في أمسية فنية لم تخلُ من الدعم للشعب الفلسطيني، عُرض مساء اليوم الفيلم السوداني "وداعًا جوليا" الذي نافس خلال فعاليات مهرجان كان السينمائي، ولكن قرر القائمون على العمل إلغاء أي شكل احتفالي للفيلم والسجادة الحمراء، نطرًا لكوارث الاحتلال الإسرائيلي ومجازره التي لم تتوقف، خاصة بعد قصف مستشفى المعمداني بحي الزيتون في قطاع غزة، والتي خلفت مئات الشهداء.
شهد العرض الخاص حضور بطل الفيلم نزار جمعة، والمنتج محمد العمدة والمخرج السوداني أمجد أبو العلا، بجانب المخرجين المصريين خيري بشارة وأمير رمسيس، وسفير السلام باليونسكو الفنان السوداني علي مهدي. وتدور أحداث العمل في الخرطوم قبيل انفصال الجنوب، حيث تتسبب "منى" المرأة الشمالية التي تعيش مع زوجها "أكرم"، في مقتل رجل جنوبي، ثم تقوم بتعيين زوجته "جوليا" التي تبحث عنه كخادمة في منزلها ومساعدتها سعيًا للتطهر من الإحساس بالذنب.
فرصة مناسبة
يؤكد المنتج محمد العمدة أن عرض الفيلم في مصر اليوم له شعور مختلف، فالجمهور المصري عظيم، كما أنها فرصة مناسبة للجمهور السوداني في مصر لرؤية العمل، معربًا عن سعادته بالجوائز التي حصل عليها الفيلم في المحافل الدولية، ومنها جائزة الحرية من مهرجان كان السينمائي، والتي يعتبرها الأقرب إلى قلبه. وأضاف: "نطمح خلال الفترة المقبلة بمشاركة العمل في المحافل العالمية الأخرى، ليكون فرصة ليتطلع الجمهور الغربي والأوروبي على ما يحدث في السودان".
وعن الصعوبات التي واجهتهم في الفيلم قال العمدة: "العمل مرهق للغاية، فقد تطلب منا تحضيرات كثيرة حتى يخرج إلى النور، ولكن كل هذا المجهود تكلل بردود الفعل الرائعة التي حصلنا عليها، والإعلان عن ترشيح العمل للأوسكار كممثل للسودان".
لا نتجاهل الحرب
يرى الفنان نزار جمعة، أن أبطال العمل كانوا بحاجة لعرضه في الشرق الأوسط؛ ليتابعوا بأنفسهم ردود فعل الجمهور العربي والسوداني على العمل الذي طاف المحافل الدولية، إذ كان حلمه منذ اليوم الأول في التصوير مشاركته في الأوسكار، وحين تلقى الخبر لم يصدق نفسه من الفرحة.
وحول ما إذا كان سيحرص مستقبلًا على تحويل قصص عن الصراع السوداني الدائر لأفلام حاليًا، قال: "تجاوز الحرب أمر صعب ولا يمكن تجاهل تلك الفترة، والتي تعتبر من الأحداث الصعبة التي يمر بها شعبنا، وبالتالي علينا نقل الصورة إلى العالم".
وحرص نزار على توجيه رسالة للشعب الفلسطيني الأبي قائلا: "هم أبطال يدافعون عن الأرض والكرامة والعزة، قلوبنا معهم وسينصرهم الله في حربهم على هذا الاحتلال الغاشم، فالمفارقة القاسية أن السودانيين رحلوا من الشمال إلى الجنوب أيضًا تجنبًا لأهوال الحرب".
تضامن مع القضية
لم يختلف شعور المخرج السوداني أمجد أبو العلا منتج العمل عن زملائه بعرض الفيلم في مصر وسط هذا الجمهور الكبير مؤكدًا: "تم تصوير الفيلم في السودان قبل نشوب الحرب بثلاثة أشهر، وسط الكثير من الاضطرابات، ولكن ردود الفعل العالمية وترشيح العمل للأوسكار جعلتنا ننسى ما مررنا به من صعوبات خلال فترات التحضير والتصوير".
وعن سبب اتجاهه لإنتاج الفيلم، قال أمجد أبو العلا: "كنت أشعر بضرورة دعم السينما السودانية، فتعاونت مع المخرج محمد كردفاني في هذا الفيلم المهم، وكنا حريصين أن يرى العالم القصة التي قدمناها لتصحيح المفهوم الخاطئ لدى البعض، وهو أن الهدف من الدخول في المهرجانات هو الوقوف على السجادة الحمراء والحصول على جائزة وهذه ليست الحقيقة".
وحرص أبو العلا على دعم القضية الفلسطينية قائلًا: "قلوبنا مع غزة وشعبها العظيم، فأنا لي جذور فلسطينية، وأمي تعيش في رام الله، نصرهم الله على الاحتلال وصبّرنا جميعا على المشاهد التي نراها في فلسطين والسودان".