الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

بيبي ستوكهولم.. مأساة صحية وسجن بحري لطالبي اللجوء في بريطانيا

  • مشاركة :
post-title
سفينة "بيبي ستوكهولم" - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

تواجه سياسة الهجرة البريطانية تحديات مُتعددة ومُعقدة، مع تزايد أعداد طالبي اللجوء، وتأتي قضية سفينة "بيبي ستوكهولم" كأحدث فصول هذه التحديات، تعتبر السفينة، التي تم تحويلها إلى مركز إقامة لطالبي اللجوء، مثار جدل كبير بين الأوساط البريطانية؛ بسبب الظروف الصحية والنفسية التي يواجهها الأشخاص الذين سيعيشون عليها.

تُعد السفينة "بيبي ستوكهولم"، مركبًا ضخمًا بطول 93 مترًا وعرض 27 مترًا ترسو في ميناء بورتلاند جنوب غربي البلاد، ويفترض أن تستوعب ما يصل إلى 500 مُهاجر داخل 222 مقصورة، بحسب ما أشارت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.

تلوث المياه

وفي تطور مُثير للقلق، أثار اكتشاف تلوث مياه السفينة ببكتيريا الليجيونيلا التي تسبب مرض التهاب الرئة الوخيم، سخطًا كبيرًا وتساؤلات عدة، حيث تبين من فحوصات أجريت قبل نقل المهاجرين إلى السفينة، وجود مستويات عالية من هذه البكتيريا في مياه أنابيب السفينة، الأمر الذي استدعى إخلاء السفينة من 39 مهاجرًا كانوا قد نقلوا إليها هذا الأسبوع كإجراء احترازي، وفقًا لصحيفة التليجراف البريطانية.

وبحسب ما أشارت الصحيفة البريطانية، فقد أثارت هذه الأحداث غضب العديد من النواب البريطانيين، الذين وصفوا الوضع بأنه "مثير للسخرية" و"عار". وقد أثيرت تساؤلات حول سبب السماح للمهاجرين بالصعود إلى السفينة قبل الحصول على نتائج الاختبارات البكتيرية، وسبب نقل بعض طالبي اللجوء إلى السفينة، حتى بعد أن تم إبلاغ مسؤولين في وزارة الداخلية بوجود بكتيريا الليجيونيلا على السفينة.

مشاكل استراتيجية الهجرة

كما أن إخلاء السفينة يعني تأخيرًا جديدًا في بدء تشغيلها، بعد التأخيرات السابقة بسبب مخاوف أمنية ومعارضة محلية.

تزامنًا مع هذه الأزمة، تعتبر سفينة "بيبي ستوكهولم" جزءًا أساسيًا من جهود الحكومة للحد من تكلفة الإقامة في الفنادق الحكومية التي تصل إلى 6 ملايين جنيه إسترليني يوميًا، غير أن هذه الجهود يبدو أنها قوبلت بمشاكل عديدة، بدءًا من تأخر الإصلاحات، وصولًا إلى الاكتشافات الصحية المثيرة للقلق.

قناة المانش.. باب المهاجرين

من جهة أخرى، تُشير الأرقام إلى أن عدد المهاجرين الذين يعبرون قناة المانش قد تجاوز 100,000 منذ العام 2018. وفي يوم واحد فقط، تم تسجيل رقم قياسي جديد حيث وصل 755 شخصًا على متن 14 قاربًا صغيرًا. هذا التطور القلق يبرز الضغوط المتزايدة على النظام، وكذلك الحاجة إلى أن يتم التعامل مع هذه القضية بطريقة أكثر إنسانية وفعالية، وفقًا لصحيفة الجارديان.

الأزمات النفسية

وفي ظل هذه الظروف، يمكن أن يؤدي الإخفاق في توفير بيئة آمنة وصحية لطالبي اللجوء إلى تفاقم المشاكل النفسية لهؤلاء الأشخاص، إذ رفض العشرات من طالبي اللجوء الانتقال إلى السفينة؛ بسبب ما يُعانونه من صدمات نفسية وخوف شديد من الماء، إذ إن الكثيرين منهم تعرضوا للغرق أو مشاهدة غرق أصدقائهم أثناء رحلة العبور إلى بريطانيا.

ويخشى هؤلاء من الإقامة على متن سفينة في عرض البحر، وقد هددتهم الحكومة بسحب حق الإقامة إذا استمروا في الرفض، لكن المنظمات الحقوقية ترى أن هذا الإجراء لا إنساني ويتعارض مع المواثيق الدولية.

السفينة تشبه السجن

ومن جانبه يرى الرئيس التنفيذي لجمعية "كير فور كاليه"، أن السفينة- التي تحيط بها أسوار معدنية بارتفاع 20 قدمًا، ويتم تأمين نقل المهاجرين عبر بوابتين أمنيتين- تشبه أكثر "سفينة سجن"، بحسب صحيفة التليجراف.

مُضيفًا: "كنا نتحدث مع محامٍ إيراني عن حقوق الإنسان كان سجينًا ذات يوم، وأشار إلى إن احتمال الدخول في السفينة ذات ممرات ضيقة، مع قدرة محدودة على الذهاب إلى المدينة باستخدام حافلات متهالكة تمر عبر نقطتي تفتيش أمنيتين، تشبه إلى حد ما العودة إلى السجن".

وتساءل "أين الوصول إلى الهواء النقي، والقدرة على التجول، والقدرة على الاندماج مع المجتمع؟".

واختتم مسؤول الجمعية الخيرية "إن إيواء أي إنسان في سجن عائم مثل "بيبي ستوكهولم" هو أمر غير إنساني، محاولة القيام بذلك مع هذه المجموعة من الناس أمر قاسٍ بشكل لا يصدق، حتى مجرد تلقي الإشعارات يسبب لهم قدرًا كبيرًا من القلق".

تاريخ أسود

في الفترة الممتدة من 1994 إلى 1998 استخدمت بارجة "بيبي ستوكهولم" في ألمانيا لإيواء المهاجرين والمشردين، كما استخدمتها هولندا عام 2005 لإيواء اللاجئين.

على متن البارجة، سجلت العديد من المشاجرات وحوادث الاغتصاب، كما شهدت عام 2008 حالتي وفاة لشخصين عربيين نتيجة رداءة العناية الصحية المقدمة لهما.