يلتقي شاب يتجول في حديقة الحيوان بنمر صغير يدعى عزيز، ويقرران أن يتجولا سويًا للعثور على مكان مناسب للعب، ولكن خطر مخلفات الحرب يواجههما.. هذه هي قصة فيلم التحريك الأردني "حديقة الحيوان" للمخرج طارق ريماوي والذي حصل على جائزة أفضل فيلم تحريك قصير ضمن فعاليات النسخة الثالثة من مهرجان البحرين السينمائي.
الفيلم الذي تلقى دعمًا من الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، وشارك في العديد من الفعاليات الدولية أكد مخرجه أن الفوز يعني له الكثير، إذ يقول: "ممتن جدًا وسعيد بالفوز في مهرجان البحرين السينمائي. هذا يعني الكثير لي ولفريق العمل ويشجعنا على بذل جهد أكثر في إنتاج المزيد من أفلام التحريك".
القصة التي قدمها المخرج الأردني مستوحاة من أحداث حقيقية حدثت عام 2016 في غزة، واستغرق تنفيذها ٤ سنوات، بهدف تطوير الفكرة والقصة وإنتاج الرسوم المتحركة والمونتاج، ويقول المخرج لـ موقع "القاهرة الإخبارية": "الفيلم يتناول إنقاذ نمر وبعض الحيوانات الأخرى من داخل أسوأ حديقة حيوان في العالم كما صنفتها الصحف الغربية، حيث عانت هذه الحيوانات من ويلات الحرب والدمار ليتم إخراجهم إلى أماكن أخرى أكثر أمانًا خارج غزة، من خلال منظمة أجنبية تعني بحقوق الحيوان، أخذت على عاتقها إنقاذ الحيوانات، لكن للأسف يتناسى العالم المعاناة المستمرة للإنسان الفلسطيني داخل أكبر سجن مفتوح بالعالم".
فيلم صامت
وعن الصعوبات التي واجهته لإخراج هذا العمل للنور يقول: العمل في هذا المجال بشكل عام يتطلب وقتًا طويلًا وجهدًا كبيرًا لإنشائه بالدقة والجودة المطلوبة، حيث إن الفيلم صامت ويعتمد بشكل كامل على الصورة والموسيقى التصويرية، ولذلك يجب تطوير قصة جذابة ومؤثرة لضمان ردود فعل إيجابية من قبل الجمهور، وهو ما يعتبر تحديًا كبيرًا لأي صانع أفلام، بالإضافة إلى ذلك يحتاج صانعو الأفلام التحريكية إلى إتقان تقنيات التحريك المنوعة، وهذا يتطلب تدريب ومهارات متقدمة وكنت محظوظًا بالعمل مع مجموعة من محترفي هذه الصناعة في الأردن.
وتابع: "كما اعتمدنا على مجموعة من الشباب لديهم المهارات المطلوبة لإنتاج فيلم عالي الجودة قادر على المشاركة في المهرجانات الإقليمية والدولية وحصد الجوائز، وأشكر فريق العمل على شغفهم في الفن بشكل عام والأفلام التحريكية وأخص بالذكر أمينة عبدات وسلسبيل أبو عبيد، ومي الكيلاني، بالإضافة إلى توليب سويدات وفرح فاروقة ومحمد شافاقوج ورؤى الشطل وباقي الفريق الذي ساهم بهذا العمل.
موت الحيوانات بسبب الحرب
واختار المخرج أن يقدم فكرته في فيلم تحريك لأن القصة سيريالية بالنسبة له، حيث يقول: "القصة الأصلية بدأت بتهريب الحيوانات المفترسة والأليفة، ومن ثم إنشاء حديقة حيوان لإسعاد الأطفال والكبار الذين شاهدوا هذه الحيوانات لأول مرة في حياتهم، وبعدها اندلاع الحرب على غزة عام 2014 لمدة 51 يومًا وموت معظم الحيوانات بسبب الجوع، الأمراض والتوتر، ومن ثم يقرر صاحب الحديقة بتحنيط الحيوانات النافقة لتبقى داخل أقفاصها، وإخراج باقي الحيوانات التي ما زالت حية خارج أقفاصها وإغلاق الحديقة، هل يعقل أن تكون هذه القصة واقعية وحدثت بالفعل على أرض الواقع؟ فهي بالنسبة لي وكل من يسمعها قصة سيريالية، وكانت مصدر إلهام لإنتاج الفيلم التحريكي "حديقة الحيوان".
وأضاف: "أما من الناحية الفنية، فاللغة البصرية لـ "حديقة الحيوان" تعتمد على الألوان السوداء والبيضاء فقط والمستوحاة من أعمال رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير ناجي العلي، ويرمز الشكل إلى الرسالة الأساسية للفيلم بالإضافة إلى نقل نبرة غير مستقرة، كونه فيلمًا غير حواري تروي موسيقاه الرحلة العاطفية للشخصيات الرئيسة للفيلم".
التغلب على أزمة التمويل
كثيرًا ما تواجه تلك النوعية من الأفلام مشكلات في التمويل، ولكن "ريماوي" تغلب عليها حيث قال: "حصلنا على دعم من الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، وفاز العمل بجائزة للإنتاج المشترك من مؤسسة روبرت بوش ستيفتونج الألمانية والتي سنحت لنا فرصة العمل مع المنتج الألماني مورتز مايرهوف والتعاون مع الموسيقار بيتر غرومير".
وتابع: صحيح أن التمويل يعد أحد العوامل الرئيسية لإنتاج فيلم ذات جودة عالية، ولكن من وجهه نظري لا أعتبرها عقبة خصوصًا إذا تحدثنا عن الأفلام المستقلة القصيرة، حيث يمكن لصانع الأفلام التكيف مع الموارد المتاحة وإنتاج عمل فني قادر على المنافسة في المحافل العالمية، فالمهرجانات تود عرض أفلام تحتوي على أساليب فنية فريدة ذات قصص مميزة ومؤثرة.
تحديث المشروع
حول أبرز ردود الفعل التي تلقاها المخرج عن العمل بعد عرضه في عدد من المحافل الدولية، يقول: "رد الفعل كان إيجابيًا خصوصًا أن رسالة الفيلم كانت واضحة لكلا الجمهورين العربي والغربي، فنحن أردنا من خلال هذا الفيلم تسليط الضوء على الوضع الصعب الذي يعيشه الأطفال في مناطق الحروب بشكل عام وفلسطين بشكل خاص من خلال سرد قصة طفل بريئة يبحث عن طفولته المسلوبة.
وعن أعماله القادمة قال: "أقوم حاليًا بتطوير قصة جديدة لفيلم تحريكي قصير والاستفادة فنيًا من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى العمل على تطوير فيلم "حديقة الحيوان" ليتحول من فيلم قصير إلى فيلم تحريكي طويل.