الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

المخرجة مي المصري: "بيروت في عين العاصمة" توثيق لتاريخ لبنان

  • مشاركة :
post-title
المخرجة الفلسطينية مي المصري

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

أحرص على استخدام السينما كأداة للنقاش والتغيير

أستعد لتقديم فيلم عن تاريخ فلسطين من خلال قصة إنسانية

الرغبة في البحث المستمر والحرص على إيصال صوت الآخر ومعاناته، والمساهمة ولو بجزء بسيط في تغيير الواقع الأليم والتأثير في الناس، عوامل مهمة كانت دافعًا وراء سعي المخرجة الفلسطينية مي المصري لدخول عالم السينما وتقديم قضايا وموضوعات تهم المجتمعات العربية وتعمل على معالجتها، إذ كانت آخر هذه القضايا، الانتفاضة الشعبية التي حدثت في بيروت 17 أكتوبر 2019، لتشكّل دافعًا قويًا لها لتقديم فيلم "بيروت في عين العاصمة"، من خلال عيون أربع نساء متمردات ومن خلفيات مُختلفة.

وحول ذلك تؤكد المخرجة مي المصري في حوارها لـ"موقع القاهرة الإخبارية" أن تجربتها في فيلم "بيروت في عين العاصمة" كانت مميزة ومختلفة، إذ تقول: "أردت أن أعبر عن الحراك الكبير والهجمة الشعبية التي حدثت في أكتوبر 2019، خاصة أن هذا الحراك ضم عددًا كبيرًا من النساء، مع ظهور مظاهر إبداعية خلال الانتفاضة، مثل الرسم والموسيقى وغيرها، فكانت هذه المرحلة مصيرية في تاريخ لبنان، وأردت توثيق ذلك".

التحضير والصعوبات

تصوير عمل فني وسط الاحتجاجات والانفجارات التي وقعت في بيروت، مثّلت صعوبة بالغة على صناعه، وهذا ما واجهته المخرجة مي المصري عند تصويرها فيلم "بيروت في عين العاصمة"، إذ تقول: "التحضير للعمل كان سريعًا للغاية، لأنني اندمجت مع الحراك الشعبي بعد أيام قليلة، وبدأت أصور مع فريق عمل صغير، إذ كنت أرتب الأفكار وأنا في مكان التصوير، ولكن طبيعة الموضوع نفسه كانت واضحة أمامي؛ لأني اخترت الموضوع والشخصيات التي سيتم التركيز عليها، بالإضافة إلى أن هذه المنطقة التي دارت فيها الأحداث أعرفها كثيرًا فهي قريبة من منزلي، وأيضًا استحضرت خبرتي الكبيرة من خلال عيشي في لبنان وتصوير أكثر من فيلم عن بيروت".

وتضيف: "تمثلت الصعوبات في أنني بدأت تصوير العمل بدون دعم؛ لأن القرار كان سريعًا، ومن ناحية أخرى كان وقت التصوير هناك أحداث عنف، وبالتالي لم نستطع التصوير بشكل محترف ودقيق، بالإضافة إلى وباء كورونا الذي أصاب العالم، وبالتالي أصبح ممنوع التجمعات والحركة، إلى أن بدأت البحث عن حلول لذلك، من خلال التعبير عن هذه المرحلة بالاتصال بالشخصيات عن طريق برنامج "سكايب"، وأخيرًا كان أصعب شيء واجهني هو انفجار مرفأ بيروت الهائل، الذي دمر الشعب اللبناني جسديًا ونفسيًا".

العنصر النسائي

اعتمدت المخرجة مي المصري على العنصر النسائي في فيلم "بيروت في عين العاصمة"، بشكل أساسي، وحول ذلك تقول: "هناك عدة أسباب جعلتني أعتمد على العنصر النسائي منها أن الانتفاضة كان بها حضور نسائي كبير، وهذا الشيء كان لافتًا للنظر، بالإضافة إلى أن الموضوع الذي أحببت التركيز عليه مرتبط بالنساء من خلال الإبداع، وأخيرًا العمل مع النساء أمر ممتع للغاية، خاصة أن النساء يعبرن عن مشاعرهن بتلقائية أكثر من الرجال، بالإضافة إلى أن معاناة المرأة أكثر من الرجل، ولذلك أحببت إظهار هذا الجانب".

وتضيف: تم اختيار الشخصيات بناء على الموضوع، إذ حرصت على اختيار نساء مبدعات وخاصة في عالم الصورة، فوقع الاختيار على الشقيقتين اللبنانيتين ميشيل ونويل كسرواني، اللتين تنتقدان الوضع الاجتماعي والسياسي من خلال أغنيات مصورة ساخرة، والطالبة حنين التي تتمتع بوعي كبير رغم صغر سنها وتدرس في كلية الإعلام وتصور أفلامًا وثائقية، والمصورة العراقية لجين التي تمردت على تجربتها الذاتية، واختيار العراقية لجين أمر مهم للغاية؛ لأنني أردت أن أربط بين التجربة اللبنانية والتجارب العربية الأخرى.

توثيق الأحداث

لدى المخرجة الفلسطينية اللبنانية مي المصري رغبة شديدة في توثيق وحفظ تاريخ لبنان من خلال أعمالها السينمائية، إذ تقول: "فيلم "بيروت في عين العاصمة"، رسالة حب لبيروت هذه المدينة التي تعني لي الكثير، فقد عشت فيها كل التجارب الصعبة من احتجاجات وحروب أهلية وانتفاضات شعبية، مدينة عاشت صعوبات كثيرة ولكن مازالت موجودة وشعبها حيًا".

وتضيف: "أردت توثيق تاريخ لبنان حتى نعرف تاريخنا وواقعنا من خلال أداة قوية مثل السينما قادرة على التغيير والوعي، خاصة أنه لا يوجد كتاب تاريخ واحد يحفظ هذه الأحداث، والسينما خير أداة في حفظ هذا التاريخ والتعبير عن الواقع وأيضًا معالجته".

النهضة الفلسطينية

ترى المخرجة مي المصري أن الوضع الفني في فلسطين يضم محاولات فنية عالمية ومميزة، رغم الاحتلال والوضع السيئ الذي تعيشه دولة فلسطين، إذ تقول: "هذا الواقع الأليم يخلق روح الإبداع لدى صناع السينما في فلسطين، والسينما الفلسطينية تعيش حالة من النهضة، فكل عام يكون لدينا أكثر من فيلم فلسطيني يشارك في مهرجانات عالمية ويحصد جوائز، وهذا الشيء يعطي أملًا لكل الفلسطينيين".

وتضيف: "قدمت أفلامًا عديدة عن فلسطين ولدي رغبة شديدة في تقديم عمل سينمائي عن تاريخ فلسطين، إذ ناقشت آخر ثلاثين عامًا في فلسطين من انتفاضة أولى وثانية وتجربة المخيمات، لذلك أريد العودة من خلال فيلم يركز على التاريخ، وما السبب وراء وصول فلسطين إلى هذا الوضع، فأنا أريد تقديم فيلم روائي عن وقت الاستعمار البريطاني في فلسطين وبدايات النكبة من خلال قصة إنسانية، وهذا بالفعل ما بدأت العمل فيه".

وتؤكد المخرجة مي المصري، رغبتها في المشاركة في السينما المصرية، إذ تقول: "بالتأكيد أريد العمل في مصر إذا أتيحت لي الفرصة، فمصر هي أم الدنيا، وهناك العديد من الموضوعات التي من الممكن أن تناقش في أعمال سينمائية".

يُذكر أن مي المصري مخرجة أفلام لبنانية من أصول فلسطينية، ولدت في عمّان عام 1959. تعلمت في أمريكا، وزوجها مخرج الأفلام اللبناني جون شمعون، وقاما بعمل العديد من الأفلام معًا وأنجبا ابنتين نور وهناء.