الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

هدر الطعام في بريطانيا.. خطوة للخلف تواجهها انتقادات لاذعة

  • مشاركة :
post-title
اطنان من بقايا الطعام غير المعاد تدويرها في مكب نفايات بالممكلة المتحدة - ارشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

أثارت قرارات الحكومة البريطانية الأخيرة بشأن إلغاء سياسات تقليل هدر الطعام جدلاً واسعًا، إذ تواجه انتقادات حادة من قِبل نشطاء البيئة والمناخ. يقول النشطاء إن هذه السياسات كانت لها القدرة على خفض أسعار المواد الغذائية والمساهمة في معالجة أزمة المناخ المستمرة.

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن السياسات كانت تتطلب من الشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم الإبلاغ الإلزامي عن نفايات الطعام في إنجلترا. وتشير دراسة أجرتها مجموعة الحملات البيئية "فيدباك" إلى أن تنفيذ هذه السياسات سيؤدي إلى انخفاض طفيف بنسبة 1٪ فقط في هدر الطعام، ويمكن أن توفر الشركات ملايين الجنيهات الإسترلينية سنويًا.

وبحسب ما أشارت "الجارديان" كانت السياسة ستجعل الإبلاغ عن نفايات الطعام للشركات الكبيرة والمتوسطة الحجم في إنجلترا إلزاميًا. وفقًا لبحث أجرته مجموعة الحملات البيئية "فيدباك"، فإنه إذا تمت تنفيذ هذه السياسة كانت ستؤدي إلى انخفاض بنسبة 1٪ فقط في هدر الطعام، فإن شركات الأغذية ستوفر ما يقدر بنحو 24.4 مليون جنيه إسترليني سنويًا.

توفير الملايين ومساعدة الأسر المتعثرة

من جانبه أكد مارتن بومان، كبير مديري السياسات والحملات في "فيدباك"، إن هذا كان "هدفًا يمكن تحقيقه على الفور" مشيرا إلى أنه "من شأنه تعويض تكاليف القياس وإعداد التقارير، وتوفير ملايين الجنيهات، ومساعدة الأسر المتعثرة عن طريق خفض تضخم الغذاء".

أما نشطاء المناخ فأكدوا أن قرار وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية بالتراجع عن التشريع قد يؤدي أيضًا إلى تفاقم التحديات البيئية.

هدر الطعام يؤثر على البيئة

وقال جيمي كرامي، الشريك المؤسس لتطبيق "Too Good To Go"، وهو تطبيق يربط العملاء بالأعمال التجارية التي لديها فائض من الطعام غير المباع، لصحيفة الجارديان البريطانية: "تساهم نفايات الطعام بنسبة 10٪ من جميع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، متجاوزة بذلك تأثير صناعة الطيران. نظرًا لأننا نشهد التأثير المدمر لتغير المناخ بشكل مباشر في جميع أنحاء أوروبا هذا الصيف، فإن قرارًا كهذا من وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية يشعر بالإحباط بشكل خاص".

الحكومة تدافع عن قرارها

إلا أن الحكومة دافعت عن هذا القرار، مشيرة إلى أن إلغاء التشريع بتكليف الشركات لتنظيم الإبلاغ عن هدر الطعام يمكن أن يؤدي إلى تضخم الغذاء. وقال متحدث باسم وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية: "النهج التنظيمي الذي نقدر أنه يكلف الشركات نحو 5.3 مليون جنيه إسترليني غير مناسب في المناخ الاقتصادي الحالي، خاصة عندما يتم نقل أي تكاليف إضافية إلى المستهلكين".

وبدلاً من ذلك، اقترحت الوزارة توسيع فريق العمل المتخصص التابع لجمعية "Wrap " الخيرية الممولة من الحكومة لتشجيع الشركات على الإبلاغ طواعية، إلا أن الجمعية أوضحت أن هناك نقصًا "مخيبًا للآمال" في التقارير الطوعية من قِبل الشركات، وأن "الإبلاغ الطوعي المعزز" سيكون أكثر تكلفة من الإبلاغ الإلزامي عن هدر الطعام.

هدر 200 ألف طن من الطعام 

أشارت إحصائية صادرة عن جمعية "وراب" خلال عام 2022 أنه تم إهدار ما يقرب من 200 ألف طن من الطعام في المملكة المتحدة في 2021، أي ما يعادل نحو 476 مليون وجبة مهدرة.

وأكدت الجمعية أن المملكة المتحدة تهدر ما يكفي من الطعام كل عام لملء ملعب ويمبلي ثماني مرات. وفي الوقت نفسه، يكافح ملايين الأشخاص في جميع أنحاء البلاد لتوفير وجبات الطعام لأنفسهم ولأطفالهم.

أجرت الحكومة البريطانية مشاورات حول القانون المقترح خلال صيف 2022، وأيده 99٪ من المشاركين، وكان 79٪ من تجار التجزئة و73٪ من خدمات الضيافة من بين أولئك الذين دعموه.

ومن بين أولئك الذين أعربوا عن خيبة أملهم من إلغاء القانون هم تجار التجزئة، الذي أشاروا إلى إن نشر بيانات هدر الطعام أمر حيوي ويجب أن يكون إلزاميًا إذا أرادت المملكة المتحدة تحقيق هدف التنمية المستدامة لخفض هدر الطعام إلى النصف بحلول عام 2030.

الضرر يقع على المزارعين

بينما قال فيل كارسون، رئيس سياسة المملكة المتحدة في شبكة الزراعة الصديقة للطبيعة، وهي مجموعة تروّج للزراعة المستدامة: "الطبيعة الغامضة للإبلاغ الحالي عن نفايات الطعام تعني أن المزارعين غالبًا ما يتحملون تكاليف نظامنا الغذائي المهدر وغير الفعّال، كان من الممكن أن يلعب الإبلاغ الإلزامي عن هدر الطعام دورًا حيويًا في دعم المزارعين لمراقبة وإدارة هدر الطعام وتحديد الحلول لتقليله، التي من شأنها أن تفيد في النهاية بهوامش الربح".

ليقول المتحدث باسم وزارة البيئة والغذاء والشؤون الريفية: "ما زلنا ملتزمين بمعالجة هدر الطعام، وتوضح استجابتنا لمشاوراتنا الأخيرة أن تعزيز النهج التطوعي للإبلاغ عن هدر الطعام هو تفضيل الحكومة في هذا الوقت".

ويشير الخبراء إلى أن تقليل هدر الطعام له تأثير كبير على البيئة والمناخ، بحسب ما أوضحت الصحيفة البريطانية، إذ يستهلك الطاقة والماء والموارد الأخرى في إنتاج الأطعمة التي تنتهي في النهاية بسلة القمامة. كما يساهم هدر الطعام في زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتلوث البيئة.

بصفة عامة، يتطلب التصدي لأزمة المناخ والحفاظ على البيئة تعاونًا شاملاً من الحكومات والشركات والمجتمعات. يجب تطبيق سياسات فعّالة لتشجيع تقليل هدر الطعام وتحسين إدارة الموارد الغذائية. كما ينبغي تشجيع الابتكار وتطوير التكنولوجيا للمساعدة في تحقيق هذه الأهداف.

على المستوى الفردي، يمكن للأفراد المساهمة أيضًا في تقليل هدر الطعام من خلال تخطيط وشراء الطعام بحكمة، والحفاظ على المنتجات الطازجة، وإعادة التدوير وإعادة استخدام الأطعمة الزائدة.