تدور رحى الأيام، فيشبه اليوم البارحة بتولي ديفيد كاميرون وزارة خارجية بريطانيا بعد أن كان رئيسًا للوزراء، ليسير على خطى جيمس بلفور، قبل 104 سنوات.
فبعد مرور مئة عام من العزلة والتغريب للشعب الفلسطيني، كان الشوكة فيها أرثر جيمس بلفور الذي تولى رئاسة الوزارة في بريطانيا من 11 يوليو 1902 إلى 5 ديسمبر 1905، عاد للعمل وزيرًا للخارجية من 1916 إلى 1919 في حكومة ديفيد لويد جورج، الذي منح اليهود وعدًا لإقامة دولة في فلسطين، بينما لم يكشف وزير الخارجية البريطاني الحالي، عن وجهة نظره حول الحرب في غزة حتى الآن، فهل تكون المناصب بين كاميرون وبلفور هي المصادفة الوحيدة، أم تكرار للسيناريو القديم؟
استقالة قبل سبع سنوات
وتأتي عودة "كاميرون" غير المتوقعة إلى ساحة السياسة البريطانية بعد أن أمضى السنوات السبع الماضية منخرطًا في الأعمال التجارية.
وشغل كاميرون منصب رئيس الوزراء في بريطانيا بين عامي 2010 و2016، وغادر منصبه بعد أن صوّتت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي دعا إليه.
استقالة كاميرون في يوم 24 يونيو 2016 جاءت بعد 3 أشهر من منصبه بعد صدور نتيجة استفتاء بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي التي أظهرت موافقة 51.9% لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي وقال إنه لن يشرف على عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي وسيتركها لغيره.
وعد بلفور
قبل أن تضع الحرب العالمية الأولى أوزارها ويتقاسم المنتصرون فيها تركة الإمبراطورية العثمانية، سارع وزير الخارجية البريطاني أرثر بلفور في 2 نوفمبر من عام 1917 إلى كتابة رسالة إلى المصرفي البريطاني وأحد زعماء اليهود في بريطانيا البارون روتشيلد، أدت إلى قيام دولة إسرائيل وما تبع ذلك من حروب وأزمات في الشرق الأوسط، بحسب "بي بي سي".
كانت الرسالة، التي تُعرف حاليًا بوعد بلفور، أوضح تعبير عن تعاطف بريطانيا مع مساعي الحركة الصهيونية لإقامة وطن لليهود في فلسطين، حيث طلب فيها بلفور من روتشليد إبلاغ زعماء الحركة الصهيونية في المملكة المتحدة وأيرلندا بموقف الحكومة البريطانية من مساعي الحركة.
ورغم أن الرسالة لا تتحدث صراحة عن تأييد الحكومة البريطانية لإقامة دولة لليهود في فلسطين، لكنها أدت دورًا أساسيًا في إقامة دولة إسرائيل بعد 31 عامًا من تاريخ الرسالة، وتحديدًا عام 1948.
النكبة الثانية
وفي ظل الحرب غير المسبوقة على قطاع غزة من قِبل جيش الاحتلال، التي وصفها بالعض بـ"النكبة الثانية"، اختار رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كاميرون ليمثل بلاده وزيرًا للخارجية.
وقال كاميرون بعد تعيينه إنه قَبِلَ منصب وزير الخارجية بـ"كل سرور"، وذلك بعد وقت قصير من الإعلان عن إقالة برافرمان بسبب تصريحات انتقدت فيها تعامل الشرطة الذي وصفته بـ"المتحيز" لصالح المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، وقد وصفت مظاهرة لدعم الفلسطينيين بـ"مسيرة كراهية"، بحسب "سي إن إن".
وأضاف رئيس الوزراء الأسبق قائلًا: "رغم أنني كنت خارج الخطوط الأمامية للسياسة على مدى السنوات السبع الماضية، إلا أنني آمل أن تساعدني تجربتي - كزعيم محافظ لمدة أحد عشر عامًا ورئيس للوزراء لمدة ستة أعوام في مساعدة رئيس الوزراء (ريشي سوناك) على مواجهة هذه التحديات".
كان رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك اختار، أمس الإثنين، رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وزيرًا للخارجية، وذلك في خطوة مفاجئة مع قيام سوناك بتعديل وزاري.
وتعرّض سوناك لضغوط متزايدة لإقالة وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان بعدما طالتها اتهامات بتأجيج التوترات خلال أسابيع من التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والاحتجاجات المضادة في المملكة المتحدة، فقام بتغيير محدود بتعيين ديفيد كاميرون وزيرًا للخاجية بدلًا من جيمس كليفرلي الذي عيّن وزيرًا للداخلية بدلًا بريفرمان.