امتلكت جرأة في تقديم تجربة ذاتية لي مع زوجتي وطفلي في الفيلم ولم أكذب في كلمة
تحديات العمل نفسية أكثر منها مادية فمن الصعب أن تعري تفاصيل حياتك
المنصات الرقمية تهدد السينما.. وأخوض ثالث أفلامي الطويلة بـ "كما تودع الطيور أعشاشها"
لم أكن أخطط لدخول فيلمي "حياة" بالمهرجانات وفوجئت بحصوله على 28 جائزة
يستلهم بعض صناع السينما لمحات من حياتهم الشخصية؛ لصياغتها دراميًا في أعمالهم الفنية، وعلى هذا النهج سار المخرج المغربي محمد رؤوف الصباحي في فيلمه "واحة المياه المتجمدة" الذي عرض عالميًا للمرة الأولى في مهرجان القاهرة السينمائي، إذ ينافس الفيلم على جوائز مسابقة أسبوع النقاد الدولية.
حول هذا الفيلم دار حوار المخرج المغربي مع موقع "القاهرة الإخبارية"، كاشفًا أن أشخاص العمل الرئيسة يمثلون زوجته وطفله الصغير، معبرًا عن امتزاج مشاعر الفخر والرهبة داخله وقت عرض الفيلم بالمهرجان وعلى أرض الفراعنة، كما تحدث عن صعوبات العمل النفسية، وكيفية دعم حكومة بلاده للأعمال الفنية، وتطرق إلى الحديث عن ملامح مشروعه السينمائي الجديد.
كيف تقيم تجربة مشاركة فيلمك "واحة المياه المتجمدة" للمرة الأولى عالميًا بمهرجان القاهرة السينمائي، خصوصا أنه كانت هناك بعض الملاحظات النقدية على الفيلم؟
أي شخص في العالم العربي يفتخر بأن يقبل فيلمه للمشاركة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وأنا لا أخرج عن هذه القاعدة وفخور للغاية بأن يكون أول عرض عالمي لفيلمي في أرض الفراعنة، والعرض العالمي الأول لأي صانع فيلم يكون صعبًا، إذ سيطرت عليّ مشاعر الرهبة والخوف مع اكتشاف أول تفاعل للمشاهدين مع العمل، ولا أخفي أن هذه الرهبة تزيد مع عرض الفيلم في مصر.
والحقيقة أنني لم أكن أحلم بأن يعرض فيلمي في القاهرة السينمائي الدولي أكبر مهرجان عربي، والحمد لله الجمهور كان متفاعلًا بشكل كبير، والقاعة كانت ممتلئة مع وجود نقاشات كثيرة عقب عرض الفيلم، بالإضافة إلى أن النقد الموجه للعمل جاء بناءَّ، وأخذت الملاحظات بعين الاعتبار.
هل لديك خطة لتقديم الفيلم في مهرجانات أخرى؟
أقدم الفيلم لكي أتقاسمه مع الشعوب من كل الجنسيات ومختلف أنحاء العالم، والعمل يفقد الصفة التجارية لذا من الصعب توزيعه في دور السينما العادية، وأظن أنه سيشارك في عدة مهرجانات دولية الفترة المقبلة، وجارٍ تجهيز خطة عرضه.
ما الرسالة التي تود تقديمها من خلال الفيلم؟
تتمثل رسالة الفيلم في إعلاء مشاعر الحب، سواء الحب الإلهي، أو حب العائلة والآخر، وأن يكون الشخص كريمًا في مشاعره، فالفيلم به روح من عالم الصوفية، والشخصية الأساسية به لرجل متصوف يجد متنفسه الوحيد في طقوسه التي يمارسها ليواجه ضغوط الحياة.
هل الفيلم يمثل تجربة خاصة لك؟
الفيلم يمثل تجربة ذاتية لي بشكل شخصي، فجزء من أحداثه واقعية وجزء منها خيال، إذ رافقتني فكرة العمل لفترة طويلة وأقدم فيها تجربتي الحياتية، واستغرقت في التحضير له عامين بينما بلغت مدة التصوير 4 أسابيع.
بما أن أحداث الفيلم تجربة خاصة لك.. ما الشخوص الواقعية في العمل وماذا تمثل لك؟
الأشخاص الرئيسية في الفيلم هي الزوج والزوجة والابن الصغير، وتغير الحياة بعد الولادة الأولى للطفل وكيف يمكن أن تؤثر على علاقة حب بين زوجين كانت أهم شيء في الحياة.
والأشخاص الواقعية هي أنا وزوجتي وطفلي الصغير، فالفيلم يمثل تجربة نصف حياتيه حيث توجد بعض الأحداث المختلفة عما عشناها في الواقع ولكن العلاقة بيننا وما تمثله من التكامل والتضاد والتنافر والغيرة من ولادة الطفل لأنه أخذ مكاني فهذا كله مررت به في الواقع.
بينما كان الجزء الخاص بتحديات المرض خلال الأحداث في الفيلم مجرد إضافة درامية غير واقعية.
وما الذي دفعك لتقديم جزء من حياتك في فيلم سينمائي؟
أعتقد أن السينمائي كما يحكي ويمتع المشاهدين بأعماله فمن حقه أيضا أن يحكي عن ذاته ويتقاسمها مع المتلقي.
ما الصعوبات التي واجهتها في الفيلم؟
الصعوبات كانت نفسية لأنه من الصعب أن يعري المرء تفاصيل حياته، لكن من ناحية التمويل لم تظهر أي عراقيل، فدولة المغرب تعطي للصناع ثلثي ميزانية الفيلم، فإذا كان لدى صانع السينما ثلثي الميزانية لن تكون هناك مشكلة في العمل، فالدولة تساعدنا على تصوير أفلامنا حتى الانتهاء منها.
لنتحدث عن الصعوبات النفسية، كيف تغلبت عليها؟
أستطيع أن أقول إنني تمسكت بسلاح الجرأة لفعل ذلك، وتجنبت الكذب فيما أقدمه، ولو فعلت كان الجمهور سيشعر بهذا الأمر حتما.
لهذه الدرجة كان الفيلم صادقا؟
نعم ولم أكذب في كلمة واحدة، وكل ما شعرت به أخرجته بالعمل، مع إضافة بعض المواقف الدرامية لخلق أحداث وذروة، فهناك تكنيك كتابة يجب اتباعه لكي نقدم فيلمًا سينمائيًا.
حصلت على جوائز دولية عن فيلمك الأول "حياتي" فحدثنا عن ذلك؟
نعم، ولكن جاء ذلك بالصدفة وعلى عكس ما توقعت، إذ لم أكن أقصد تقديم فيلمي للمهرجانات وفوجئت بأنه شارك في 54 مهرجانًا وحصل على 28 جائزة وعندما عرض بدور السينما استمر أكثر من 16 أسبوعًا، فهو فيلم تجاري وعلى غير المتوقع أن يشارك في المهرجانات ويحصل على جوائز، فالفيلم كان يضم نجومًا مشاهير حوالي أكثر من 30 ممثلًا، ويرصد سفر فريق كورال داخل حافلة من شمال المغرب إلى جنوبه ويضم أحداثًا جميلة وحزينة، ونجح العمل في تحقيق معادلة صعبة تتمثل في النجاح التجاري من شباك التذاكر والحصول على جوائز في مهرجانات.
ما المشروع الذي تتمنى تقديمه؟
ببساطه، هو المشروع الذي لم أقدمه بعد، فبمجرد أن أنتهي من عمل تجذبني فكرة أخرى أنغمس فيها.
وماذا عن مشروعك الجديد؟
أحضر فيلمًا سينمائيًا بعنوان "كما تودع الطير أعشاشها"، يتحدث عن آخر شهرين في حياة رجل مسن يصارع المرض، ويكتشف أن هذه الفترة لم تكن آخر أيامه، وانتهيت من كتابة الفيلم وفي انتظار تصويره.
من اللافت للنظر أن أعمالك الأخيرة من تأليفك، هل نستطيع القول إنك تؤمن بسينما المؤلف؟
نعم أفضل أن أقدم أعمالًا من تأليفي في السينما فقط، لكن في الدراما التليفزيونية لا أكتب المسلسلات التي أخرجها، لأن عدد الحلقات تمثل ضغطًا كبيرًا، وتحتاج إلى نفس طويل، لذا كما يقولون أترك الشغل لأصحابه.
وماذا عن دخولك عالم المنصات الإلكترونية؟
كان ذلك من خلال فيلمي الأول "حياة"، وأنا أخاف على السينما من المنصات فطقوس المشاهدة في قاعة دور العرض مهددة بدخول المنصات الرقمية، وأنا متحيز للسينما، وكذلك للدراما التليفزيونية أيضًا ولا أحاول أن أقدم دراما عميقة في التليفزيون لا يفهمها الجد والجدة.
ما السبب وراء عدم تحقيق السينما والدراما المغربية حضورًا في المشهد المصري؟
اللهجة المغربية هي الأساس، لأنها صعبة، كما أظن أنه خطأ مشترك بين المغاربة والمصريين، فمثلا قديما كان من الصعب فهم المسلسلات الخليجية والسورية ولكن مع تكرارها وانتشارها أصبحت مفهومه.
لكن بعض نجوم المغرب شاركوا في الدراما المصرية مثل الفنان المغربي محمد مفتاح، لماذا لم تفكر في السير على هذا النهج؟
النجم محمد مفتاح فنان عربي كبير له شعبيته، وبالطبع أتمنى أن أقدم عملًا مع النجوم المصريين ولكن ميزانية الأعمال المصرية أكبر بكثير من ميزانيتنا في المغرب، ولا توجد وجه مقارنة بينها، ولكن بشكل صريح، إذا سنحت لي الفرصة للعمل على إنتاج فني مشترك بين مصر والمغرب أفضل أن يكون في التليفزيون فهو يخدم النجوم المغاربة ويحقق لهم الانتشار لأنهم كفاءات تستحق ذلك الأمر.