ذكرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، أن الجدار الحديدي عالي التقنية، الذي تم تشييده بين قطاع غزة وإسرائيل بين عامي 2014 و2021 بتكلفة مذهلة، بدا هشًا للغاية في مواجهة مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية، الذي عبروا الحدود إلى إسرائيل فجر السبت الماضي في عملية غير مسبوقة تاريخيًا، بعد ما هاجمت مجموعات المقاومة معبر بيت حانون الحدودي، وأطلقوا النار أولاً على الجدار الإسمنتي ثم على الجدار الحديدي الذي يبلغ ارتفاعه عدة أمتار، وذلك من أجل إحداث فتحات به، وتم إنشاء ممر في مكان آخر بواسطة جرافة ليتمكن جنود من فصائل المقاومة الفلسطينية من عبور الحاجز حاملين أسلحة هجومية، وذلك بالتزامن مع إطلاق أكثر من 5 آلاف صاروخ على أراضي دولة الاحتلال، ما أربك القبة الحديدية بعددها.
وبحسب الصحيفة، فإن تكلفة بناء الجدار الحديدي تجاوزت مليار دولار، وتطلبت 140 ألف طن من الحديد والصلب. ولطالما كانت دولة الاحتلال منتشية به لأنه يعتبر قمة الابتكار التكنولوجي، لامتلائه بالرادارات وأجهزة الاستشعار وخاصة في أعماق الأرض.
وذكرت صحيفة "لوفيجارو" أن "الجدار الحديدي" المفترض أنه غير قابل للعبور، وتم افتتاحه عام 2021 بعد 3 سنوات من البناء المكلف، وقدمته السلطات على أنه "فريد من نوعه في العالم" بحجج قوية، إذ يتكون من جدار وسياج يبلغ طوله 65 كيلومترًا، وتطلب بناؤه 140 ألف طن من الحديد والصلب، وهو ممول بأكثر من مليار دولار، وهو مليء بالرادارات وأجهزة الاستشعار تصل حتى أعماق الأرض.
كان للجدار قسم خرساني تحت الأرض يبلغ سمكه مترًا واحدًا وربما يصل عمقه إلى عشرات الأمتار. وكان الهدف المعلن هو وقف أي محاولة للتسلل من خلال بناء الأنفاق من قطاع غزة. إلى جانب الأنظمة تم تجهيزها أيضًا بأسلحة يتم التحكم فيها عن بُعد، وقد صرح الجنرال أفيف كوخافي، رئيس الأركان الإسرائيلي في ذلك الوقت، أن الرادار كان جزءًا من "الجدار الحديدي" الذي كان يحيط بجميع جوانب الاستراتيجية الدفاعية للبلاد، بما في ذلك الأرض والجو والبحر.
وتقرر بناء الجدار بعد صراع عام 2014، الذي استمر 52 يومًا وأدى إلى استشهاد أكثر من 2100 فلسطيني و73 قتيلًا إسرائيليًا، وكثيرًا ما تنفذ فصائل المقاومة الفلسطينية غارات قاتلة عبر الأنفاق التي حفرتها تحت الشريط الحدودي، ما جعل سكان المناطق المحيطة بغزة يعيشون في خوف دائم، لتشن إسرائيل عملية "الجرف الصامد" لتدمير أكثر من 32 نفقًا، وفقًا للإعلانات الرسمية.
وصرّح وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني جانتس عام 2021 أن هذا الجدار هو "مشروع مبتكر ومتقدم تكنولوجيا سيمنح المواطنين الإسرائيليين شعورًا بالأمان، ويضم قسمًا في البحر متصل بنظام أسلحة يتم التحكم فيه عن بُعد".
لكن الصحيفة الفرنسية زعمت أنه على الرغم من كل هذه المعدات، إلا أنها لا تزال غير كافية لمنع الناس من عبور الحدود.
وذكرت صحيفة "لوفيجارو" أن قادة إسرائيل ظنوا أنهم وجدوا الحل من خلال إنشاء حدود محكمة الإغلاق بجدار وأسيجة شائكة، فإنهم "اكتشفوا أنه في الواقع خط ماجينو" حسبما يقول مدير مجلة "ذا ناشونال إنترست" جاكوب هايلبرون، في إشارة إلى الخط الذي بنته فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى للتصدي لأي هجوم ألماني، لكنه لم يجد شيئًا بل أدى إلى تراخي فرنسا في تطوير قواتها المدرعة والميكانيكية.