بصمة موسيقية خاصة حققها الموسيقار والمنتج اللبناني أسامة الرحباني، جعلته أحد الأسماء اللامعة في عالم صناعة الموسيقى، ليؤكد أنه لا يحمل اسم الرحبانية فقط، بل امتداد لعائلة تجرعت الموسيقى، وتوارثتها الأجيال، خلق كل منهم طريقه بنفسه لكنهم التقوا جميعا في الحفاظ على النغمة واللحن والتطور الموسيقي الممزوج بالأصالة.
مشروعات عدة خاضها نجل الموسيقار اللبناني منصور الرحباني، إذ مر بمحطات مهمة ومتنوعة خلال مشواره الموسيقي، بدأها بملحن، ليصل اليوم إلى مكتشف للمواهب والتي كان آخرها الفنانة اللبنانية هبة طوجي والتي وصلت برفقته إلى مصر لإحياء حفل غنائي بدار الأوبرا المصرية، والذي كان مقررًا أن تحييه في أكتوبر الماضي، قبل أن يؤجل إلى غدٍ نظرًا لمرورها بظروف صحية.
تأثير مصر عربيًا
"تأثير كبير وواضح أضافته مصر للموسيقار منصور الرحباني، نظرًا لكونها هوليود الشرق وأحد أهم المحطات التي يمر من خلالها أي نجم عربي"، إذ يقول خلال اللقاء الذي أجرته معه الإعلامية دانيا الحسيني، في برنامج "صباح جديد" على "القاهرة الإخبارية": "كان لمصر سيطرة كبيرة في الموسيقى والفن المصري بشكل عام، في بداية الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات، فضلًا عن قوتها الفنية والديمغرافية والتاريخية، إذ لعبت سهولة اللهجة المصرية دورًا في وصولها للجمهور وأثرت في كل الشعوب".
التأثير الكبير الذي أحدثه الفن والموسيقى المصرية طال الأخوين رحباني، إذ يقول أسامة: نشأ منصور وعاصي الرحباني على صوت المطرب الراحل محمد عبدالوهاب، فضلًا عن محبتهما الكبيرة للموسيقار الراحل سيد درويش، إذ كانا يعتبران موسيقاه قريبة من الناس واستطاع حمل هموهم، فيما بادل الموسيقار عبد الوهاب الحب للأخوين الرحباني، لما أحدثاه من طفرة موسيقية، وإدخال التأليف بجانب التوزيع الموسيقي سواء بأغنياتهما أو المسرح الغنائي العربي، بينما اعتبر المطربة فيروز أنها أسهمت بصوتها المميز في نشر اللهجة اللبنانية بالعالم العربي.
ذكريات
حرص أسامة الرحباني على الاستفادة من والده الموسيقار الراحل منصور الرحباني، إذ بدأ العمل معه كمستشار قبل أن ينطلق في عالم الفن والموسيقى بمفرده، قائلًا: "بدأت العمل مع والدي كمستشار له، كنت أعالج وأطور النصوص، ثم عملت معه في التأليف والتوزيع الموسيقي، لأقدم معه العديد من المسرحيات، وكنت مُشرفًا على الأعمال إلى أن حانت الفرصة لتقديم أولى مسرحياتي معه،وهي "وقام في اليوم الثالث"، كما جمعتني معه مسرحية "روميو وجوليت"، واعتبر منصور الرحباني مسرحية "جبران والنبي"، الأهم في مشواره الفني.
وأعلن أسامة الرحباني عزمه إعادة تقديم مسرحيات سابقة لوالده، الذي توفي عام 2009، مشيرًا إلى أنه عقب رحيله قدّم مسرحية "صيف 840" بإنتاج جديد.
هبة طوجي
كيمياء مشتركة وراحة نفسية جمعت بين الثنائي هبة طوجي وأسامة الرحباني، إذ يرجع الأخير أسباب نجاح التعاون بينهما إلى تمتع هبة بمقومات صوتية كبيرة وإمكانات متميزة، وأفكار أوروبية، ويضيف: "أرى أيضًا أن سر نجاحنا سويًا هو العمل الجاد ووجود لغة تفاهم مشتركة، والإيمان بمشروع واحد والثقة وأفكارنا المتشابهة، وأعتبرها من أحسن المطربات، وتتمتع بثقافة عالية، وتنوع وحضور".
يرى أسامة الرحباني أن الموهبة التي تتميز بها هبة طوجي لم تقتصر على الغناء فحسب، لكن قدرتها على التمثيل أيضًا، إذ يؤكد أنها تمتلك مقومات تمثيلية كبيرة الأمر الذي ما ساعدها في الوقوف على خشبة المسرح، قائلًا: "هي ممثلة بارعة وبطلة لمسرحية مهمة، وتتقن الغناء الدرامي، وللأسف هناك إشكالية في الوطن العربي لندرة المطربين الذين يجيدون التمثيل، بينما تمتلك هبة طوجي الموهبتين".
تأثير سلبي
شغلت تقنيات الذكاء الاصطناعي أذهان الكثيرون، فيما وظّفها البعض في العديد من المجالات الفنية، لكنها برزت بشكل كبير في صناعة الموسيقى، لكن كان للموسيقار أسامة الرحباني رأي آخر، إذ اعترض على استخدامها في مجال الموسيقى، مؤكدًا أن لها تأثيرات سلبية، وأن التكنولوجيا الحديثة حرب وهمية بين كل الناس.