، مضيفًا: "هذه الحرب هي استمرار لنكبة عام 1948".
ويوم الجمعة الماضي، دخلت هدنة إنسانية مؤقتة لمدة 4 أيام حيز التنفيذ، تم تمديدها يومين إضافيين، بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة. وخلال الأيام الثلاثة الأولى من الهدنة، أطلقت خلالها حماس سراح 40 إسرائيليًا، بينهم نساء وأطفال، و18 أجنبيًا، بينما أطلقت إسرائيل سراح 117 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم نساء وأطفال.
يتضمن اتفاق الهدنة إطلاق سراح 50 أسيرًا إسرائيليًا من غزة، مُقابل إطلاق سراح 150 فلسطينيًا من السجون الإسرائيلية، وإدخال مئات الشاحنات المُحملة بالمساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية والوقود إلى جميع مناطق القطاع.