لا يزال المخرج اللبناني زكريا جابر يحصد ثمار نجاح فيلمه "قلق في بيروت"، في المهرجانات السينمائية الدولية، إذ حاز أخيرًا على جائزة أفضل فيلم وثائقي في مهرجان السينما العربية والمتوسطية ببرشلونة، بعد عدة جوائز كان أهمها جائزة الكأس الذهبية في مهرجان شنجهاي السينمائي.
يرصد "جابر" في الفيلم، الغضب الذي يعيشه جيل "ما بعد الحرب الأهلية" تجاه الوضع السائد في لبنان، كما ينقل التجارب الحية لشخصيات عايشت معاناة اللبنانيين وخيباتهم، خلال السنوات الأخيرة من تظاهرات وقعت عام 2019، والانهيار الاقتصادي غير المسبوق الذي شهده لبنان، وانفجار مرفأ بيروت عام 2020.
لم أُقدم الفيلم من أجل الجوائز
قال المخرج زكريا جابر لـ موقع "القاهرة الإخبارية": إن "قلق في بيروت" يعد أولى تجاربه في الأفلام الوثائقية الطويلة، لذا يشعر بالفخر والاعتزاز بكونه نجح فيها، موضحًا "قدمت لهذا الفيلم جهدًا كبيرًا لمدة ثلاث سنوات حتى يخرج إلى النور، وكانت التجربة مرنة وممتعة رغم الصعوبات والتحديات".
وأضاف "لم أُقدم هذا الفيلم من أجل حصد الجوائز، لكنها كانت دافعًا قويًا لي وحمستني لخوض تجارب جديدة ومختلفة، خاصة أنها أول تجربة وحصدت كل هذه الجوائز".
تجربة جاءت صدفة
وأشار المخرج اللبناني إلى أن فكرة العمل جاءت عن طريق الصدفة ولم يُخطط لها من قبل، قائلًا: "كنت خارج لبنان وعندما عدت إليها التقيت مجموعة من أصدقائي، وكنا حينئذ نصور مقاطع فيديو خاصة بنا، وفي وقت الثورة عام 2019 قررت تصوير الأحداث وتوثيقها حتى أظهر القلق في بيروت".
وأضاف "ما حمّسني لخوض هذه التجربة هو أنه يحكي عن جيلنا الذي ولد بالتسعينيات، هذا الجيل المؤمن بالسلم ولم يعشه، والأحداث التي كانت تقع في لبنان كانت تدفعني بشكل كبير لتقديمها".
صراع دائم بين دوري كمخرج ومشاعري
حول الصعوبات والتحديات التي واجهت مخرج العمل، أشار إلى أنه كان مليئًا بالتحديات والمخاطر، إذ قال: "التحدي الأكبر الذي واجهني هو كيفية الفصل بين مشاعري، كوني لبناني يعيش في هذه الأحداث الصعبة، ومخرج يريد توثيق هذه اللحظات".
وأضاف: "هناك أيضًا صعوبات مادية ظهرت لخروج العمل إلى النور في ظل الوضع الاقتصادي الصعب بلبنان، والتوثيق في حد ذاته كان صعبًا لوجود أحداث خطرة مثل انفجار المرفأ".
الفن هو صانع الرأي
أعرب المخرج اللبناني عن استيائه وحزنه الشديد لما يحدث في فلسطين من قبل الكيان الصهيوني والمجازر التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، قائلًا: "لا يوجد شيء يصف هذا الوضع الصعب في فلسطين حاليًا، فهي مذبحة جماعية من قبل المحتل، وما يقع لا يستوعبه عقل، فهو تطهير عرقي واضح لشعب محتل".
وحول أهمية الفن في دعم القضية الفلسطينية، أشار إلى أن الفن قادر على التأثير في الرأي العام، قائلًا: "للفن أهمية كبيرة في دعم القضية الفلسطينية وتعريف المجتمع الغربي حقيقة الكيان الصهيوني، فالفن هو صانع الرأي العام".
السيناريو أساس اختياري للأفلام
تعلم زكريا من والده المخرج الكبير يحيى جابر الكثير في الفن والحياة بشكل عام، وحول ذلك يقول: "أنا شخصيًا كل فترة انحاز لنمط معين في العمل، وخلال آخر 10 سنوات، كنت أبحث عن الأفلام التي لها علاقة بالعدالة، ومعايير اختياري للأفلام تتوقف على النص وعلاقته بالجمهور، والرسالة داخل العمل، وكذلك التصوير وقدرته على خلق أشياء جديدة".
وأضاف "علاقتي بوالدي علاقة صداقة أكثر من علاقة ابن بوالده، إذ تعلمت منه كل شيء في الحياة، وعندما دخلت عالم الإخراج تعلمت منه الكثير عن الفن وأساسيات العمل بالإخراج".