على الرغم من تمديد الهدنة بين إسرائيل وحماس، في ظل توافقهما على استمرار عملية تبادل الأسرى والمحتجزين بين الجانبين، شكك بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، فيما إذا كانت إسرائيل تلتزم بالمبادئ الدولية في حربها ضد على غزة.
وقال "سانشيز" إن الصور التي نراها والعدد المتزايد من الأطفال الذين يموتون تجعلني أشك جديًا في التزام إسرائيل بالقانون الإنساني الدولي، وما نراه في قطاع غزة غير مقبول، بحسب صحيفة "دي تسايت" الألمانية.
وأضاف رئيس الوزراء الإسباني، اليوم الخميس، أنه من مصلحة الاتحاد الأوروبي الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهي خطوة ضرورية لوضع حد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ومن أجل استقرار المنطقة.
إسرائيل تستدعي السفير الإسباني
واستدعت إسرائيل سفير إسبانيا في تل أبيب، إلى جانب استدعاء سفيرها من مدريد، للتشاور بسبب التصريحات الانتقادية لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز.
وأوضح بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، أنه أصدر تعليماته لوزير خارجيته إيلي كوهين باستدعاء السفراء بسبب تصريحات رئيس وزراء إسبانيا، التي وصفتها تل أبيب بالمخزية.
ورد خوسيه مانويل ألباريس، وزير الخارجية الإسباني، بأن هذه الاتهامات كاذبة تمامًا وغير مقبولة، وأعلن أن إسبانيا سترد في الوقت المناسب.
ويأتي استدعاء سفير إسرائيل في مدريد، واستدعاء سفير إسبانيا لدى تل أبيب، استكمالًا لمسلسل استدعاء السفراء أو قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، إدانة للقصف المتواصل على قطاع غزة المُحاصر.
وكانت بوليفيا الدولة الأولى التي قطعت علاقاتها مع تل أبيب، أواخر أكتوبر، تلتها "بليز"، وسحبت كل من "تشيلي، كولومبيا، هندوراس، البحرين، الأردن، تركيا، تشاد، وجنوب إفريقيا" سفراءها من إسرائيل، بجانب تصاعد الغضب الشعبي في جميع أنحاء العالم، بسبب المجازر التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني.
الاعتراف بالدولة الفلسطينية
وتعهد سانشيز بالعمل في أوروبا وإسبانيا من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مضيفًا أنه في السنوات الأخيرة، رأينا كيف كانت إسرائيل تحتل بشكل منهجي الأراضي الفلسطينية، وأعتقد أنه يجب معالجة هذه المسألة.
وألمح رئيس وزراء إسبانيا، أن بلاده قد تضطر إلى الاعتراف بدولة فلسطين من جانب واحد، وخلال زيارته لمعبر رفح قال: "لقد حان الوقت للمجتمع الدولي، خاصة الدول الأوروبية، لاتخاذ قرار بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية".
وشدد رئيس الحكومة الإسبانية على أنه سيكون من المفيد بالنسبة لنا أن نفعل ذلك معًا (في الاتحاد الأوروبي)، لكن إذا لم يحدث ذلك، فستتخذ إسبانيا بالطبع قراراتها بنفسها.
وتحظى فلسطين باعتراف دولي من قبل 136 دولة، منها 9 دول فقط أعضاء في الاتحاد الأوروبي: بلغاريا وقبرص وجمهورية التشيك والمجر ومالطا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا والسويد.
وبدورها؛ قالت نائبة رئيس الحكومة يولاندا دياز، إن إسبانيا يجب أن تكون مثالًا لأوروبا بأكملها من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن اعتراف إسبانيا بالدولة الفلسطينية كان التزامًا راسخًا في اتفاق الحكومة، ويجب الانتقال من الأقوال إلى الأفعال.
برشلونة تقطع العلاقات مع إسرائيل
وفي خطوة غير مسبوقة، وافق مجلس مدينة برشلونة، بقيادة الاشتراكي جاومي كولبوني، على قطع العلاقات المؤسسية لمجلس المدينة مع الحكومة الإسرائيلية، حتى يتم التوصل إلى وقف نهائي لإطلاق النار في غزة وقرارات الأمم المتحدة.
ويتضمن الإجراء الالتزام بوضع بند يمنع مجلس المدينة من توقيع عقود مع المشغلين الإسرائيليين، الذين لا تحترم أنشطتهم القانون الدولي وحقوق الإنسان.
وثمنت الفصائل الفلسطينية في بيان لها موقف برشلونة الذي قرر قطع علاقاته مع الاحتلال ورفض العدوان والإبادة الجماعية التي يرتكبها.
الدعم الإسباني لغزة
وكانت إسبانيا واحدة من 121 دولة صوتت لصالح قرار الجمعية العامة، الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، 27 أكتوبر 2023.
ومع بدء العدوان الإسرائيلي، أعلن القائم بأعمال وزير الخارجية الإسباني أن بلاده ستزيد مساعداتها الإنسانية لقطاع غزة بقيمة مليون يورو.
وتشهد إسبانيا مظاهرات داعمة للفلسطينيين في كل مكان كل يوم تقريبًا، فالدولة أقرب تقليديًا إلى الفلسطينيين، ويتخذ اليسار على وجه الخصوص موقفًا متشددًا ضد جيش الاحتلال.
زيارة لمعبر رفح
والجمعة الماض، زار بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، معبر رفح، الذي أكد تأييده لاتفاق الهدنة الذي تم التوصل إليه في غزة معربا عن رغبته في إطلاق سراح جميع الأسرى.
وتابع رئيس الوزراء الإسباني، خلال مؤتمر صحفي له من أمام معبر رفح، "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها يجب أن يكون ضمن القانون الدولي وليس من خلال قتل الأطفال والنساء".
وأكد "سانشيز" أن العنف يولد العنف وينبغي العمل على إعطاء الأمل للفلسطينيين، ويجب أن يكون هناك أفق للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
تقديم نتنياهو للمحكمة الجنائية
وتأكيدًا للدعم الإسباني لفلسطين، قالت القائمة بأعمال وزير الحقوق الاجتماعية، إيوني بيلارا، إن جيش الاحتلال ينفذ ما يسمى بـ"التطهير العرقي" للشعب الفلسطيني، داعية الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد إسرائيل.
وقالت بيلارا: "يمكننا فرض عقوبات اقتصادية على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والقيادة السياسية الإسرائيلية، ويمكننا فرض حظر على الأسلحة، ويمكننا تقديم نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية".
إسبانيا تميل لفلسطين بحكم التاريخ
ويرجع ميل إسبانيا تجاه فلسطين، لأسباب تاريخية ترجع لفترة حكم فرانشيسكو فرانكو، الذي حكم البلاد على مدار 40 عامًا، لم يعترف فيها نظامه أبدًا بإسرائيل، بحسب عالم السياسة فرناندو فاليسبان، بحسب موقع تاجز شاو.
وفي عام 2014 صوّت البرلمان الإسباني على الاعتراف بالأراضي الفلسطينية كدولة.
وكان رئيس الوزراء الإسباني أدولفو سواريز، أول زعيم من أوروبا الغربية، يستضيف رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، سبتمبر 1979، ما أثار انتقادات من الجاليات اليهودية الإسبانية.