إلى أن يختار مجلس النواب رئيسًا جديدًا، ستكون الولايات المتحدة منقسمة في قدرتها على تقديم الدعم المالي المستمر لجهود الحرب التي تخوضها إسرائيل على غزة وأوكرانيا التي تشن هجومًا مضادًا ضد القوات الروسية.
وفي الوقت الحالي، ليس هناك ما يشير إلى المدة التي سيستمر فيها المنصب شاغرًا، في حين اقترب الجمهوريون من اختيار اسم خليفة رئيسه السابق كيفين مكارثي بعد اجتماع مغلق يوم الأربعاء، والذي تغلب خلاله عضو الكونجرس ستيف سكاليز من لويزيانا على زميله جيم جوردان من أوهايو، بأغلبية 113 صوتًا مقابل 99.
حسم اسم رئيس النواب
ومع ذلك، لا تزال الأزمة بعيدة عن التسوية، إذ إنه في حالة لم يتمكن 217 من أصل 221 عضوًا جمهوريًا في مجلس النواب من الاتفاق على دعم سكاليز، فقد تشهد الولايات المتحدة شيئًا أشبه بالجولات الخمس عشرة التاريخية من التصويت التي تحملها مكارثي في يناير للفوز بالمنصب، في حين أشار بعض الأعضاء بالفعل إلى أنهم يعتزمون التصويت لصالح منافس سكاليز.
ومثل هذا الوضع ربما يجعل من الصعب على الولايات المتحدة دعم حلفائها (إسرائيل وأوكرانيا على وجه التحديد) في الشرق الأوسط وأوروبا.
وقال جوردان تاما، أستاذ السياسة الخارجية والأمن العالمي في الجامعة الأمريكية بالعاصمة واشنطن، لمجلة "نيوزويك": "بدون وجود رئيس، ودون قدرة الكونجرس على تمرير التشريعات بسرعة، فإن هذا سيجعل الدول الأخرى أكثر قلقًا، وخاصة إسرائيل، والأمر نفسه بالنسبة لأوكرانيا".
وتشير الصحيفة إلى أنه في حين أن بعض التقدميين في الحزب الديمقراطي كانوا في الماضي متحفظين على دعم الحكومة الإسرائيلية، إذ ينظرون إليها على نطاق واسع على أنها "مرتكبة للظلم" ضد الفلسطينيين، إلا أن معظمهم أعربوا عن دعمهم لإسرائيل في أعقاب عملية "طوفان الأقصى".
وعلى نحو مماثل، في حين يعارض قسم أكبر من المحافظين بالحزب الجمهوري، تقديم الدعم المالي لأوكرانيا، معتبرين أن الوضع استثمار غير جدير بالاهتمام، فإن غالبيتهم يؤيدون الحملة على روسيا.
حزمة مساعدات مرتقبة
ودعا الرئيس جو بايدن الكونجرس إلى تقديم الدعم المالي لكلا البلدين، وإذا تم إجراء التصويت في كلا المجلسين، فمن المحتمل أن يتم تمرير حزمتي المساعدات. ومع ذلك، قد يكون سكاليز - مثل مكارثي- مترددًا في الدعوة للتصويت على المساعدات لأوكرانيا.
وفي حين دعم الجمهوري من ولاية لويزيانا (سكاليز) المساعدات لأوكرانيا في الانتخابات الماضية، إلا أنه لم يتحدث بصوت عالٍ حول هذه القضية في الأسابيع الأخيرة. وفي الوقت نفسه، ركز جوردان -الذي صوت ضد المساعدات المقدمة لأوكرانيا- في حملته الانتخابية لمنصب رئيس البرلمان على أساس أن "القضية الأكثر إلحاحًا في أذهان الأمريكيين ليست أوكرانيا، بل الوضع على الحدود والجريمة في الشوارع"، ويتخذ أنصاره -الذين سيتعين على سكاليز التأثير عليهم- مواقف مماثلة.
وتوضح "نيوزويك" أن كلا الرجلين كانا صريحين في دعم إسرائيل، إذ اقترح بعض المدافعين عن كل من إسرائيل وأوكرانيا، بما في ذلك البيت الأبيض، دمج حزم المساعدات المقدمة من البلدين معًا في حزمة واحدة وتصويت واحد، لكن عددًا من الجمهوريين -بما في ذلك أولئك الذين يدعمون كلا الجهود- رفضوا الفكرة.
وأشار عضو الكونجرس الجمهوري دون بيكون من نبراسكا، لشبكة "إن بي سي نيوز": "هناك حاجة إلى كليهما، لا أريد ربط أحدهما بالآخر، أنا أؤيد كليهما، لكن احتجاز أحدهما كرهينة للآخر لن يكون صحيحًا".
وأوضح تاما أن الفشل في تقديم دعم متسق لكلا البلدين قد يكون مكلفًا لمكانة أمريكا داخل المجتمع الدولي، وأشار خبير السياسة الدولية، إلى إن استجابة الولايات المتحدة لهذه المواقف يمكن أن تشكل التصورات "لبعض الوقت في المستقبل"، لأن الدول تراقب كيفية استجابة أمريكا للأزمات للتنبؤ بكيفية استجابتها في المستقبل.
وقال تاما إنه إذا تمكنت الدول الأخرى من الوثوق بالولايات المتحدة كشريك، فمن غير المرجح أن تسعى إلى إقامة تحالفات في أماكن أخرى. وبالمثل، إذا لم تتحرك الولايات المتحدة، فإن خصومها لديهم سبب للاعتقاد بأن البلاد قد لا تحاول التحقق من قراراتهم في المستقبل، موضحًا أن الطريقة التي تتعامل بها الصين مع مطالبتها بتايوان يمكن أن تتأثر بالطريقة التي تتعامل بها أمريكا مع التعدي الروسي على أوكرانيا.
تأثير دولي
وقال مايكل أوهانلون، وهو زميل بارز ومدير أبحاث السياسة الخارجية في معهد بروكينجز، لصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، إنه من المرجح أن يكون للخلل الوظيفي المحيط برئاسة البرلمان تأثير دولي، إذا لم يؤثر الأمر على قدرة أمريكا على الاستجابة للجهود في الخارج.
وأضاف أوهانلون: "أعتقد أن السؤال الرئيسي الآن هو ما إذا كان الجمهوريون في "ماجا"- تيار دعم الرئيس السابق دونالد ترامب- وآخرون سيقطعون التمويل عن أوكرانيا، هذه هي أكبر قضية مطروحة على الطاولة ولها أكبر التداعيات المحتملة على الصراع المستمر وعلى الإحساس بالدور الأكبر لأمريكا في العالم".